مصر تطلق قانونا تاريخيا لـ ضبط الفتوى قانون جديد بمصر لتنظيم الفتاوى الشرعية: حماية المجتمع من “الفتاوى الشاذة” وتكريس مرجعية الأزهر تابع تفاصيل القانون على تريندات.
كتب باهر رجب
دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء “قانون رقم 86 لسنة 2025“، بعد نشره بالجريدة الرسمية، ليشكل نقلة تاريخية في تنظيم إصدار الفتاوى الشرعية بمصر. يهدف القانون – الذي يحمل توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي – إلى حماية المجتمع من الفتاوى غير المؤهلة أو المتطرفة، وتكريس دور الأزهر الشريف كمرجعية عليا في هذا المجال الحيوي.
مصر تطلق قانونا تاريخيا لـ ضبط الفتوى
أبرز ملامح القانون:
1. تحديد الجهات المخولة رسميا:
الفتاوى العامة (المتعلقة بقضايا مجتمعية كبرى):
تختصر في “هيئة كبار العلماء بالأزهر“، “مجمع البحوث الإسلامية“، و”دار الإفتاء المصرية“.
الفتاوى الخاصة (قضايا الأفراد):
تضاف إلى الجهات السابقة “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية“، و أئمة وزارة الأوقاف المؤهلين، و”لجان مشتركة” جديدة تنشأ داخل وزارة الأوقاف.
2. شروط صارمة للمفتين:
- ألا يقل العمر عن 30 سنة.
- التخرج من كليات شرعية بجامعة الأزهر.
- سمعة حسنة وخلق قويم (“محمود السيرة، حسن السمعة، معروف بالورع والتقوى”).
- إنتاج علمي معتبر في الفقه.
- اجتياز برامج تدريبية و تأهيلية تضعها “هيئة كبار العلماء” والتصديق عليها من رئيسها.
- منع أي شخص سبق الحكم عليه بعقوبة تأديبية.
الفتاوى الشرعية
3. إنشاء “لجان مشتركة” رقابية:
- تشكل بقرار وزير الأوقاف من ممثلي الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف.
- تخضع لأعلى معايير التأهيل المذكورة أعلاه.
- تحدد أماكن عملها بالتنسيق بين الجهات الثلاث.
مصر تطلق قانونا تاريخيا لـ ضبط الفتوى
4. الأولوية للأزهر في حال التعارض:
تنص المادة (8) بوضوح على أنه في حال تعارض الفتاوى، يرجح رأي “هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف“، مما يعزز مكانتها كمرجعية فقهية عليا.
5. تمييز بين “الفتوى” و”الإرشاد الديني”:
يؤكد القانون (مادة 9) على استمرار دور الأئمة والوعاظ في التوعية الدينية العامة (“الإرشاد الديني“)، شريطة ألا يتجاوزوا ذلك إلى إصدار فتاوى رسمية.
6. ضوابط مشددة على الإعلام ووسائل التواصل:
تلتزم وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي بنشر الفتاوى الصادرة فقط عن الجهات المصرح لها قانونا (مادة 3).
يمنع تنظيم برامج فتاوى أو استضافة “مفتي” إلا من بين المختصين المعتمدين.
يحظر على الحاصلين على ترخيص الإفتاء عبر الوسائل الإعلامية أو التواصل الاجتماعي إلا إذا صرح بذلك صراحة في الترخيص (مادة 4).
7. عقوبات رادعة:
عقوبة مخالفة نشر فتاوى غير مصرح بها: الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، و/أو غرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه (تتضاعف في حالة العوده).
مسؤولية الشخص الاعتباري (كالقنوات أو المواقع) بالتضامن مع الفرد المخالف عن التعويضات.
8. لائحة تنفيذية خلال 6 أشهر:
كلف القانون “هيئة كبار العلماء بالأزهر” (بالتشاور مع وزير الأوقاف ووكيل الأزهر ومفتي الجمهورية) بوضع اللائحة التنفيذية التفصيلية خلال ستة أشهر.
مصر تطلق قانونا تاريخيا لـ ضبط الفتوى
تعليقات وتحليلات:
ينظر للقانون على أنه خطوة حاسمة لـ مواجهة “الفتاوى الشاذة” أو غير المؤهلة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض البرامج الإعلامية، والتي قد تؤدي إلى التضليل أو التفرقة أو تأييد أفكار متطرفة.
يؤسس لـ معايير مهنية وعلمية صارمة لمن يمارسون مهمة الإفتاء، كانت غائبة أو غير واضحة المعالم في السابق.
يرسخ دور مؤسسة الأزهر التاريخي كقلعة للوسطية والاعتدال والمرجعية الدينية المعتمدة في مصر والعالم الإسلامي، ويمنح “هيئة كبار العلماء” صلاحيات رقابية وتنظيمية واسعة.
يفصل بوضوح بين مهمة “الإرشاد الديني” المتاحة لنطاق أوسع من الدعاة، و”الفتوى الشرعية” الملزمة والمقيدة بجهات وشروط محددة.
يأمل المشرعون أن يسهم هذا القانون في “تحقيق الانضباط الإفتائي” (كما ورد في المادة 7)، وحماية المواطنين من الاستغلال أو التضليل باسم الدين، وتعزيز صورة الإسلام الوسطي في مصر التي تتخذ موقفا صارما ضد التطرف الديني. نجاح القانون سيعتمد بشكل كبير على فعالية التطبيق وصرامة الرقابة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل، ووضوح اللائحة التنفيذية المنتظرة.
