في إطار سعي إذاعة راديو أسرار المشاهير لتقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والتأثير،قدم الإعلامى هاني سليم حلقة مميزة ببرنامجة “نجم وحكاية”
الحلقة تتناول سيرة ومسيرة أحد أهم نجوم الفن، حيث يسلط هاني سليم الضوء على مشوار ملهم مليء بالتحديات والنجاحات، في قالب إذاعي شيّق يجمع بين الدراما والسرد الواقعي.
وتأتي هذه الإضافة لتؤكد التزام إذاعة راديو أسرار المشاهير بتقديم محتوى يليق بالجمهور، ويرسخ مكانتها كمنصة رائدة في عالم الإعلام الفني والثقافي.
بداية من البساطة إلى المجد
ولد أحمد زكي في الزقازيق بمحافظة الشرقية، ونشأ يتيم الأب، محاطًا بالتحديات لكنه كان مُصرًا على أن يحول المحنة إلى منحة. التحق بمعهد الفنون المسرحية، ومنذ اللحظة الأولى على خشبة المسرح كان مختلفًا، حيث لم يكن يؤدي الدور أداءً تقليديًا، بل كان يعيشه بكل تفاصيله. حتى أساتذته وزملاؤه قالوا: “أحمد زكي لا يُمثل… بل يذوب في الشخصية”.
صعود نجم لا يشبه أحدًا
انتقل أحمد زكي من المسرح إلى شاشة التليفزيون، ومنها إلى السينما حيث أثبت أنه حالة استثنائية. في شفيقة ومتولي والعوامة 70 لفت الأنظار، لكن محطة الانطلاق الكبرى كانت البيه البواب، حيث جسّد شخصية البواب البسيط بواقعية جعلت الجمهور يصدق أنه خرج من بين جدران الحارات المصرية.
ومن النمر الأسود إلى زوجة رجل مهم، ومن كابوريا إلى الحب فوق هضبة الهرم، أظهر زكي قدرة نادرة على تجسيد التنوع الإنساني، فتارةً نراه فقيرًا مهمومًا، وتارةً عاشقًا حالمًا، وأخرى رجل سلطة قاسيًا يثير الخوف.
مدرسة في الصدق الفني
لم يكن أحمد زكي مجرد ممثل يغير ملامحه، بل كان يغير روحه في كل عمل. صدقه هو الذي جعل الجمهور يحبه بلا شروط. حين جسّد شخصية عاشق منكسر، بكى معه الملايين، وحين جسّد رجل سلطة ظالم، كرهه الجمهور بصدق، وهذه هي قمة نجاح الممثل الحقيقي.
كان يرى أن الفن ليس ترفيهًا فقط، بل رسالة قادرة على كشف الواقع وتحريكه، لذلك لم يرضَ يومًا أن يكون نجم شباك فقط، بل آمن أن الممثل الحقيقي هو الذي يعيش أوجاع الناس وأحلامهم.
محطات التحدي مع العظماء
وقف أحمد زكي ليجسد شخصيات تاريخية ورموزًا لن تُنسى. في أيام السادات، لم يكن مجرد ممثل يرتدي بدلة الرئيس، بل تحوّل إلى أنور السادات بكل تفاصيله، حتى من شاهده شعر أنه أمام الرئيس الحقيقي.
أما في حليم، فقد اختار أن يجسد أسطورة الغناء عبد الحليم حافظ، لكنه في الحقيقة كان يكتب سطور وداعه الأخيرة، حيث واجه المرض وهو يبتسم، وأصر أن يقدم آخر أدواره حتى لو كان جسده يخذله.
الإنسان قبل النجم
بعيدًا عن الأضواء، كان أحمد زكي إنسانًا حساسًا، خجولًا، بسيطًا، عاشقًا لوالدته بشكل استثنائي. كان يردد دائمًا: “أهم حاجة عندي إني أصدق نفسي… عشان الناس تصدقني”. تلك الجملة لم تكن مجرد كلمات، بل كانت فلسفة حياة ودستورًا فنيًا عاش به ورحل.
الرحيل الجسدي والبقاء الروحي
حين داهمه المرض، قاومه بصمت وإصرار. لم يطلب شفقة، ولم يستسلم، بل ظل يعمل حتى أنجز فيلمه الأخير حليم. رحل أحمد زكي في صمت، لكن رحيله لم يكن نهاية، بل بداية لأسطورة تعيش بيننا.
إرث لا يتكرر
أحمد زكي لم يكن مجرد ممثل، بل كان مدرسة فنية كاملة. علّم الأجيال معنى الصدق على الشاشة، ورسّخ فكرة أن الفن رسالة وليست مجرد مهنة. لذلك سيظل اسمه مقرونًا بالعبقرية، وسيظل جمهوره يقول: “أحمد زكي… الإمبراطور الذي لا يُنسى.”