مصرع طفل فى التاسعه بالمنيا…اعتداء والده يهز ضمير المجتمع

قرية تذرف دموع البراءة … مصرع طفل في التاسعة على يد والده بقرية “إسطال” في المنيا

كتب باهر رجب

هزت صرخة صمتت قبل أوانها، جدران منزل متواضع، وصدور أهالي قرية “إسطال” الهادئة التابعة لمركز سمالوط في محافظة المنيا. تحولت خلافات أسرية عاصية إلى مأساة دموية أودت بحياة طفل في ربيع عمره، لم يتجاوز التاسعة، ليكون الضحية الأبرياء في معركة لم يكن له فيها ناقة ولا جمل. حادثة أليمة أعادت الجدل حول العنف الأسري وآثاره المدمرة، وتركت علامات استفهام كبيرة حول دوافع إنسانية يمكن أن تتحول إلى وحشية تفتك بفلذات الأكباد.

تفاصيل الواقعة المروعة

مع تلقي غرفة عمليات النجدة بمديرية أمن المنيا بلاغا يحمل في طياته فاجعة، انطلقت على الفور سيارات الإسعاف والأجهزة الأمنية إلى العنوان المعلن. عند الوصول إلى منزل الأسرة بقرية إسطال، كان المشهد مؤلما. جثمان الطفل الصغير “أحمد حسين ع” الذي لم تمهله الحياة ليرى عيد ميلاده العاشر. التحريات الأولية كشفت أن يد والده، “حسين علي”، كانت هي من تسبب في مصرعه إثر اعتداء وحشي داخل المنزل.

 

خلفية المأساة: خلافات أسرية تشتعل ويدفع الثمن غاليا

كما كشفت التحريات النقاب عن أن جذور المأساة تعود إلى خلافات حادة ومستمرة كانت تشتعل بين الأب و والدة الطفل. وصلت حدة هذه الخلافات إلى نقطة اللاعودة، حيث غادرت الزوجة منزل الزوجية رافضة العودة بسبب استمرار الأجواء المشحونة. ويبدو أن هذه الخلافات، التي كان من الممكن أن تحل بالحوار أو حتى بالانفصال السلمي، تحولت إلى برميل بارود انفجر في وجه الأبرياء. وتحول الطفل “أحمد”، في لحظة غضب أعمى، إلى كبش فداء لصراع لم يكن طرفا فيه.

 

الإجراءات القانونية الفورية

بعد تأكد وقوع الجريمة وانتقال الطفل إلى المستشفى حيث تم إعلان وفاته، لم تتردد قوات الأمن في إلقاء القبض على الأب المتهم. تم احتجازه فورا داخل مركز شرطة سمالوط، و وضعه تحت تصرف النيابة العامة التي باشرت التحقيق على الفور. تم تحرير محضر بالواقعة  وتولت النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية، وبدأت في استدعاء الشهود وجمع الأدلة والاستماع لأقوال المتهم للوقوف على الدوافع الحقيقية والملابسات الكاملة لهذه الجريمة التي تتنافى مع كل القيم الإنسانية والدينية.

 

صدمة وحداد في قرية إسطال

حالة من الحزن والصدمة والذهول لأهالي القرية الصغيرة، الذين لم يصدقوا أن جيرانهم يشهدون مثل هذه الفاجعة. تحول منزل الأسرة إلى محراب للعزاء، ليس على طفل فقدته عائلته فقط، بل على البراءة التي فقدتها القرية كلها. تسأل الجميع؟ كيف يمكن لأب أن يرفع يده على فلذة كبده؟ وأين كانت ندوات التوعية بمخاطر العنف الأسري؟ تحولت قصة الطفل “أحمد” إلى حديث المقهى والبيت، معبرة عن جرح غائر في نسيج المجتمع المحلي.

 

تساؤلات أكبر من الحادثة

تتجاوز هذه الجريمة البشعة إطار الحادث الفردي لترمي بحجر في بركة ساكنة من القضايا الاجتماعية الخطيرة. فهي تثير تساؤلات حارقة حول:

فاعلية آليات التدخل المبكر لحل النزاعات الأسرية قبل أن تتفاقم.

مدى وعي المجتمع بخطورة “العنف” كوسيلة للحل داخل الأسرة، وأثره النفسي والجسدي المدمر على الأطفال.

دور الأقارب والمجتمع المحلي و الأخصائيين الاجتماعيين (إن وجدوا) في احتواء الخلافات قبل أن تتحول إلى كوارث.

الحاجة الملحة إلى تكثيف حملات التوعية بالقانون وحقوق الطفل، وتبسيط وسائل الإبلاغ عن العنف الأسري.

 

خاتمة

رحل الطفل “أحمد” ضحية غضب أعمى وخلافات حمقاء، تاركا وراءه جرحا لا يندمل في قلب أمه وصرخة في ضمير المجتمع. حادثته ليست رقما في سجل الحوادث، بل هي جرس إنذار يدق بقوة: إن حماية الأطفال من العنف الأسري مسؤولية جماعية، تبدأ من التربية السليمة وتمر ببناء مؤسسات داعمة وتنتهي بقانون رادع. فالأطفال أمانة، وحياتهم خط أحمر لا يجوز المساس به تحت أي ذريعة. فالوقاية عبر التوعية والحماية عبر القانون هما الدرع الحقيقي لكي لا تتكرر مأساة “إسطال” في أي قرية أو مدينة أخرى.

👁 عدد المشاهدات : 5,010

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *