الرئيسية » الاستهداف المباشر للحقيقة : ما وراء الإبادة الصحفية الإسرائيلية في غزة

الاستهداف المباشر للحقيقة : ما وراء الإبادة الصحفية الإسرائيلية في غزة

by باهر رجب
0 comments

الكاتب: مصطفى نصار

عندما تتحول الصحافة لمهنة مستهدفة!!: قصة الصحافة المتموجة في فلسطين من ١٩٦٧ حتى طوفان الأقصى.

بعد نكسة 1967 ، حولت إسرائيل الصحافة لمهنة مستهدفة باستمرار . لإنها كانت ما تخفي الكثير من الفظائع الدموية المريرة التي لابد لها أن تكشف . فمنعت الصحافة باعتبارها مهنة من الأساس فأغلقت الصحف. و كذلك القنوات بشكل شبه كامل فيما عدة صحفية القدس و تليفزيون القدس .بالإضافة للصحف العبرية التي افتتحتها و أشرف عليها جنود سابقين .و مجرمين حرب مثل المشرف على صحفيتي هآرتس و يديعوت أحرونت ميخائيل كالمبرنخ مقدمًا سردية. مرممة لصور مؤسسة لسردية المظلومة و الإرهاب الفلسطيني و غيرها من الخرافات المؤسسة لهذا الكيان اللقيط.

فعلى الرغم من ذلك، تمكن العديد من الصحفيين الفلسطينيين من إيصال رسائل وقصة الاحتلال الإسرائيلي للخارج مثل غسان كنفاني المناضل التي تمكنت إسرائيل من اغتياله بمنتهى الخبث العظيم بتفخيخ سيارته في لبنان، وغيره مما عمل في الصحف الإسرائيلية من عرب الداخل المحتل والأستاذة المختصين في التاريخ والمشاهدين للخطط الإبادية آنذاك، فتأسست ما عرف باسم الصحافة المقاومة، وهو ما أكده الباحث الفخري في جامعة لندن كلية الملك روب كيدز بينفولد عندما ناقش فكرة فك الارتباط في عقل شيمون بيريز مؤكدًا أن الصحافة في غزة أثناء النكسة خارجيًا كونت الارتباط الوثيق بالسردية و التذكير الدائم باحتلال فلسطين الوحشي فضلًا عن أجزاء من مصر و الأردن و سورية .

العقلية الإسرائيلية

الإبادة الصحفية فالطمس و الإخفاء متجذر بقوة لدى العقلية الإسرائيلية و الأهم من ذلك الظهور بمظهر القوي الأبي غير قابل للانكسار أو الاهتزاز حتى ، بل و تكثيف التمثيل العسكري كميًا دون التركيز على الكيفية التي تتم بها الأمور ، و لذا فقد عمموا ذلك على كل ذلك بما فيها الصحافة التي حولوها في أثناء النكبة الثانية في عام 1967 و ما بعدها لما أشبه بصحافة الحروب أو بمعنى أدق الصحافة النازية التي لا تمجد و لا تنتقد و لا تؤسس قصة خبرية أو إعلامية من دون الموافقة عليها من الرقيب العسكري الذي كان عمود الخيمة التي يتحكم بمنتهي المرونة و السلسلة في الرسالة فتصبح كالبيان الحربي مثلما أكدت الباحثة الفلسطينية سجود عوايص في سلسلة طويلة من التقارير المعمقة تخص الصحافة الإسرائيلية .

اتفاقية أوسلو

الإبادة الصحفية فبعد عقد أوسلو عام 1985 ، توسعت الصحف و المواقع و القنوات التليفزنوية بافتتاح الهيئة الفلسطينية للإذاعة و التليفزيون 1994 ، و سرعان ما قامت الانتفاضة الأولى عام 1990 ، و استمرت 6 سنوات ما جعلها بؤرة الأخبار العاجلة فدخلتها منافذ الأخبار الدولية و مؤسساته الاستقصائية و الإعلامية تدخل للأراضي المحتلة لتغطية الأخبار الشاملة و العاجلة بانحياز نوعي و جزئي ، و هكذا حتى تلك اللحظات الفارقة انتهج الاحتلال الصهيوني مجموعة قمعية و فاسدة و إقصائية من السياسات الإحلالية لمحو فلسطين و منع التعاطف مع القضية الفلسطينية عن طريق عدة طرق إجرامية و ماكرة شعارها ” الكلمة خطر على دولتنا الحرة ” مثلما قال هيل آكد في مقال له في الغارديان البريطانية يعلنها بصريح العبارة ” أن الصحافة عبارة عن مقاومة مستمرة نابعة من الإيمان بالحرية ” ، فقام بسلسلة من القوانين المعرقلة لوصول للقصة ، و سجن الصحفيين عسكريًا ، مؤيديًا بالغطاء الدولي الداعم له بشكل مطلق .

