نصف طن .. “حلمي أمشي وأسجد لله”، بهذه الكلمات أوجعت الحاجة فاطمة قلوبنا، حين بكت وهي تروي مأساتها، عن السمنة المفرطة التي أفقدتها جميع قدراتها الجسدية، وجعلتها حبيسة مقعدة، حتى أنها لا تستطيع تحريك ذراعيها مع وزن يقارب النصف طن.
كتبت: دعاء علي
سجينة 15 عام
تعيش الحاجة فاطمة في أحد أحياء مدينة العاشر من رمضان، حياة صعبة لا تُحتمل، فهي أشبه بـ”السجن الصامت”، لكنها ليست خلف القضبان، بل خلف جدران من المعاناة، أثقلها جسدها الذي وصل وزنه إلى 400 كيلوغرام، حتى غدت أسيرة الأرض لا تقوى على الحركة، لا ترى الشارع، ولا تعرف ملامح النهار.
حيث لم تغادر فاطمة التي تبلغ من العمر”60 عاما”، بينماكانت يوماً ما ربة منزل نشيطة تخدم أسرتها المكونة من 7 أفراد، لم تغادر منزلها منذ أكثر من 15 عاماً. فهي تعاني من سمنة مفرطة شديدة أفقدتها كل قدراتها الجسدية، فلا تستطيع تحريك ذراعيها، ولا تبديل مكانها. هي تأكل وتستحم وتنام في نفس الموضع، وتعاني من قرح الفراش ومضاعفات جسدية ونفسية قاسية، أبرزها الاكتئاب الشديد والعزلة التامة.
اقرأ ايضا: عمرو دياب مالهوش بديل .. من ابتدينا ل خطفوني « صيف ساخن جدا »
حياة منهارة
توضح ابنتها “بدأت معاناة أمي مع الوزن الزائد قبل 20 عاما، حيث وصل وزنها حينها لحوالي 200 كلغ، إلا أنها كانت لا تزال قادرة على الحركة وخدمة نفسها، وأداء بعض المهام المنزلية البسيطة”.
وأضافت الابنة أنه قبل خمس سنوات، قررت الحاجة فاطمة الخضوع لعملية تكميم للمعدة من أجل إنقاص وزنها والسيطرة عليه لتعيش بصحة أفضل، وبدأ بالفعل وزنها في التراجع قبل أن تعاني من بعض المضاعفات ليتبين لاحقا فشل العملية.
عملية فاشلة
وقالت نجلتها: “كانت سعادة والدتي بعد العملية وتراجع وزنها لا توصف، لكن الفرحة لم تدم طويلا، حيث عانت بعد 3 أشهر من نزيف، ليتضح لاحقا فشل العملية، ويبدأ وزنها في الازدياد بشكل سريع”.
تدهور صحي سريع
وبدأت رحلة أخرى من التدهور الصحي، منذ تلك اللحظة، بينما بدأ وزنها يرتفع بشكل مفرط وغير طبيعي ليصل وزنها قرابة 400 كيلوغرام، وفقدت تدريجيًا السيطرة على جسدها بالكامل.
أكدت ابنتها، أن أحد الأطباء، نصح بضرورة نقل الحاجة فاطمة إلى مركز متخصص للعلاج، بعدها يتم إخضاعها لعملية “تحويل مسار” في محاولة لإنقاص وزنها الكبير.
اقرأ ايضا: العناية الإلهية تنقذ ركاب قطار البحيرة بعد اكتشاف موقف مرعب
خلال معاناتها مع السمنة المفرطة، لا تتمنى الحاجة فاطمة أشياء خارقة، لكنها تتطلب: “نفسي أتحرك.. نفسي أخدم نفسي.. نفسي أنزل أشوف الناس.. نفسي أسجد لله وأنا واقفة زي زمان”، فهي لا تطلب ترفًا، بل أبسط حقوق الإنسان: الكرامة، والعلاج، والحركة.
محاولات إنقاذ الحاجة فاطمة
ويصل صوت فاطمة اليوم عبر فاعلي الخير الذين بدأوا محاولات لإجراء التحاليل والفحوص اللازمة، على أمل بدء رحلة علاج جديدة تنقذها مما هي فيه، لكنها بحاجة إلى دعم مؤسسي حقيقي.
يقول احد فاعلي الخير: إنه قام بزيارة الحاجة فاطمة في منزلها أمس الثلاثاء، واندهش من الوضع المأساوي الذي تعيشه السيدة التي لا تفارق الأرض، وفقدت القدرة على السيطرة على كل مناحي حياتها.
تابع: “تواصلت مع أحد معامل التحاليل لعمل التحاليل اللازمة لها بالمجان، كما تواصلت مع صديق يملك “أوناش” للنقل، “للمساعدة في نقل السيدة من المنزل حيث يتعذر تحريكها مع هذا الوزن الثقيل الذي قارب النصف طن”.
بينما ناشدت الحاجة فاطمة وزارة الصحة المصرية، والجهات المعنية بالرعاية الصحية والاجتماعية، والجمعيات الإنسانية للتدخل العاجل لإنقاذها من المصير الذي تقترب منه يوماً بعد يوم.