في واحدة من أكثر الحلقات قربًا من المستمعين، أطلّ الإعلامي هاني سليم عبر أثير إذاعة راديو أسرار المشاهير بحلقة جديدة من برنامجه، حملت عنوانًا مثيرًا للتفكير: “القلب ولا العقل؟”. موضوع قديم متجدد، لكنه في كل مرة يفتح بابًا واسعًا للنقاش لأنه يمس حياة كل إنسان، دون استثناء.
القلب والعقل.. حكاية صراع لا ينتهي
منذ بداية الخليقة، والإنسان يتأرجح بين قوتين تسكنانه: قلبٌ يريد أن يعيش اللحظة، وأن يندفع وراء المشاعر بلا حساب، وعقلٌ يزن الأمور بميزان منطق صارم يحذر من المخاطر ويرسم الخطط. هذان الصوتان يتصارعان بداخلنا في كل مرة نقف فيها عند مفترق طرق: حب، عمل، صداقة، سفر، وحتى في قرارات تبدو صغيرة لكنها قد تغيّر مسار حياتنا.
هاني سليم استحضر هذه الثنائية في برنامجه الإذاعي، بأسلوبه السلس القريب من الناس، فطرح السؤال الذي لا ينتهي: هل نعيش بقلوبنا أم بعقولنا؟
القلب.. لغة المشاعر والاندفاع
القلب بطبيعته يميل إلى الحلم، إلى المغامرة، إلى تلك اللحظة التي تسرقنا من رتابة الحياة. هو الذي يجعلنا نحب دون شروط، ونسامح بلا حساب، ونجازف بخطوات قد لا تبدو منطقية. المستمعون الذين شاركوا تجاربهم أكدوا أن “القلب” قادهم في أحيان كثيرة إلى مواقف مليئة بالفرح، لكنه في الوقت ذاته وضعهم أمام تحديات لم يكونوا مستعدين لها.
استوقف الإعلامي هاني سليم جمهوره بقصة مؤثرة لشابة حيث قالت : “كنت بحب شخص جدًا، كان كل دنيتي. رغم إن عقلي كان بيقول لأ.. الظروف مش مناسبة. اخترت قلبي، واتجوزته. عشت أيام حلوة، لكن بعد فترة المشاكل كبرت، وفهمت إن عقلي كان شايف اللي قلبي مش قادر يشوفه”.
هذه القصة تكشف الوجه الآخر من الاندفاع العاطفي: جمال البدايات وسحر المشاعر، لكن أيضًا مرارة الواقع حين يصطدم الحلم بجدار الحياة العملية.
العقل.. لغة الحسابات والواقعية
في المقابل، العقل هو ذلك الصوت الهادئ، المتريث، الذي لا يتأثر بانفعالات اللحظة. هو من يقول لنا: “فكّر قبل أن تندم، لا تترك نفسك للظروف، واحسب العواقب جيدًا”. العقل يحافظ على استقرارنا وأماننا، ويجنبنا الوقوع في أخطاء كان يمكن تفاديها.
شاب شارك بتجربته في الحلقة قائلاً: “كنت عايز أسيب شغلي وأبدأ مشروعي الخاص. قلبي كان بيقولي غامر، عقلي كان خايف. في الآخر اخترت قلبي، وبدأت المشروع. اتعبت في الأول، لكن النهارده أنا ناجح ومبسوط”.
هذه التجربة توضح أن الاستماع للقلب لا يعني دائمًا الخسارة، بل أحيانًا يكون هو الطريق لتحقيق الذات، شرط أن يكون وراءه صبر وإرادة حقيقية.
ماذا لو عشنا بالقلب وحده؟
خلال النقاش، طرح هاني سليم تساؤلًا فلسفيًا:
-
ماذا لو عشنا حياتنا كلها بقلوبنا فقط؟
ربما سنحيا لحظات فرح متكررة، وربما نغرق في أحلام جميلة، لكن النتيجة قد تكون موجعة إذا لم نملك ما يحمينا من تبعات القرارات المتسرعة.
وماذا لو عشنا بالعقل وحده؟
وعلى النقيض، ماذا لو ألغينا قلوبنا وعشنا بعقولنا فقط؟ بالتأكيد سنكون أكثر أمانًا، وربما نتجنب الكثير من الأخطاء، لكننا سنفقد شيئًا لا يُعوّض: روح المغامرة، طعم الحب، ولذة المخاطرة التي تعطي للحياة نكهتها الخاصة.
بين القلب والعقل.. التوازن هو السر
في ختام الحلقة، قدّم الإعلامي هاني سليم خلاصة عميقة: ليست القضية في أن نلغي أحدهما لصالح الآخر، بل أن نخلق حالة من التكامل بينهما. القلب يقول “أنا أريد”، فيرد العقل “دعني أرتب لك الطريق”. هنا فقط نجد المعادلة التي تمنح الإنسان أجمل حياة: حياة فيها حب ووعي، شغف وواقعية، فرح واحتياط.
لماذا ينجذب الناس لهذا النوع من القضايا؟
ربما لأن الصراع بين القلب والعقل هو صراع إنساني خالد، لا ينتهي عند عمر معين أو مرحلة محددة. كل جيل يعيش نفس المعضلة بظروف مختلفة، وكل فرد يختبره بطريقته الخاصة. الحب، العمل، القرارات المصيرية، حتى المواقف البسيطة مثل شراء شيء جديد أو اتخاذ قرار سفر، كلها تُعيد طرح السؤال ذاته.
القلب والعقل جناحان لا يطيران منفردين
الحياة بلا قلب قد تكون أكثر أمانًا لكنها جافة، والحياة بلا عقل قد تكون أكثر حماسة لكنها خطرة. أما الحياة التي توازن بين الاثنين فهي حياة ممتلئة، إنسانية، ومعنى. وهذا ما شدد عليه هاني سليم في ختام الحلقة حين قال: “الحياة اللي فيها قلب وعقل مع بعض.. دي أجمل حياة”.