اغتيال الصحافة

و بالنسبة للشهداء و الإصابات ، فلم يكن مجرد صدفة عابرة أو فكرة مؤقتة أو استثنائية لإن استهداف الصحفيين بالتحديد في الماضي ينم كتهديد محدد و مقصود للفئة التي تواجه بالكلمة و الفكرة الاحتلال الصهيوني ، فلذلك قتل الاحتلال أكثر من 100صحفي في 10سنوات في حروب ممتدة منذ فك الارتباط حتى لحظة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة في عام 2022 ، منتقلة لواد دام آخر مفاده لا نريد غير صحافة الغرب التي تغطي كما نريد ، و حيثما نريد في تشابه الرسالة الاستعمارية المقيتة أن المهنة هي المقصودة و العاملين بها .

فالأمر تحول من رسالة التهديد و قوانيين الردع و الاستهداف المباشر و الاعتقال العسكري لأسماء مثل شيرين أبو عاقلة و نادين دروزي و عماد أبي العون و غيرها لمرحلة الإبادة لإتمام مهمة محو غزة تمامًا ” بصمت و هدوء ” كما أشار الصحفي المخضرم ديفيد هيرست في مقال له عقب استهداف مستشفى ناصر ، و هكذا سارت عدسة و قلم الفلسطينيين من النقطة واحد عودة للنقطة صفر بحرب علنية بلا رتوش تحمل الكره و تنسف روايات بالية مضللة عفا عليها الزمن و أتى الطوفان ليردمها دون رجعة .

الإبادة الصحفية

الإبادة الصحفية

إبادة الصحفيين منذ الشيخ جراح للطوفان : الهدف كاميرا و السترة إرهاب مقنع !!

الإبادة الصحفية حين كان يمارس هتلر المحرقة النازية الأشهر في التاريخ الحديث ، حرص على كتم كل الأصوات المنددة و المعارضة له ليس خوفًا عارضًا فقط من أثر الصحافة لكنها إكمال للصورة المسبقة و النمطية إما لتنسفها أو تبدلها ، أو تجعله بين خيارين ” متناقضين ” تجعله يختار الأكثر ترجيحًا أو الأكثر ” أصالة و صلابة ” بحد تعبير الفيلسوف الهولندي يوهان هويزنجيا في كتاب في ظلال الغد ، معارضًا توجه أوربا كلها تجاه عصر القضاء على الحقيقة ” بصلافة منقطعة النظير ” ، دون علمه أنها ستحقق نبوءته في أراضينا المحتلة من احتلال وقح سافر .

و الحقيقة أن الإبادة للحقيقة منذ شيرين أبو عاقلة يبطل بسهولة عبر تقارير محققة بعناية و دقة مثلما أجري مع مؤسستي الهندسة المعمارية الجنائية المشرف عليها من أستاذ علم الاجتماع العمراني و المهندس إيال وايزمان و الحق الفلسطينية إجراء مسح شامل و إعادة رسمه بالتقنيات الهندسية لتبرر إسرائيل الإبادية كعادتها القذرة الطلقة الغادرة لشيرين بأنها ” أتت بالخطأ و غير مقصود” ، ليسارع تعقيب آخر بعدها لمؤسسة الهندسة المعمارية بإضافة تحليل بصري لاتجاه الطلقة موضحة بكل شيء حتى وضيعة جلوس القناص القاتل ، و كأنها تجزم لإسرائيل الإبادية أنها مجرمة في قيام باتباع نهج جديد في القتل الذي تحول لنوع جديد من الخطة الدائرية و المغلقة للإبادة الصحفية.

أتحسس مسدسي كلما رأيت مثقفُا

و تتصل الممارسات المتبعة سواء في الشيخ جراح أو الإبادة الحالية بنمط توظيف المبدأ النازي لجوبلز ” أتحسس مسدسي كلما رأيت مثقفُا ” لتتحول إلي ” أتحسس رغبتي الإرهابية في القتل كلما أحسست ناقلًا للحقيقة” . و تتعدد الأسباب في ذلك من هدم صورة المستضعف المقهور لتنبي مكانها صورة ” الخطة الإجرامية لاستهداف الصحفيين ” بحد تعبير الصحفية الأمريكية ناهية مديحة في تقرير موسع لشبكة ذي انتريبست تتعقب فيه أساليب الاحتلال لجعل فلسطين كلها مثل المزرعة المغلقة من تهديدات مباشرة لاعتبارهم إرهابين مثلما حدث في حالة أنس الشريف عليه رحمه الله . فضلًا عن خلية الشرعنة المكونة في الجيش الصهيوني ما بعد الطوفان التابعة لوحدة” أركان ” المخابراتية وفقًا لتقرير موسع ليوفال إبراهيم الصحفي الاستقصائي الحائز على جائزة نوبل في الأفلام الوثائقية . مساهمة بذلك في أكبر عملية اغتيال صحفي منذ ” الحرب العالمية الأولى ” بمعدل جنوني يصل ل251 حتى كتابة هذا المقال ، و لا يعلم له حد في التوقف السريع لتلك الإبادة المنفصلة .

