إنذار بسينايورهات حروب شاملة …دلالات اغتيال إسماعيل هنية(١)
تفاصيل عملية اغتيال تنذر بحرب إقليمية .
في يوم الأربعاء الماضي ٣٠ يوليو ، هبط اسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران ليحضر مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان ، ليكون آخر يوم له هو الخميس في فندق و قاعة خاصة بالتحف و الآثار هو و حارسه الشخصي وسام أبي شعبان ، تاركين أصابع الاتهام تتوجه تلقائيًا نحو إسرائيل.
بقلم / مصطفى نصار
و نشرت نيويورك تايمز و أكسيوس تقريرين يوحيان بالنبرة الموجهة و التوجه المقصود لتوجيه الحجة نحو أن إيران مخترقة من زمرة من الجواسيس ،لرسم صورة ذهنية لدى قيادات المقاومة ، على الأغلب ، لفقد الثقة في الحليف الوحيد للمقاومة في المنطقة العربية . أي اعتمادهم و استنادهم على شهادات من خبراء مجهولين كفيل بدخول التقريرين ضمن منطق التكنهات و التخمينات .
أقرأ ايضا:تحذير .. هذا البرج معرض لمواجهة تحديا مهنية
و يثير التوقيت حرجًا لدى الغرب و الأمريكان خاصة ، لإنها أتت عقب اغتيال المستشار العسكري لحزب الله في الضاحية الجنوبية ببيروت فؤاد شكر، لتقوم إسرائيل المحتلة بأغبى و أحمق قرار في تاريخها منذ قيامها على جثث الفلسطينين في عام ١٩٤٨، و خاصة أنها لم تأت بتنسيق مع الأمريكان للقيام بحجم العملية لاغتيال شخصية بقيمة و رمزية هنية ، لينقلب السحر على الساحر و تضحى قفزة هوجاء تنذر بكارثة عليهم لن تفيدهم الحلول السياسية و لا الدبلوماسية فيها .
و ما يؤكد اضطلاع إسرائيل في عملية الاغتيال أن المكان الذي أقام به هنية مشهور و مكشوف على هضبة مرتفعة مما يسهل على الصواريخ اختراقه ، و هو ما رحجه خالد القدومي عضو المكتب بإيران في حديثه مع صحفية العربي الجديد ، لتنتهي مسيرة رجل فارس قدم ما عليه و ما له بمثالية و جدارة قلما وجدت في دبلوماسي هادي و رزين مثله .
و ما أثار لعاب إسرائيل عليه بالذات فشلها في تحقيق أي انتصار داخلي على حماس داخليًا وسط تفتت و تفكك مجتمعي يعتبر الأحد و الأكبر منذ ٥٠ عامًا على الأقل أي انتصار أكتوبر عام ١٩٧٣ ،فنقلت الاغتيال للخارج لحفظ ماء وجهها و توحيد الشعب الصهيوني تحت راية المواجهة ضد إيران و حلفائها . لذا يأتي الاغتيال كنصر عسكري و سياسي واجهه المحللين الصهاينة أنفسهم باستهجان و هجوم حاد كعاموس هارئيل الذي أشار بوضوح أن الاغتيال ليس علامة على نصر ، و لن ينهي الحرب لصالح إسرائيل.
مسيرة هادئة من أسرة صوفية …طفولة هنية ونشاته البطولية
ولد إسماعيل عبد السلام أحمد هنية لعائلة نازحة لمخيم الشاطئ في ٦ يناير ١٩٥٦ ، بعد نزوحها من عسقلان لأب يعمل شيخًا و مؤذنُا لمسجد المخيم ، و رزقه على كبر بإسماعيل . و من مظاهر فرحته و انتظاره العارم و المشوق له أنه شكر الله بدعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام”الحمد لله الذي رزقني على الكبر بإسماعيل “.
و نشأ اسماعيل نشأة دينية كأغلب جيله في هذا التوقيت تحت الاحتلال الإسرائيلي و دخل مدارس غوث اللاجئين (الأونروا)، و حفظ القرآن و أتمه في سن مبكر ١٠ سنوات على يد الشيخ موسى غبن . و صار خطيبًا في السابعة عشرة من عمره حين تعب الشيخ موسى غبن ، و أصبح بعدها الخطيب الشرعي للمسجد من بعده ، و أصغر خطباء غزة حينها .
و بعد إنهائه للدراسة الثانوية في معهد فلسطين الأزهري ، دخل الجامعة الإسلامية في غزة ، و التحق بالحركة الطلابية الإسلامية أو جماعة الإخوان المسلمين في فرعها الملحق في فلسطين، لينهي جامعته على الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام ١٩٨٧ ، و من ثم السجن و الاعتقال ليقابل الشيخ و المؤسس الشهيد أحمد ياسين و صلاح شحادة .
هنية المقاوم و الدبلوماسي المتزن …من السجن لرئاسة الوزراء الفلسطينية.
دخل هنية السجن و تقابل مع الشيخين أحمد ياسين و صلاح شحادة لينضم بعدها لحماس و يصبح من الطلائع الأولية للحركة ، و خرج بعدها في عام ١٩٩١ ،ليمكث بعدها ٤ شهور و يسجن مجددَا ، و ينفي بعد تحريره الأخير في ١٩٩٣ لمرج الزهور برفقة ٤٥١ قائد في لبنان ليعود بعدها بعام بعدما استبدل الاحتلال بآخر محلي الصنع ، و هي السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات.
للمزيد من موضوعاتنا:الحاكم الفعلي والقاتل البطيء للبلاد .. صندوق النقد هدامًا للدول
في ذلك الوقت، تعرض هنية لأكبر عملية تشكيك و تشويه لحين دفاعه الرائع عن دخول حماس معارك السياسة في عام ١٩٩٣ ، بعدما أصبح من أخص تلاميذ الشيخ أحمد ياسين، و عينه بعدها الشيخ بعد الانتفاضة الثانية مستشاره و كاتم أسراره الشخصي . و لذا حظي هنية بمكانة و رمزية متميزة جعلت من فوزه برئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني أمرًا حتميًا بعد انتخابات ٢٠٠٦ الذي انتهت بانتخاب حماس للسلطة في غزة .
و تعرض هنية في ذلك الوقت لمحاولة اغتيال في عام ٢٠٠٣ ، عند عودته مع الشيخ أحمد ياسين من صلاة الفجر، و المحاولة الثانية عند معبر رفح البري على الحدود المصرية في عام ٢٠٠٩ ، و الثلاثة المتبقية كانت في مخيم الشاطئ . لتحقق المحاولة السادسة أمانيه الشخصية بالشهادة التي لا ينالها إلا الرجال المخلصين لله و المؤمنين .