تشهد مصر طفرة كبيرة في مجال التحول الرقمي حيث نجحت في إطلاق العديد من المنصات، والتطبيقات الإلكترونية الهادفة، إلى تسهيل المعاملات الحكومية، وتقديم الخدمات للمواطنين، بشكل آمن وسريع تابع على تريندات التفاصيل.
هذه الخطوات المتسارعة، جاءت في إطار رؤية الحكومة المصرية، لبناء دولة رقمية، متكاملة تواكب التطورات العالمية، وتسهم في تحسين جودة، الخدمات المقدمة للمواطنين، مع تقليل الوقت والجهد المبذول، لإنجاز المعاملات الحكومية المختلفة.
كتب باهر رجب
التطور في مؤشرات الحكومة الإلكترونية والبنية التحتية الرقمية
لقد شهدت مصر تقدما ملحوظا في المؤشرات الدولية والمحلية المتعلقة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث يعكس نجاح استراتيجية التحول الرقمي التي تتبناها الدولة.
فقد حققت مصر قفزة نوعية في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية، حيث تقدمت 19 مركزا من المرتبة 114 في عام 2018 إلى المرتبة 95 في عام 2024.
وكذلك في مجال الذكاء الاصطناعي، حققت مصر تقدما أكبر بواقع 46 مركزا، في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، منتقلة من المركز 111 في عام 2019 إلى المركز 65 في عام 2024.
كما أنه على الصعيد المحلي، شهدت كثافة انتشار الإنترنت زيادة كبيرة، حيث ارتفعت من 29.4% في عامي 2013/2014 إلى 72.2% في عامي 2022/2023، حيث يعني أن أكثر من ثلثي السكان أصبحوا قادرين على الوصول إلى الإنترنت واستخدام الخدمات الإلكترونية.
وذلك لتحقيق هذه الطفرة، ضخت الدولة استثمارات ضخمة في تطوير البنية التحتية الرقمية، بلغت 3.5 مليار دولار على مدار 7 سنوات،
حيث أتاح تطوير شبكات الاتصالات، وتوسيع نطاق تغطية الإنترنت ليشمل مختلف المناطق في الجمهورية.
منظومة مصر الرقمية:
بوابة مركزية للخدمات الحكومية
تعد منصة وتطبيق “مصر الرقمية” حجر الزاوية، في استراتيجية التحول الرقمي المصرية، حيث تقدم أكثر من 180 خدمة إلكترونية حكومية متنوعة.
حيث تشمل هذه الخدمات مجالات حيوية عدة مثل، خدمات التموين (إصدار بطاقة، إضافة أفراد)، وكذلك خدمات المرافق المتعلقة بالسكن (الكهرباء و الغاز و المياه)، وعلاوة على ذلك خدمات متعلقة بالشركات، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتأمينات الاجتماعية.
وهكذا حققت المنصة، نجاحا كبيرا يتمثل في، إنجاز 11 مليون معاملة خلال عام 2024، مع وصول عدد مستخدمي التطبيق إلى 9 ملايين مستخدم. هذه الأرقام تعكس مدى انتشار وقبول هذه المنصة بين المواطنين، حيث يسهم، في تسريع عملية التحول الرقمي، وتقليل الاعتماد، على المعاملات الورقية، والزيارات الشخصية، للمؤسسات الحكومية.
تطبيقات إدارة المعاملات المالية
أطلقت الحكومة المصرية، عدة تطبيقات تهدف إلى، تسهيل المعاملات المالية، وتعزيز الشمول المالي، والتحول إلى مجتمع، أقل اعتمادا على النقد. من أبرز هذه التطبيقات:
تطبيق “انستاباي”
يعد تطبيق “انستاباي” من أهم تطبيقات الدفع الإلكتروني في مصر، حيث يتيح كافة خدمات التحويلات المالية، للعملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
حيث وصل عدد مستخدمي، هذا التطبيق إلى 12.5 مليون مستخدم حتى نهاية عام 2024، وتم من خلاله إجراء 1.5 مليار معاملة، بقيمة إجمالية وصلت إلى 2.9 تريليون، جنيه خلال عام 2024.
