هل يُقبل الدعاء دون رفع اليدين؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي
هل يُقبل الدعاء دون رفع اليدين.. تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا عبر موقعها الرسمي مفاده: “هل يقبل الدعاء بدون رفع اليدين؟”، وهو من الأسئلة المتكررة التي تدور في أذهان الكثير من المسلمين الراغبين في التقرب إلى الله عز وجل، والحرص على أداء الدعاء بما يحقق القبول والاستجابة.
رفع اليدين سنة نبوية.. ولكن لا إنكار على من لم يفعل
وفي ردها على هذا السؤال، أكدت دار الإفتاء أن رفع اليدين عند الدعاء هو سنة مأثورة عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تواترت بها الروايات تواترًا معنويًّا. ومع ذلك، أوضحت الدار أن المسألة فيها سعة، ولا ينبغي الإنكار على من لا يرفع يديه أثناء الدعاء، إذ إن العبرة الحقيقية في الدعاء تكمن في حضور القلب وخشوع النفس.
الدعاء عبادة جوهرها الإخلاص واليقين
وأشارت الإفتاء إلى أن الدعاء عبادة عظيمة رغب فيها الإسلام ووردت فيها نصوص كثيرة، منها قول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، حيث أوضح الإمام الطبري أن المقصود من “عبادتي” في الآية هو “دعائي”، مما يدل على أن الدعاء هو لبّ العبادة وأحد أهم صورها.
قرب الله من عبده الداعي
كما استشهدت دار الإفتاء بقول الله تعالى:
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]، وهو دليل على قرب الله من عباده واستجابته لدعواتهم مهما كانت حالتهم وهيئتهم، ما دام القلب حاضرًا والنية صادقة.
أحاديث نبوية تؤكد فضل الدعاء
ومن الأحاديث التي أوردتها الإفتاء لتأكيد أهمية الدعاء، ما رواه الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، في إشارة إلى أن الدعاء ليس مجرد طلب بل هو تعبير عن العبودية والافتقار إلى الله.
رفع اليدين.. أدب من آداب الدعاء وليس شرطًا
أوضحت دار الإفتاء أن من آداب الدعاء المستحبة رفع اليدين إلى السماء، وهو ما ورد في أحاديث صحيحة، منها حديث رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:
«يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب…»، وقد علّق الإمام القرطبي بأن هذا دليل على مشروعية رفع اليدين أثناء الدعاء. كما أكد الإمام الطوفي أن رفع اليدين يعكس التذلل والرجاء من العبد لربه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبالغ في رفع يديه عند الاستسقاء حتى يظهر بياض إبطيه.
الاستجابة لا ترتبط بالمظهر بل بالنية والطاعة
ورغم أن رفع اليدين مستحب، إلا أن قبول الدعاء لا يتوقف عليه، بل يرتبط بالنية الخالصة، وصفاء القلب، والابتعاد عن الحرام في المطعم والمشرب والملبس، كما جاء في الحديث الشريف عن الرجل الذي يطيل السفر ويمد يديه إلى السماء ولكن مأكله ومشربه من الحرام، فيتساءل الرسول: “فأنى يُستجاب لذلك؟”.
خلاصة القول.. الرحمة واسعة والدعاء مقبول بإذن الله
اختتمت دار الإفتاء المصرية ردها بالتأكيد أن الدعاء مقبول بإذن الله سواء رفع العبد يديه أم لم يرفع، وأن الأهم من الشكل هو صدق التوجه إلى الله، مع الالتزام بآداب الدعاء العامة، من طهارة ونية صادقة، وأكل الحلال، وحضور القلب.
إعداد: وفاء عبد السلام