الرئيسية » وسائل التواصل الاجتماعي بين البناء والانهيار القيمي

وسائل التواصل الاجتماعي بين البناء والانهيار القيمي

by دعاء علي
0 comments
وسائل التواصل الاجتماعي

بقلم /إيمان سامي عباس 

عندما سُئل الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، عن رأيه في التلفزيون، أجاب بعبقرية قائلاً: التلفزيون مثل السكين، فائدته وضرره يتوقفان على طريقة استخدامه. ولو كان بيننا اليوم لقال الرأي نفسه عن وسائل التواصل الاجتماعي التي تُشبه السكين فعلًا؛ إذ يمكن أن تكون وسيلة للعلم والمعرفة والثقافة والإبداع، وفي الوقت نفسه قد تتحول إلى أداة للهدم والدمار، تقود صاحبها إلى الانحراف وربما الهلاك.

لكن المؤسف أن ما نشهده اليوم من تغيرات في أخلاق الكثيرين، نتيجة تغلغل “الميديا” في حياتنا، يُنذر بخطر حقيقي على قيمنا ومجتمعنا. فقد تراجع دور الأسرة والمدرسة في مواجهة هذا الخطر، وأصبح الإعلام جزءًا من أدوات حروب الجيل الرابع والخامس لضرب استقرار الدول وأمنها الداخلي.

انهيار منظومة القيم وتراجع القدوة

لم يكن المجتمع المصري، حتى سنوات قليلة مضت، يعرف هذا التراجع المخيف في القيم؛ فقد تربينا على احترام الكبير والعطف على الصغير، وعلى النخوة والشرف، والالتزام بالكلمة، والحرص على العدالة والمساواة. غير أن هذه المنظومة الأخلاقية تهاوت أمام موجات الإعلام الفاسد، والمسلسلات والأفلام المبتذلة، وغياب القدوة الحقيقية، حتى أصبحنا نسمع يوميًا عن حوادث تحرش، سرقة بالإكراه، وبلطجة.

ومن أبرز أسباب هذا الانحدار: ضعف دور الأسرة في التنشئة والتربية، وانشغالها بلقمة العيش، وترك الأبناء فريسة لعالم افتراضي يبث قيماً منهارة. كما أن المدارس تحولت إلى مراكز للدروس الخصوصية فقط، مما أفقد الطالب احترامه للمعلم. وزاد الطين بلة ما تبثه بعض وسائل الإعلام من أعمال هابطة تُروج للمخدرات والانحلال الأخلاقي بدلًا من تعزيز القيم الإيجابية.

لا سبيل لاستعادة قيمنا إلا بإعادة بناء المنظومة الأخلاقية من جديد، بدءًا من الأسرة التي تُعد اللبنة الأولى في التربية، مرورًا بالمدرسة التي يجب أن تكون مؤسسة تعليمية وتربوية لا اقتصادية، ووصولًا إلى الإعلام الذي ينبغي أن يؤدي رسالته في نشر الوعي والثقافة الهادفة. كذلك لا يمكن إغفال دور دور العبادة في غرس مكارم الأخلاق، ونشر قيم التسامح والانتماء والتكافل، شرط أن يكون القائمون عليها على درجة عالية من الثقافة والوعي، قادرين على مخاطبة مختلف العقول.

فالقيم لا تُبنى بالشعارات، بل بالقدوة والممارسة اليومية، وإذا أردنا لمجتمعنا أن يستعيد تماسكه فعلينا أن نعيد الاعتبار لهذه المنظومة التي كانت يومًا مصدر قوة المصريين، وسببًا في استقرارهم وثقتهم بأنفسهم.

كاتبه المقال

إيمان سامي عباس

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00