السينما والأقنعة وأفلام الرعب.. الرسالة والهدف وطرق الاستخدام والتأثير على المشاهد ؟!
بقلم: سمر الفيومي
للقناع أهمية كبيرة في تجسيد بعض الأفكار وتركيز الفكرة أو إيصالها بشكل أعمق في السينما، بل هناك بعض الأقنعة اكتسبت شهرة كبيرة تخطت شهرة مرتدي القناع نفسه، سواء كان نجم معروف أو مجرد ممثل لم ينل حظه من الشهرة، بل اقتنصها القناع منه.
نحتاج أن نعرف كيف اكتسبت الأقنعة تلك الأهمية و لماذا تلجأ بعض الأفلام لاستخدامها.
أفلام الرعب
وبعيداً عن شهرة الأقنعة السينمائية كانت أو التاريخية أو أي كان توظيف استخدامها، فبالطبع ارتداء الأقنعة غير قاصر أبدا على السينما بل له استخدامات عديدة.
لكنني أود تسليط الضوء على الفن و تأثير القناع على المتلقي من المشاهدين.
مثلما يحدث في أفلام الرعب ويكون القناع مستخدم بطريقتين، إما أنه هو البطل الأساسي للأحداث مثلما حدث في أفلام الرعب مثل the Friday 13th، Halloween أو فيلم v for Vendetta.
حيث كان القناع جزء لا يتجزأ من شخصية البطل أو القاتل ولا تعرف وجه المؤدي أو الممثل فالقناع كان متصدرا للصورة بشكل كامل، وحتى بعدما عرفنا الآن هوياتهم الحقيقة بمجرد ذكر أسماء الأفلام يتبادر في ذهنك القناع وليس من يرتديه.
وهناك أفلام كان دور القناع مناصفة مع مرتديه حيث يكون البطل مقنعا في بعض المشاهد كأفلام الأبطال الخارقين ك batman أو كما يحدث في أفلام التشويق والجرائم حيث يتم ارتداء القناع طوال الفيلم وتنكشف هويته في النهاية مثل سلسلة أفلام scream والتي تعد الأكثر شهرة ونجاحا نظراً لاستمرارها كسلسلة مكونة من ٦ أجزاء، وآخر جزء يعتبر بوابة لصناعة سلاسل جديدة متنوعة.
لكن لماذا يكون القاتل أكثر رهبة في نفس ضحيته ويثير القلق في نفس المشاهد حينما يرتدي قناعا على الرغم من معرفتنا المسبقة إنه إنسان من لحم ودم مثلنا جميعا؟!
دوافع خفية تدعو للقلق
ذلك لأن ملامح وجه الإنسان تشكِّل الهوية المميزة لشخصه عن كل الآخرين، وعندما يتم تغطية هذه الملامح بأخرى غير حقيقية عبارة عن قناع جامد بلا أي تعابير أو ملامح إنسانية فذلك يكسب المقنع صفات تبعده عن كونه بشري في الأساس.
ويشير أيضا عن وجود دوافع خفية إلى ذلك، وكثيراً ما يكون هذا الدافع مثيراً للقلق.
الإنسان بطبيعته عدو ما يجهل، فكيف الحال إذا كان ما يجهله هو في هوية شخص يرغب في أذيته ؟!
لذلك فإن تأثير “القناع” في النفس يثير الحذر من المجهول والغموض من الهوية المزيفة والدوافع إلى تزييفها.
تم استخدام القناع ولا يزال يستخدم منذ آلاف السنين كحاجب لحقيقة الهوية. ولكننا عندما نراجع كل المواضع التي استخدم فيها نجد أن كان له وظيفة مختلفة وهي الفصل بين ذات الشخص وكل ما يحيط به وليس فقط إثارة الريبة والغموض في نفوس الآخرين.
حيث تكون وظيفته الرئيسية والتي تشترك مع استخدامته الأخرى تنصب على قطع التواصل بين الروح من الداخل وملامح الوجه الخارجية.
