مها الصغير ومن قبلها غادة والي والبقية تأتى .. سرقات صغيرة وأحلام كبيرة

مها الصغير .. من المؤكد أن ماحدث منها مؤخرًا ليس سابقة غريبة، بل مجرد حلقة جديدة في سلسلة بدأت تتضح معالمها في المشهد الثقافي المصري المعاصر. سلسلة عنوانها: “طالما الصورة على الإنترنت… تبقى بتاعتي!” – جملة تلخص حالة التسيب الفني والفكري في زمن المنصات المفتوحة، حيث يختلط الإعجاب بالاستحواذ، والإلهام بالنسخ، والمجهود والإلهام الشخصي.

كتبت / ماريان مكاريوس

دعونا نعود إلى صيف 2022

حينها، ملأت صور محطة “كلية البنات” الجديدة في مترو مصر الجديدة مواقع التواصل الاجتماعي. تصاميم مبهرجة بالألوان، مليئة بالرموز، بدت كما لو أنها “إحياء حداثي للتراث المصري”. المصممة الشابة غادة والي كانت نجمة المشروع، وتلقت إشادات واسعة، بل قُدمت كوجه جديد لتجديد الهوية البصرية لمصر.


لكن بعد أسابيع من التصفيق، جاء الصفعة من الخارج، من روسيا تحديدًا، حيث خرج الفنان جورجي كوراسوف ليتهم والي بالاقتباس الحرفي – لا المجازي – من أعماله. اللوحات التي ظهرت في المترو، كما قال، لم تكن “مستوحاة”، بل منقولة منه بالكامل: نفس الأشكال، نفس التكوين، نفس الألوان، نفس الوجوه. كل ما في الأمر أنه تم قصها رقميًا، ووضعها على الجدران. لا إذن، لا إشارة، ولا حتى محاولة تورية.

اقرأ ايضا: أماكن اختبارات القدرات للالتحاق بكليات التربية الفنية .. تفاصيل
واللافت أن أحدًا من داخل مصر لم يلحظ شيئًا، لا في لجان التحكيم، ولا في وزارة النقل، ولا في الإعلام. الفضيحة جاءت كعادتها… من الخارج.
واليوم، بعد عامين فقط، تتكرر القصة – لكن في صورة أبسط، وفضيحة أهدأ، وبطلة جديدة: مها الصغير.

خلال استضافتها في برنامج منى الشاذلي – أحد أكثر البرامج المصرية متابعة – جلست مها الصغير أمام الجمهور لتتحدث عن اهتمامها بالفن التشكيلي. قالت إنها تجد في الرسم راحة وتعبيرًا عن ذاتها. ثم عرضت على الشاشة أربع لوحات، ونسبتها لنفسها قائلة ببساطة إنها من أعمالها.

 “الجمهور” هذه المرة لم يكن غافلًا

بعد دقائق، بدأ رواد الإنترنت في البحث عن الأعمال، ليكتشفوا الحقيقة المربكة: اللوحات الأربع موجودة كما هي على موقع Pinterest، وهي من أعمال فنانين عالميين – معظمهم غير مشهورين بما يكفي للاعتراض – لكنها ليست، بأي حال، من إنتاج مها الصغير.
لم تُعد رسمها، لم تغيّر تركيبتها، لم تُضف لمسة شخصية، لم تُقلّد حتى! فقط حمّلت الصور من الإنترنت، عرضتها على الشاشة، وقدّمتها باعتبارها انعكاسًا لروحها الفنية.

اقرأ ايضا: تعاون جديد بين البنك الأهلي والجمعية المصرية اللبنانية لدعم المشروعات

وهنا، يظهر الفرق بين حالتي والي والصغير

غادة والي قامت بحد أدنى من “التصميم”، فأعادت ترتيب عناصر اللوحات، مما أتاح للبعض مساحة – واهية – للدفاع عن “الاقتباس الفني”، أما مها الصغير، فكانت أكثر مباشرة: نسخ مباشر، من دون رتوش، ولا اجتهاد، ولا حتى إحساس بالحرج.

جوهر القصة واحد

الفن بلا حراسة
الملكية الفكرية بلا هيبة
والإعلام لا يدقّق، ما دامت الابتسامة واثقة، والحضور لامعًا، واللقطة جاهزة للبث
الأدهى من ذلك، أن الطرفين لم يقدّما اعتذارًا واضحًا. لم نسمع جملة واحدة تقول: “أخطأنا”، أو حتى “سقط منا سهوا” في الحالتين، كان التعامل مع الأزمة كأنها “زوبعة في فنجان”، لا تستحق التوقف.

ويا للمفارقة… أن تتحول غادة والي إلى رمز لصيحة جديدة: “فن جاهز من الإنترنت”، ليلحق بها آخرون، يجدون في السرقة الفنية طريقًا مختصرًا نحو الضوء. لا تدريب، لا تعب، فقط ذاكرة تخزين مؤقتة، وقليل من الثقة بالنفس أمام الكاميرا.

فهل أصبح الإنترنت متحفًا عامًّا بلا حقوق؟
وهل أصبح السر في الشهرة هو أن لا أحد سيسأل: “هو ده شغلك فعلًا؟”؟
وهل تحوّلنا من “نقتبس باحترام”… إلى “نسرق بلا خجل”؟

Related posts

بدء التقديم لكلية الشرطة 2025.. الشروط والمواعيد الكاملة

أهرامات الجيزة تتألق بإضاءة صديقة للبيئة في مشروع تطوير غير مسبوق

دسوق في قلب التنمية: افتتاح المرحلة الأولى من ساحة المسجد الإبراهيمي