حيث أن هذه الأرقام، تعكس حجم الاستخدام، الكبير للتطبيق، والثقة المتزايدة، في أنظمة الدفع الإلكتروني في مصر.
تطبيق “الفاتورة الإلكترونية المصرية”
هذا التطبيق يسمح للممولين، بالتعامل مع منظومة، الفاتورة الإلكترونية و الإيصال الإلكتروني، حيث يتيح استعراض والاطلاع على كافة الفواتير، الصادرة منه، (مبيعات) أو الصادرة له، (مشتريات).
علاوة على ذلك، يسهم هذا التطبيق في تعزيز الشفافية، في المعاملات التجارية وتسهيل عمليات الرقابة الضريبية، مما يساعد في تقليل التهرب الضريبي وزيادة حصيلة الدولة من الضرائب.
تطبيق “Egypt Post”
يهدف هذا التطبيق إلى تسهيل المعاملات البريدية والمالية، ويمكن من خلاله إرسال واستقبال الحوالات البريدية، وتتبع الطرود ودفع الفواتير بسهولة.
حيث أنه، يمثل هذا التطبيق خطوة مهمة في تطوير خدمات البريد المصري وتحويله إلى مؤسسة رقمية تواكب التطورات التكنولوجية العالمية.
تطبيقات الخدمات الحكومية المتنوعة
إضافة إلى المنصات المالية، أطلقت مصر عددا من التطبيقات الحكومية، المتخصصة لتقديم خدمات متنوعة للمواطنين في مختلف القطاعات:
تطبيق “وزارة الداخلية المصرية”
يقدم هذا التطبيق عددا كبيرا من الخدمات الأمنية والمدنية، أبرزها: الخدمات المرورية، و خدمات الأحوال المدنية، و استخراج الجوازات، و استخراج تصاريح العمل.
حيث يسهم هذا التطبيق في تقليل الازدحام في مراكز الشرطة ومكاتب الأحوال المدنية، ويتيح للمواطنين إنجاز معاملاتهم دون الحاجة إلى التنقل والانتظار لفترات طويلة.
تطبيق “في خدمتك”
يمنح هذا التطبيق المواطن الخصوصية، في التعامل مع الجهات الحكومية المختلفة، من خلال منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة برئاسة مجلس الوزراء.
و بهكذا،يمثل هذا التطبيق قناة اتصال مباشرة بين المواطنين والحكومة، مما يسهم في رصد المشكلات، والتحديات التي تواجه المواطنين، والعمل على حلها بشكل سريع وفعال.
تطبيق “أرغب في عمل توكيل”
يتبع هذا التطبيق وزارة العدل، ويمكن المواطن من حجز دور خاص عن طريق الهاتف قبل الذهاب إلى مكتب التوثيق.
حيث ان، هذا التطبيق له دور في تنظيم عملية التوثيق، وتقليل الازدحام، في مكاتب التوثيق، مما يوفر الوقت والجهد على المواطنين ويحسن من كفاءة تقديم الخدمة.
تطبيقات خدمات المرافق والبنية التحتية
اتجهت مصر أيضا نحو رقمنة خدمات المرافق الأساسية لتسهيل التعامل مع هذه الخدمات وتحسين كفاءتها:
المنصة الموحدة لخدمات الكهرباء
تقدم هذه المنصة عددا من الخدمات المهمة، أبرزها: تسجيل قراءة العدادات، و دفع فواتير الكهرباء، و خدمة الإبلاغ عن الأعطال، و تقديم الشكاوى.
بالإضافة إلى ذلك.تسهم هذه المنصة في تحسين، جودة خدمات الكهرباء وسرعة الاستجابة للأعطال و الشكاوى،
كما انه، ينعكس إيجابا على رضا المواطنين عن هذه الخدمات.
تطبيق “قراءتي”
يساعد هذا التطبيق المواطنين على تسجيل قراءات عدادات المياه بأنفسهم وإضافة صورة العداد بما يضمن دقة القراءة.
علاوة على ذلك، يحل هذا التطبيق مشكلة عدم دقة قراءات العدادات وما ينتج عنها من شكاوى بخصوص فواتير المياه، كما يوفر الوقت والجهد على موظفي شركات المياه، مما يسهم في تحسين كفاءة الخدمة وخفض التكاليف.
