كتبت/ نور أحمد صفوان
في العصر الرقمي الحالي، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، خصوصًا بالنسبة إلى الشباب الذين يستخدمونها للتعبير عن أنفسهم وبناء شبكات اجتماعية. ولكن مع هذه الفرص، ظهر تحدٍّ جديد يُعرف بالتنمر الإلكتروني، والذي يتسبب في آثار نفسية واجتماعية عميقة قد تؤثر على مستقبل الشباب ومفهومهم للذات.
مفهوم التنمر الإلكتروني
يُعرّف التنمر الإلكتروني على أنه استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية بشكل سلبي لاستهداف الأفراد، من خلال نشر تعليقات مسيئة، إشاعات، أو مشاركة صور محرجة دون إذن. هذا النوع من التنمر يتميز بقدرته على الوصول إلى الضحية في أي وقت، مما يجعله مختلفًا عن التنمر التقليدي الذي يحدث غالبًا في المدرسة أو في مواقف معينة. التنمر الإلكتروني يزيد من صعوبة التحكم في الوضع، حيث تنتشر الإهانات بسرعة بين أعداد كبيرة من الناس.
تأثير التنمر الإلكتروني على الصحة النفسية
للتنمر الإلكتروني آثار مدمرة على الصحة النفسية للشباب. إذ أشارت دراسات حديثة إلى أن ضحايا التنمر الإلكتروني يعانون من القلق، الاكتئاب، وانخفاض تقدير الذات، وقد يصل بهم الحال إلى العزلة الاجتماعية وحتى التفكير في إيذاء النفس. يتسبب هذا النوع من التنمر في خلق مشاعر متضاربة لدى الشباب، ما بين الرغبة في الانعزال أو الشعور بالعار من مواجهة المجتمع.
التنمر ظاهرة قبيحة تؤثر سلبياً على المجتمعات
إضافةً إلى ذلك، يتسم التنمر الإلكتروني بالاستمرارية، حيث يتعرض الشباب المتضررون لهذا السلوك طوال اليوم، مما يضاعف من الأثر النفسي ويجعلهم يعيشون في حالة من التوتر المستمر. هذا الضغط يؤثر على الأداء الدراسي والاجتماعي للشباب، ويؤدي إلى انخفاض واضح في تفاعلهم مع الأنشطة اليومية.
متلازمة توريت.. قصص أشخاص قرروا إنهاء حياتهم بسبب التنمر
الدور الاجتماعي في مكافحة التنمر الإلكتروني
تُعتبر التوعية من أهم أسلحة مواجهة هذه الظاهرة. حيث يلعب الأهل والمعلمون والمجتمع دورًا أساسيًا في تثقيف الشباب حول الاستخدام الآمن للإنترنت وكيفية حماية أنفسهم من هذا النوع من التنمر. كما أن تعزيز مهارات التواصل والوعي الاجتماعي لدى الشباب يمكن أن يسهم في تطوير ثقافة الاحترام المتبادل.
علاوة على ذلك، يمكن للمنصات الرقمية نفسها أن تساهم في الحد من التنمر الإلكتروني، من خلال تطبيق سياسات صارمة ضد المحتوى المسيء، وإتاحة أدوات تسمح للمستخدمين بالإبلاغ عن أي سلوك مؤذٍ. كما يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتعرف على التعليقات المسيئة واتخاذ إجراءات فورية لحذفها.
في النهاية، يُعتبر التنمر الإلكتروني من أخطر التحديات التي يواجهها الشباب في العصر الرقمي. ويتطلب من الجميع، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، التعاون من أجل بناء بيئة رقمية آمنة وداعمة، بحيث يتمكن الشباب من التعبير عن أنفسهم بحرية دون خوف من الأذى النفسي.