“النصر للسيارات.. صحوة عملاق نائم بعد ربع قرن من الصمت”
كتب باهر رجب
بعد صمت طال أمده لأكثر من 15 عاما، تهز شركة النصر للسيارات، أحد أعرق الروافد الصناعية في مصر، المشهد الاقتصادي بخبر تاريخي يبعث الأمل: التحول من دوامة الخسائر إلى تحقيق الربحية لأول مرة منذ عقود. حيث أعلنت الشركة تسجيل صافي ربح يقترب من 35 مليون جنيه مصري في العام المالي 2024-2025، محققة معادلة صعبة تجمع بين إحياء تراث صناعي وتطويره لمواكبة متطلبات العصر.
من ركام التوقف.. تولد الانطلاقة
شكلت سنوات التوقف والتحديات عبئا ثقيلا على كاهل الشركة التي كانت في يوم من الأيام رمزا للصناعة الوطنية. إلا أن الإرادة والعزيمة كانتا أقوى، حيث شهدت الفترة الماضية عملية تطوير شاملة طالت البنية التحتية، لتتحول الشركة من كيان شبه خامل إلى ورشة عمل متكاملة. كان قلب هذه النهضة هو إعادة تأهيل وتطوير مصنع الأتوبيسات بالكامل، ليكون جاهزا لإنتاج نماذج تلبي احتياجات السوق المصري والعربي.
“نصر سكاي” و”نصر ستار”: أيقونات الصناعة المحلية الجديدة
لم تكن الانطلاقة مجرد استئناف للإنتاج، بل كانت قفزة نوعية. فتحت شعار “صنع في مصر“، أطلقت الشركة طرازين رئيسيين يحملان شعار العودة:
1. اتوبيسات “نصر سكاي” السياحية: والتي تمتاز بتصميمها العصري ومواصفاتها الآمنة والمريحة، والأهم من ذلك، أنها تحمل نسبة مكون محلي تصل إلى 63.5%، مما يؤكد على عمق التصنيع المحلي وقدرة الموردين المصريين على المنافسة.
2. ميني باص “نصر ستار”: الموجه لخدمات النقل الداخلي والسريع، حيث تفوق نسبة المكون المحلي فيه حاجز 70%، وهو إنجاز يحسب للاستراتيجية الوطنية لتعميق الصناعة المحلية وتقليل فاتورة الاستيراد.
لم تكن هذه الإنجازات وليدة الصدفة، بل جاءت ثمرة لتعاون استراتيجي مع شركة “فوتون” الصينية العملاقة، مما يمزج بين الخبرة الدولية والتطبيق المحلي، لضمان الجودة والكفاءة.
الاستعداد للمستقبل: معمل كهربائي على الأبواب
كذلك إدراكا منها بأن مستقبل صناعة النقل عالميا يتجه نحو الكهرباء، لم تكتفى شركة النصر بإنجازاتها الحالية. فقد أعلنت عن استعداداتها المتقدمة لإطلاق أول أتوبيس وميني باص كهربائي بالكامل في مصر. هذا التوجه ليس مجرد مواكبة للاتجاهات العالمية فحسب، بل هو استباق للطلب المستقبلي واستجابة لاستراتيجية الدولة نحو التحول الأخضر وخفض الانبعاثات.
إحياء مصنع سيارات الركوب: عودة الأسطورة
وفي خطوة تهم ملايين المصريين، قامت الشركة بتطوير مصنع سيارات الافراد وتجهيزه بأحدث خطوط الإنتاج والتجميع العالمية. حيث هذا التطور يضع حجر الأساس لعودة سيارة “نصر” الركاب إلى الأسواق مجددا، في صيغة عصرية وتقنيات متطورة، لاستعادة مكانتها في قلوب وعقول المصريين.
تأثير التحول: أكثر من مجرد أرقام
كما تتجاوز أهمية هذا التحول الأرقام المالية لتمس أبعادا استراتيجية أوسع:
تعزيز الصناعة الوطنية: تؤكد هذه النجاحات على قدرة الصناعة المصرية على النهوض والمنافسة.
توفير فرص عمل: فتحت خطوط الإنتاج الجديدة والمستقبلية آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يساهم في خفض معدلات البطالة.
توفير العملة الأجنبية: من خلال تقليل فاتورة استيراد المركبات الثقيلة وتوجيه جزء من الإنتاج للتصدير مستقبلا.
شحذ الهمم: تشكل قصة نجاح شركة النصر نموذجا ملهما لكافة القطاعات الصناعية الأخرى، بأن التطوير والعزيمة هما مفتاح التغلب على أي تحديات.
خاتمة:
علاوة على ذلك قصة عودة شركة النصر للسيارات هي أكثر من مجرد بيان مالي إيجابي. إنها قصة إرادة وطنية. ورسالة مفادها أن الصناعة المصرية قادرة على اجتياز أعتى الصعاب. حيث أن هذا الإنجاز ليس محطة نهائية. بل هو انطلاق جديد لواحد من أبرز أعمدة الاقتصاد المصري. حيث يحمل على كاهله آمالا كبيرة في قيادة قطاع صناعي متكامل. كذلك وضع مصر مجددا على خريطة صناعة السيارات الإقليمية والعالمية.
