الرئيسية » المواعظ على الفيسبوك.. وصلة الرحم المذبوحة في البيوت…

المواعظ على الفيسبوك.. وصلة الرحم المذبوحة في البيوت…

by دعاء علي
0 comments

 

كتبت: زينب النجار

في زمن امتلأت فيه الصفحات الافتراضية بالمواعظ، لم يعد من الصعب أن نجد من يكتب يوميًا عن فضل صلة الرحم، وعن عظمة الأقارب، وعن الدعاء للأهل والأصحاب. كلمات منمقة، صور مؤثرة، وأدعية لا تخلو من الحب والوفاء. ولكن، خلف هذه الشاشات، تختبئ حقيقة مغايرة تمامًا؛ حقيقة تكشف زيف الشعارات وتفضح قسوة القلوب.

مفارقة مؤلمة

المفارقة المؤلمة أن كثيرًا ممن يتحدثون عن صلة الأرحام، هم أول من يقطعونها في الواقع، على صفحاتهم الإلكترونية تجد المحبة سيلًا جاريًا، بينما في بيوتهم تسكن الجفوة والخصام. يُكثرون من الدعاء العلني، لكنهم يبخلون بأبسط حقوق القربى، زيارة، كلمة طيبة، حضن لطفل، أو مساندة لمحتاج.

أمثلة كثيرة تدمي القلب

طفل صغير يظل واقفًا بالساعات أمام الشباك، يسأل أمه كل حين هو خالي مش هييجي يزورني؟

بينما خاله يملأ صفحته بمنشورات عن صلة الرحم بركة..

 

أم مريضة تبكي في صمت، لم يطرق بابها أخ أو أخت منذ شهور، بينما يكتب أحدهم على صفحته: الأم جنة الإنسان ورضاها سر السعادة…

 

يتيم يكبر بين جدران الوحدة، يسمع أقاربه يرفعون شعارات “الأقارب سند”، ولا يرى منهم غير التجاهل والخذلان.

 

أطفال يُحرمون من اللعب مع أولاد عمومتهم أو خالاتهم بسبب خلافات الكبار، فينشأون على الكراهية بدل المودة، ويتعلمون أن الدم لا يساوي شيئًا أمام القلوب المريضة.

 

أليست هذه مأساة حقيقية؟! مأساة أن نُحرم أطفالًا أبرياء من دفء العائلة بسبب عناد وكِبر، بينما نملأ الدنيا مواعظ عن الرحمة والحنان.

 

إنها جريمة أخلاقية بامتياز. جريمة تُرتكب بلا دماء، لكنها تُخلّف قلوبًا مكسورة وأرواحًا مجروحة. جريمة أن نرفع شعارات الرحمة على منصات التواصل، بينما نمارس القسوة على أقرب الناس إلينا.

 

صلة الرحم ليست منشورًا ولا صورة ولا دعاءً يُكتب للعرض. صلة الرحم فعل حقيقي: زيارة تُشعر الآخر بالدفء، كلمة تُواسي قلبًا مثقلًا، مشاركة تُثبت أننا سند لا شعار. ومن يكتفي بالمواعظ الإلكترونية يخسر إنسانيته أولًا، ويُحمل وزر أجيال صغيرة تُربى على الغياب والخذلان.

 

في النهاية، قد تخدعنا الكلمات يومًا، لكن الأفعال هي التي تبقى. والتاريخ لا يرحم، والقلوب المجروحة لا تنسى، ورب العدل لا يغفل. فاتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في الأطفال الذين لا ذنب لهم، ولا تجعلوا المواعظ ستارًا يفضحكم بدل أن يستركم.

بقلم الأستاذة/ زينب النجار

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00