بقلم/ إيمان سامي عباس
قطر .. في رسالة رسمية إلى مجلس الأمن، اعتبرت قطر الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قيادات حركة حماس في الدوحة تصعيداً خطيراً واعتداءً إجرامياً جباناً يمس سيادتها ويهدد الأمن الإقليمي. وقد تجاهلت الدوحة السؤال حول مصدر الطائرات التي أغارت على مقر الاجتماع بصواريخ مدمرة، سواء كانت من البحر المتوسط أو الخليج، مكتفية بالتركيز على ضرورة الرد على انتهاك سيادتها. تصريحات الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية، أكدت أن قطر لن تتهاون في الدفاع عن أمنها، ووصفت نتنياهو بأنه لاعب مارق يسعى لإعادة تشكيل المنطقة على مقاس طموحاته، متسائلة إن كان ذلك يشمل الخليج أيضاً.
الأغرب أن الغارة استهدفت وفداً من حماس كان يناقش مقترحاً أمريكياً لإنهاء الحرب في غزة، الأمر الذي كشف استخفاف إسرائيل بالوساطة القطرية – المصرية – الأمريكية، بل ومحاولة نسف جهود السلام من جذورها. ومع ذلك، لم تنجح العملية في قتل قادة الحركة أو تحقيق أهدافها، كما لم تنجح الحرب الإسرائيلية في غزة في فرض معادلات جديدة على الفلسطينيين.
خيارات قطر ورد الفعل العربي المنتظر
رغم الاستفزاز، قررت قطر الاستمرار في وساطتها لإنهاء الحرب، لكنها تمتلك أوراق قوة عديدة أبرزها قاعدة “العديد” الأمريكية وكونها أحد أكبر مصدري الغاز، فضلاً عن قدرتها الإعلامية عبر قناة الجزيرة. هذه الأوراق قد تتحول إلى أدوات ضغط إذا ما تمادت إسرائيل في انتهاكاتها. لكن السؤال الأكبر: هل ستقف قطر وحدها؟ أم يتحرك العرب جماعياً بعد أن تبين أن لا دولة بمنأى عن الضربات الإسرائيلية، من سوريا ولبنان إلى اليمن والعراق، وصولاً إلى قلب الخليج؟
الرسالة واضحة: لا سلام مع حكومة إسرائيلية متطرفة لا تؤمن إلا بالقوة. والمطلوب اليوم تجميد مسار التطبيع على الأقل، وتفعيل اتفاقيات الدفاع العربي المشترك قبل أن تقع ضربة جديدة على دولة عربية أخرى. فقد أثبتت الأحداث أن الولايات المتحدة لا ترى حليفاً حقيقياً سوى إسرائيل، وأن الاتكال على البيت الأبيض مجرد وهم سياسي.
دروس من المواقف الدولية
في المقابل، قدمت إسبانيا نموذجاً مختلفاً بوقف تعاونها العسكري مع إسرائيل وسحب سفيرها، بل وفرض قيود على تصدير السلاح ومرور الطائرات والسفن الإسرائيلية. كما يستعد المؤتمر السعودي – الفرنسي في نيويورك لإعلان دول جديدة اعترافها بدولة فلسطين، ما يمثل نصراً دبلوماسياً مهماً. وهنا يبرز السؤال: إذا كانت أوروبا تتحرك بجدية لوقف العدوان ودعم الفلسطينيين، فماذا عن العرب؟ أليس حريّاً بهم أن يوحدوا الصفوف ويستخدموا أدوات الضغط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية المتاحة بدل الاكتفاء بالبيانات؟
كاتبه المقال إيمان سامي عباس