تطبيقات الصحة والتعليم والزراعة
لم تقتصر استراتيجية التحول الرقمي في مصر على ذلك ولكن أيضا شملت الخدمات الإدارية والمالية ، بل امتدت لتشمل قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والزراعة:
تطبيق “100 مليون صحة”
يهدف هذا التطبيق إلى إتاحة المعلومات، لكافة مبادرات الصحة العامة، للحصول على الخدمات وأماكن تقديمها.
وهكذا يسهم هذا التطبيق، في نشر الوعي الصحي، بين المواطنين، وتسهيل وصولهم، إلى الخدمات الصحية، مما يساعد في تحسين المؤشرات الصحية، ورفع جودة الحياة.
تطبيق “ادرس في مصر”
حيث انه يتضمن هذا التطبيق بيانات كل مؤسسات التعليم العالي، المعترف بها من جامعات حكومية، أو خاصة، أو أهلية، أو تكنولوجية، أو فروع لجامعات أجنبية، والمعاهد العليا، وغيرها.
كما أنه، يسهل هذا التطبيق على الطلاب، عملية البحث عن المؤسسات التعليمية، المناسبة واتخاذ قرار مستنير، بشأن مسارهم الأكاديمي،
كما يساعد في تعزيز الشفافية والثقة في منظومة التعليم العالي.
تطبيق “هدهد” المساعد الذكي للفلاح
يهدف هذا التطبيق إلى توفير محتوى رقمي، حول العديد من الموضوعات، التي تهم المزارعين، وتمكينهم من الحصول على الإرشادات، المناسبة للمشكلات، التي يواجهونها.
حيث يسهم هذا التطبيق في تطوير القطاع الزراعي، من خلال نشر المعرفة الزراعية، الحديثة ومساعدة المزارعين، على مواجهة التحديات المختلفة، مما ينعكس إيجابا على الإنتاج الزراعي وسبل العيش في المناطق الريفية.
تطبيقات تنظيم قطاع الاتصالات
نظرا لأهمية قطاع الاتصالات، كركيزة أساسية للتحول الرقمي، أطلقت مصر تطبيقات متخصصة لتنظيم هذا القطاع:
تطبيق “My NTRA”
هذا التطبيق صادر عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ويوفر مجموعة من الخدمات التفاعلية، مثل تقديم الشكاوى، واختبار سرعة الإنترنت. حيث يسهم هذا التطبيق في تحسين جودة، خدمات الاتصالات من خلال تمكين المستخدمين، من تقييم هذه الخدمات، وتقديم شكاوى، حول المشكلات التي يواجهونها، مما يدفع شركات الاتصالات إلى تحسين خدماتها باستمرار.
خاتمة: نحو مستقبل رقمي أكثر شمولا
تعكس هذه المنظومة المتكاملة، من المنصات، و التطبيقات الإلكترونية، جدية الحكومة المصرية، في تبني استراتيجية التحول الرقمي، كأحد الركائز الأساسية للتنمية الشاملة.
وقد أسهم هذا التوجه في تحسين جودة الخدمات العامة، وتيسير وصول المواطنين إليها، وتقليل الوقت والجهد المبذول في إنجاز المعاملات الحكومية.
ومع استمرار الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتطوير المزيد من التطبيقات الذكية، يمكن توقع مزيد من التقدم، في مؤشرات الحكومة الإلكترونية، و الذكاء الاصطناعي، وزيادة اعتماد المواطنين على الخدمات الرقمية،
مما يسهم في بناء مجتمع رقمي، متكامل قادر على مواكبة التطورات العالمية، والاستفادة من الفرص التي تتيحها، التكنولوجيا الحديثة.
إن تجربة مصر في التحول الرقمي، تمثل نموذجا، يمكن الاستفادة منه في العديد من الدول النامية، حيث تظهر كيف يمكن توظيف التكنولوجيا، في تحسين جودة الحياة، و تحقيق التنمية المستدامة.
حيث استمرار هذا التوجه، يمكن توقع مزيد من التطورات، في السنوات القادمة، مما سيسهم في ترسيخ مكانة مصر، كمركز إقليمي رائد في مجال التحول الرقمي.