الدعم النفسي و المجتمعي لأصحاب الاضطرابات النفسية والسلوكية مسؤولية و ليست رفاهية
بقلم : نسرين معتوق
مما لا شك فيه فإن مواجهة فرد من أفراد الأسرة الواحدة لمشكلة ما يضع الأسرة كلها في مواجهة نفس تلك المشكلة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
و ستختلف درجة حدة تلك المواجهة طبقاً لنوع المشكلة و بحسب التصنيف الذي يمكن أن يصنف به انتماء تلك الأسرة بيئياً و إجتماعياً و تعليمياً و كذلك ثقافياً أيضاً ..
و عليه تَخلق المشكلة واقع جديد يشكل تحديات و أعباء – و قد تكون صعوبات – غير إعتيادية تضاف إلى الصعوبات الحياتية العادية التي تواجهها أي أسرة مماثلة لها و لكن في ظروف عادية .
فماذا لو كان من يواجه المشكلة هو طفل و أن تكون تلك المشكلة إعاقة و أنها ستكون مزمنة ؟
و هنا لا أقصد الإعاقة بمعناها الشائع ( الإعاقة الجسدية بالتحديد ) و لكن أقصد هنا الإعاقة بمعناها الواسع و هو كل ما يمكن أن يعيق الفرد عن ممارسة حياته و مهامة بصورة عادية ..
و عليه يدخل تحت ذلك المفهوم الإصابات الجسدية و الأمراض العقلية و الاضطرابات النفسية ، و أياً ما كانت مسببات كل ما سبق جميعاً .
بادئ ذي بدء يشكل وجود فرد – و بالأخص لو كان طفل – سيعاني من مشكلة مزمنة أو بأقل تقدير ستكون زمنياً طويلة صدمة شديدة للأهل ، خاصة و أن كان الوضع المستقبلي يبدو صعب و مجهول ..
و من هنا تأتي أهمية الدعم النفسي لأسر هؤلاء الأفراد ، لا لأن دعمهم مسؤولية مجتمعية و أخلاقية واجبة فقط و لكن أيضاً لأن جزء ليس بيسير من العلاج و التأهيل للفرد صاحب المشكلة يقع على عاتق تلك الأسر و على مدى وعيهم و إيجابية تعاونهم .
= الدعم النفسي داخل المجتمعات المتقدمة والمجتمعات الأخرى الأقل تقدماً :
بالرغم من أن الفروق بين الدعم المقدم للأفراد الذين يعانون من مشكلات أو اضطرابات ما داخل المجتمعات المتقدمة و نظريتها تلك في المجتمعات التي توصف بأنها أقل تقدماً تبدو كبيرة من حيث عدد المراكز التي تقدم الخدمة و إمكانياتها ، إلا أن معدلات الرفض والإنكار داخل تلك الأسر التي تعاني المشكلات تبدو متقاربة ، بما في ذلك للأسف معدلات الإنتحار و جرائم أخرى مرتبطة بنفس المشكلة .
مع الأخذ في الاعتبار بأنه لا توجد إحصائيات دقيقة لرصد تلك النوعية من الجرائم في مجتمعاتنا .
مفهوم الدعم النفسي :
هو أن تقدم مجموعة من الأفكار الإيجابية و الإبداعية أو الملهمة لشخص يعاني من الأفكار المشوشة أو السلبية نتيجة لوقوعه تحت ضغط ما أو واقع هو غير قادر على تغيره ، بحيث تؤدي به لسلوك أكثر تكيفاً مع الواقع المرفوض .
لأن وظيفة الدعم ليست أن يقوم بتغيير الواقع من أجل الشخص و إنما هو يعمل على تغيير ردود فعل الشخص إتجاه الواقع المرفوض أو السلبي بالنسبة له .
الدور المجتمعي في الدعم النفسي :
و هنا يلعب الوعي دور مهم جداً إبتداء من الطبيب المشخص الذي لا يجب أن ينحصر دوره في التشخيص و العلاج فقط ، بل يجب أن يتخطى ليكون الإرشاد جزء مهم من خطته العلاجية ، من خلال التعريف بمراكز الدعم النفسي و أهمية الخدمة التي تقدمها و مروراً بالمعلم ( إن كان صاحب المشكلة طفل أو شاب ) بما له من دور تربوي قبل أن يكون له دور تعليمي و إنتهاء بالعائلة التي يجب أن تتحرك بوعي و من خلال المساحة المتاحة لها .
مهارات يجب أن تتوفر في مقدم الدعم النفسي للآخرين :
– يجب أن يكون مقدم الدعم النفسي مستمع جيد و مهتم .. و أن يمتلك القدرة من بعد الإستماع الجيد على التحليل بحيث يستوضح كل ما هو مرتبط بالمشكلة ثم يعيد الصياغة مع تفهم مشاعر الشخص صاحب المشكلة و أخيراً بأن يتمتع بالقدرة على التلخيص لكل ما أستمع إليه .
– يجب أن يتعرف مقدم الدعم على إحتياجات الشخص الذي أمامه .
– أن يستطيع التقييم بحيث يفرق ما إذا كان الشخص الذي أمامه هو مضغوط نفسياً و بالتالي يحتاج للتفريغ النفسي فقط ، أم أنه في حاجة لطبيب نفسي متخصص و هذا الأحتياج لا يتقدمه عن الدعم .
– إنتهاءاً يجب أن يكون مقدم الدعم نفسه قادر على وقاية نفسه من الاحتراق النفسي بحيث يتمتع بالمرونة الكافية أمام المشكلات و الضغوطات الحياتية سواء الخاص أو التي يستمع لها من الأخرين و لا يغرق فيها .