الإبادة الصحفية فمثلت تلك الإبادة إجرامًا استثنائيًا في حقيقة الأمر لجعل الترسانة العسكرية الصهيونية تنسف سردية الإرهاب الملاصق بالمقاومة الإسلامية حماس . فكلما ضرب و قصف صحفي يعمل فقط لمبدأه الخاص ألا و هو تغطية الحقيقة بدقة و مهنية . دعمت الشعوب أكثر و زادت احترامًا و تقديرًا في نظر العالم . و جعلت تلك الشعوب نفسها كاميرا غزة و عينها فقط لإن الكيان الصهيوني وضع من ضمن أهدافه عسكريًا سترة صحفي و كاميرا و وضعهم بمنتهى الوحشية ضمن “الإرهابين” بحد تعبير بيان وزارة الخارجية للرد على بيان الأمم المتحدة ليدل على نفسه بأدق وصف و أدل تعبير .

تواطأ بعض المؤسسات الإعلامية

و تزامنًا مع تلك الإبادة المستقلة ، تتواطأ بعض المؤسسات الإعلامية الدولية . بما فيها البي بي سي و ذا إندبديت البريطانية و أسوتشيد برس على الضحايا تحت النيران . من غبن مقصود أو تحيز أعمى جنوني متجسدًا في استقطاع الراتب أو طرد الصحفي أو التخلي عنه. كليًا مثلما حدث مع مريم أبو دقة و معاذ الجريري و ولاء أبو جامع لتتكالب نيران العدو من ناحية . و ظلم المؤسسات المتسمحة ” زورًا ” في شعارات المهنية و الحقيقة و المصداقية ليصعد سؤال ملح مفاده ” من الصحفي في فلسطين ؟؟” و يأتي الجواب على لسان نتنياهو نفسه ” هو الإرهابي الذي يصدر إسرائيل إرهابية ” وسط فشل كبير و تعرية كاملة للسردية “الإرهابية ” .

فشل حتمي لسياسة فاشية : النصر العزيز للحقيقة العادلة يقيني.

في كتابه استعمار ميت . يسلط الكاتب و المفكر الفرنسي فرانز فانون على السبب الأساسي لاغتيال الصحفيين. في غزة عبر تطابق مدهش في السياسات الفاشية بينه و بين الاستعمار الفرنسي . و الإنجليزي كذلك ، مشتملًا على ازياد مستويات العنف البربري و الوحشية التي تستهدف عادة ” الأطراف الأضعف . أو ما يمتلك الوعي المغير ” . و هذا الوعي المجسد في الصحافة الغزية تحديدًا تحت الإبادة خاصة . دون أن يحقق أي تقدم حقيقي غير في أحلام اليقظة .

تاريخ الاستعمار

فبشكل عام في التاريخ السياسي للاستعمار . كما يؤكد الفيلسوف الداعم لحركات التحرر . إيمي سيزيز في كتابه خطاب ضد الاستعمار . أن المعادلة الحتمية لوفاة من ينقل أو يحاول أن يؤرخ للحقبة المميتة في حياة الشعب. الذي تم التنكيل به تفسر الإفلاس الجنوني و ” عدم قدرته المؤكدة على مواكبة. ” السردية العادلة و الحقيقة الواضحة غير بالوسائل الإحلالية المفنية للحقيقة ذاتها دون جدوى حقيقة!!

فرحمة الله على 251 صحفيًا استشهد غدرًا بأبشع الطرق المتخيلة في العصر الحديث . و المؤكد أن رسالة التغطية الخاصة بهم لن تنقطع أبدا و إلا فكيف تحررت بقية الأمم المستعمرة تحت وطأة السلاح و الاستعمارات البائسة التي أقامت معادلة انتحارية مكنونها ” إبادة الحقيقة وإعادة رسمها ممكنة. “حتى و لو في ظل الجرائم المركبة و الفظائع المشينة و الخيارات المنحطة دائمًا بالقتل و القصف و الحرق . ما يعجل باقتراب نهايته المدوية لإن كلما توحش الاحتلال الصهيوني في نسف الحقيقة . ” تجلت واضحة كالشمس ” بتعبير الصحفي رمزي بارود . أي بعبارة أخرى يستحيل على الاحتلال الإسرائيلي محوها غزة و الضفة الغربية عن العالم خطابيًا و إعلاميًا .

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00