من الريشة إلى التمثيل:تحول جريء في مسيرة إياد نصار وأسرار لأول مرة
إياد نصار.. لم يكن طريق الفنان الأردني إياد نصار مفروشًا بالنجومية منذ البداية، بل بدأ رحلته من عالم الرسم والفن التشكيلي، حيث عرف نفسه منذ صغره كرسام، وتعلّق بهذا المجال حتى التحق بالجامعة لدراسة الفنون الجميلة. إلا أن القدر كان يخبئ له مسارًا مختلفًا، عنوانه المسرح ثم التمثيل.
في لقاء تلفزيوني مع الإعلامية آية الكافوري على قناة “القاهرة الإخبارية”، تحدث نصار عن بداياته قائلاً: “الرسم هو أول ما تعلمت التعبير من خلاله، لكنه لم يكن نهاية الرحلة، فالمسرح جذبني بقوة”.
رغم أن تخصصه كان في الفن التشكيلي، إلا أن اختلاطه بشباب المسرح في الجامعة لعب دورًا محوريًا في تغيير مساره الفني، حيث انخرط في عروض مسرحية جامعية أثارت بداخله شغفًا جديدًا. يقول نصار: “حاولت تحويل التخصص للمسرح ولم أتمكن، لكنني قررت أن أبدأ مشواري من خشبة مسرح الجامعة، ثم واصلت بعد التخرج”.
لم يكن هذا التحول سهلًا، خاصة أن عائلته كانت تتوقع أن يكمل طريقه كرسام محترف، يشارك في المعارض ويُدرّس الرسم في المدارس، إلا أن إياد اختار أن يشق لنفسه طريقًا مختلفًا. ويضيف: “أنا تربية مسرح.. هناك اكتشفت نفسي الحقيقية”.
مع إدراكه أن التمثيل في الأردن والمنطقة محدود من حيث الإمكانيات والفرص، قرر نصار التوجه إلى مصر، حيث تُعد الصناعة الفنية أكثر تطورًا، وتفتح آفاقًا أكبر أمام الممثلين. وعلق على هذه الخطوة بقوله: “لما تحب تتطور لازم تروح لمكان في صناعة كبيرة.. ومصر كانت هي الهدف والطموح”.
بعد انتقاله إلى مصر، بدأ نجم إياد نصار يسطع تدريجيًا، حيث لفت الأنظار بموهبته في عدد من المسلسلات الناجحة مثل موجة حارة، وأريد رجلًا، وحارة اليهود، والجماعة، الذي قدّم فيه شخصية المفكر الإسلامي حسن البنا ببراعة أثارت الجدل والإعجاب.
أما في السينما، فقد شارك في عدة أفلام مميزة مثل الممر، الذي جسد فيه شخصية ضابط إسرائيلي ببراعة، والكاهن، وتوأم روحي، والبعض لا يذهب للمأذون مرتين، وقدم فيها تنوعًا ملحوظًا بين الكوميديا والدراما والتراجيديا.
حصد إياد نصار عدة جوائز وتكريمات خلال مسيرته الفنية، تقديرًا لأدائه اللافت وتنوعه في اختيار الأدوار. نال جائزة أفضل ممثل في مهرجانات عربية، وكرمته مؤسسات فنية في مصر والأردن ودول الخليج، كأحد أبرز الوجوه التي نجحت في تقديم محتوى درامي راقٍ يجمع بين الترفيه والعمق الفني.
في السنوات الأخيرة، واصل نصار تألقه من خلال مشاركته في أعمال لاقت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا واسعًا، منها مشاركته في مسلسل سوتس بالعربي الذي قدم فيه دور المحامي المخضرم، إضافة إلى فيلم 11:11، وفيلم البعبع مع أمير كرارة، وغيرها من الأعمال التي أثبتت قدرته على التجدد والبقاء في الصفوف الأولى.
إلى جانب التمثيل، يمتلك نصار خلفية قوية في الإخراج والمسرح، ويحرص دائمًا على اختيار أدوار مختلفة تعكس قدراته الفنية المتعددة. وقد نجح في بناء قاعدة جماهيرية واسعة بفضل أدائه المتقن، وحرصه على التجديد المستمر في اختياراته.
قصة إياد نصار هي تجسيد حي لقدرة الإنسان على تغيير مساره متى شعر بالشغف الحقيقي. فقد بدأ حياته كرسام، لكنه اكتشف نفسه ممثلًا على خشبة المسرح، وانطلق بخطوات ثابتة نحو الشاشة، حتى أصبح واحدًا من أهم وجوه الدراما والسينما في العالم العربي.