الضغوط النفسية تهدد استقرار المجتمع… والأسرة في مرمى الاتهام
الضغوط النفسية .. من المؤكد أن تعقيدات الحياة اليومية وضيق الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت تمثل عبأ كبير على الأفراد بشكل غير مسبوق، حتى باتت واحدة من أبرز مسببات الاضطرابات السلوكية والانهيارات العصبية التي قد تصل في كثير من الأحيان إلى ارتكاب جرائم عنف أو إيذاء للذات والغير، وهو الخطر لدى المؤسسات الأمنية والطبية والدينية.
بقلم/ أحمد طارق عبد التواب
تقارير أمنية كشفت عن تصاعد في وتيرة الجرائم المرتكبة بدافع الضغط النفسي، حيث سُجّلت حالات لأب قتل أبناءه تحت وطأة العجز المالي والديون، وأخرى لشاب أنهى حياته بعدما فشل في إيجاد فرصة عمل مستقرة، فضلًا عن جرائم عنف زوجي تم ارتكابها نتيجة تراكم خلافات وضغوط أسرية لم تجد متنفسًا للحل.
وفي بعض الحوادث المؤلمة، تحوّل التوتر النفسي الناتج عن ضغوط العمل أو الدراسة إلى هجمات عنيفة على زملاء أو أفراد الأسرة، ولازالت الأعمال الإجرامية تجري يوما بعد يوم الا ان يكون هناك تكاتف ووعي دائم لحل هذه الأزمة.
ويجمع الخبراء على أن الأسرة تمثل النواة الأولى لتكوين نفسية الإنسان، إلا أنها في كثير من الأحيان تصبح هي المصدر الأساسي للضغط النفسي، خاصة في حالات الخلافات الزوجية المستمرة.
حيث أن التفكك الأسري، غياب الحوار، المقارنة السلبية بين الأبناء، القسوة المفرطة في التربية، أو حتى التوقعات العالية التي تُحمّل الأطفال والمراهقين فوق طاقتهم. كما يشير الأطباء النفسيون إلى أن الإهمال العاطفي داخل الأسرة يؤدي إلى عزلة الأبناء وغياب الشعور بالأمان، وهو ما يفتح الطريق أمام حالات الاكتئاب والانفجار السلوكي.
ومع غياب الدعم النفسي داخل الأسرة، يجد الأفراد أنفسهم محاصرين بمشكلات معيشية واقتصادية خانقة، في ظل ضعف مؤسسات الرعاية النفسية المجتمعية وقلة الوعي بضرورة التدخل المبكر، ما يجعل الضغوط النفسية بيئة خصبة لتحول الأزمات النفسية إلى جرائم تهز الرأي العام.
وفي ضوء تزايد الجرائم المرتبطة بالضغوط النفسية، تتعالى الأصوات بضرورة تفعيل برامج مجتمعية شاملة تبدأ من الأسرة، مرورًا بالمدرسة والجامعة ومكان العمل، وتُعزز من تواجد الأخصائيين النفسيين، وفتح قنوات تواصل آمنة ومستمرة لدعم كل من يشعر بأنه على وشك الانهيار.
فالصمت لم يعد حلًا، والحياة النفسية المتزنة لم تعد رفاهية، بل ضرورة مجتمعية تمس أمن الأفراد واستقرار الوطن.