أصبح الحديث عن المستقبل و السعي إلى التحديث هدف مؤسسي و ضرورة مجتمعية لا يمكن تجاهلها ، كما لا يمكن أيضاً التعامل معها كسلعة رائجة دون العمل على تحقيقها من خلال نتائج تكون ملموسة و حقيقية على أرض الواقع .
فالتحديث كهدف يفرض أهميته كونه الضمان الوحيد لإنتصارنا في حرب البقاء و التي تخوضها مجتمعاتنا ، في ظل طفرة تشهدها البشرية في كل المجالات و على كافة المستويات ، و في عالم لا تتناطح فيه القوى و حسب و إنما تتناطح فيه الثقافات أيضاً ، و للأسف تُفرض فيه فرضاً ثقافة الأقوى و رؤيته باعتباره المنتصر ، خاصة أن الإنتصار لم يعد بالضرورة عسكرياً .
ففي عالم مفتوح سياسياً و إقتصادياً و علمياً و ثقافياً ، حقق السبق في هذه المجالات إنتصاراً لأمم بدون لجوئها لتدخلات عسكري أو حاجة لجيش ، و بالتالي فإن أي رؤية لمستقبل يتسم بالحداثة لابد و أن يتطلب العمل فيه على كافة تلك المجالات مجتمعة و بنفس التساوي ، لتحقيق نهوض و مستقبل حقيقي للمجتمع ككل و بكامل أفراده .
وأن أي حديث عن المستقبل يتطلب أن نمتلك أدواته ، فإن التخطيط و التنظيم هما من الأدوات الرئيسية لبناء أي رؤية و تحقيقها ، و لكن وحدهما لا يكفيان دون وجود فكر ، و ليس أي فكر .. الذي نحتاجه هنا هو فكر خلاق و مبدع .
فالفكر الخلاق المبدع وحده هو القادر على كسر النمطية و المنهج السائد و بالتالي الخروج بنا جميعاً لمستقبل جديد .
و لأن الفكر لا يمتلكه غير البشر فلا مستقبل بدون العمل على بناء الفرد ، و إن لم يحظى ذلك البناء بأولوية فإنه و بأقل تقدير يجب أن يكون ذلك البناء ساري بنفس التوازي مع العمل على النهوض بكافة المجالات التي تهتم بها الدولة .
يمكن هنا و عند حديثنا عن المستقبل أن نقول بأن العنصر البشري هو المشكلة و هو نفسه الحل ، حيث أن أي تطوير أو تحديث سيبقى مظهري فقط ما لم يكن الفرد هو المستهدف الأول من ذلك التطوير ، فيجب أن يكون هو الاداه و الهدف معاً لضمان الوصول للمستقبل الذي يرجوه الجميع .
فمن جهة يجب رفع مستوى الإدراك و مهارات التفكير لدى الفرد من خلال تنويع السلم العِلمي و العَملي على السواء ، فيرتقي الفرد بفكره و يتسع أفقه و بالتالي نحصل على فرد خلاق مبدع أياً ما كان المجال الذي سيعمل عليه . و من جهة أخرى – و هي شديدة الأهمية .
فإنه يجب أن يشعر الفرد بنتائج إيجابية حقيقية و ملموسة على حياته كشخص لعملية التطوير تلك و التي هو جزء منها ، لأن ذلك هو الضامن الوحيد لتقبله لما هو مستحدث من حوله و بقاءه مشارك فيه ، و هو نفسه الضامن الوحيد لنجاح عملية التطوير و وصولنا جميعاً للمستقبل المرجو و الذي يتسم بالحداثة فعلاً .
1 comment