مثل اللص أو القاتل الذي يريد أن ينفي بنفوس من حوله رهبته الداخلية والتي قد تتشكل دون إرادته على تعابير وجهه.
كمثال وليس الحصر حينما يتم الكشف عن وجه القاتل في سلسلة أفلام scream تقل حدة الإثارة والخوف، بمعرفتنا أن خلف القناع إنسان مثلنا يدفعنا للاطمئنان من قدرتنا على التغلب عليه مهما كانت قوته.
غموض وإخفاء هوية
فكما ذكرت مسبقاً أن أحيانا ارتداء القناع يكسب المقنع قدرات خارقة تخرجه عن نطاق البشرية، ولذلك يلجأ الأبطال الخارقين في ارتداء القناع، فإخفاء الهوية ليس الهدف الوحيد منه بل أيضا يضيف على صاحبه الغموض واللاواقعية والتي تجعله لا يقهر في عيون الناس، ليتحول إلى مصدر طمأنينة في نفوس من يحتاجون إليه ويثير الرعب في نفوس الأشرار.
فبدون القناع قد ندرك أنه يشبهنا وهو الأمر الذي يجعله إنسانا قابلا للفناء فيفقد منطقيته اللامنطقية في التأثير فينا.
لقد طور الإنسان خلال آلاف السنين أنماطاً من الأقنعة لا يمكن حصرها ولا توجد صلة فيما بينها.
استخدام القناع في الحروب بغية إرهاب العدو، أو في الحضارات القديمة معروف عند الإغريق والرومان، وخلال القرون الوسطى في أوروبا، وحتى عند المقاتلين الساموراي في اليابان وقبائل الهنود الحمر في أمريكا.
وكان شكله يتمثل في وجهاً ضخماً، قبيحاً وغاضباً، أو طلاء الوجه بألوان وخطوط تجعله كذلك.
أيضاً في الرياضة بعيدا عن الفكرة المتداولة أو الأساسية مثل الحماية كما في لعبة الشيش وكرة القدم الأمريكية.
مصارعة وقتل وغموض
بل يلعب دوراً لا علاقة له بالحماية، كما يحدث في “المصارعة الحرة” ويكون هدفه لا يختلف كثيرا عن الهدف في أفلام القتلة المتسلسلين من إثارة القلق والخوف.
حيث كان يضفي على المصارع بغموض قد يُرهب الخصم، أو يجعله يشعر أنه بصدد مواجهة مخلوق غير إنساني ومجهول.. بالإضافة لأنه يُخفي تعابير الألم أو الخوف التي قد ترفع معنويات الخصم، أو تحطم صورة البطل أمام في عيون الجمهور..
بذلك يكون دوره نفسياً بعيدا عن التأمين والحماية ولا يمكننا إغفال العوامل النفسية وتأثيرها في مواجهة الخصوم سواء في الحروب أو الألعاب القتالية.
نعود مرة أخرى للسينما، فبعيدا عن القتل والصراعات تم توظيف القناع لتوصيل الأفكار أيضا كما حدث في فيلم V for Vendetta، حيث كانت قصة الفيلم عن شخص مقنع يسعى لتغيير الوضع السياسي ولم تنكشف هويته خلال الفيلم فالتعريف بالهوية لم يكن هو الهدف، بل إنه قناع للإنسانية كلها والانتصار للحرية في المطلق.
وصار هذا القناع رمزا للثورات ضد الظلم والقمع وخرج عن نطاق السينما حتى أن بعض الدول حظرت ارتداءه داخلها.
وبذلك يكون للقناع دورا هاماً ومؤثرا في السينما واحيانا كثيرة يكون هو البطل الأساسي، فكما يقال في فيلم v “تحت القناع ما هو أكثر من لحم، تحت القناع فكرة والأفكار لا يمكن قتلها بالرصاص”.
1 comment
رائع .. تسلم إيدك يا مبدعة