بقلم /سامية البابلى
كثيرون يعتقدون أن النجاح مرادف للانغماس الكلّي في العمل، لكن الحقيقة أعمق من ذلك، النجاح بلا حياة متوازنة لا قيمة له، مثل سفينة ضخمة بلا بوصلة توجهها.فالتوازن بين العمل والحياة ليس مجرد شعارات، بل هو فن العيش بوعي
إدارة الوقت بوعي ومرونة
الوقت ليس مجرد ساعات تمضي، بل هو العمر نفسه. التوازن يبدأ من إدراك أن كل دقيقة لها ثمن. كثيرًا ما نقع في فخ الاستجابة العشوائية لكل طلب أو رسالة، فنجد أنفسنا في نهاية اليوم مرهقين بلا إنجاز حقيقي. الحل يبدأ بترتيب الأولويات: ما المهم الآن؟ ما الذي يمكن تأجيله أو تفويضه؟
تَعَلَّم أن تقول “لا” بلطف لكل ما يستنزف طاقتك بلا جدوى. ضع جدولًا يوميًا أو أسبوعيًا يراعي أولوياتك الشخصية، ولا تجعل العمل يلتهم وقتك المخصص لعائلتك أو نفسك. فالنجاح ليس أن تُنجز كل شيء، بل أن تُنجز ما يستحق فعلًا.
وقد تمر بفترات يستهلك العمل فيها معظم وقتك، وأخرى تحتاج فيها للتفرغ أكثر لعائلتك أو لصحتك. السر هو أن تكون مرنًا، تعرف متى تزيد كفة على الأخرى، دون أن تنسى أن تُعيد الميزان إلى وضعه الطبيعي
فصل الأدوار
من أكبر الأخطاء أن نحمل هموم العمل إلى البيت أو نسمح لضغوط الحياة الشخصية بأن تفسد تركيزنا في العمل. لكل مساحة دورها ووظيفتها.
حين تغلق باب المكتب أو تنهي ساعات العمل، حاول أن تُغلق معه كل ما يتعلق به. اجعل بيتك مكانًا للراحة والسكينة، لا امتدادًا للضغوط. والعكس صحيح: عند دخولك مكان عملك، امنح نفسك فرصة لتترك خلفك أي مشكلات شخصية حتى لا تؤثر على إنتاجك.
أعلم أن المعادلة جامدة؛ بل التوازن فيها ديناميكي يتغير مع ظروفك،فهذا الفصل الذكي بين الأدوار يضمن حضورك بكامل طاقتك في كل مساحة، ويمنحك راحة داخلية، وتُبعد عنك الإحساس بالذنب أو الضغط لأنك تدرك أن الحياة لا تسير في خط مستقيم دائمًا.
الاهتمام بالصحة والإستمتاع باللحظة
الصحة أساس أي توازن، فمن الصعب أن تحافظ على أداء جيد في عملك أو تستمتع بوقت مع أسرتك إذا كان جسدك مرهقًا أو عقلك مثقلًا بالإجهاد.
مارس رياضة بسيطة بانتظام، حتى لو كانت 20 دقيقة مشيًا يوميًا. احرص على النوم الكافي، وتذكر أن السهر الطويل لم ينفع أحدًا على المدى البعيد. غَذْ جسدك بأطعمة متوازنة، وتجنب الاعتماد على الكافيين أو الوجبات السريعة كحلول مؤقتة. تَذَكَّرْ أن الاهتمام بجسدك هو استثمار في قدرتك على العطاء طويل المدى.إستمتع باللحظة. لماذا تؤجل حياتك فى إنتظار عطلة نهاية الأسبوع، أو الأجازة السنوية،اللحظة التى تعيشها الآن هى حياتك الحقيقية، إلتقط جمال تفاصيلها، إجعل من يومك لوحة الوان، ضحكة طفل، حديث عابر مع صديق، كوب قهوة أو شاى فى صباح هادئ، إشحن طاقتك وتذكر أن للحياة طعمًا خارج جدران المكتب.
الهوايات كمساحة للتجديد
الهوايات ليست مضيعة للوقت، بل هي وقود الروح. القراءة، الكتابة، الرسم، الرياضة، أو حتى الزراعة المنزلية، كل نشاط بسيط قادر على إنعاش قلبك.
الهوايات تساعدك على اكتشاف جوانب جديدة من نفسك وتحررك من روتين العمل. اجعل لها مساحة ثابتة في جدولك، ولو لساعة أسبوعيًا، وستشعر بفرق كبير في صفاء ذهنك وطاقتك العاطفية.
فقد تكسب مالًا كثيرًا وتُحقق مناصب عالية، لكن إن فقدت صحتك أو أهملت أسرتك ستكتشف أنك خسرت أثمن ما تملك.
النجاح الحقيقي أن تملك عملًا يُلهمك، وحياة تُغنيك، وصحة تدعمك.
كاتبة المقال
الأستاذة سامية البابلى
كاتبة كتابة مقالات ومراجعات الكتب وتبدع في الفن التشكيلي والديكوباج وتؤمن بأن التعبير الإبداعي بالكلمة والريشة .