في خطوة تنظيمية جديدة تعكس الحرص الكبير الذي توليه المملكة العربية السعودية لضمان أمن وسلامة ضيوف الرحمن، أعلنت وزارة السياحة، بالتنسيق مع الجهات المعنية، عن قرار صارم يمنع حاملي جميع أنواع التأشيرات باستثناء تأشيرة الحج أو التصاريح النظامية المرتبطة بالعمل أو السكن من دخول مكة المكرمة، وذلك خلال موسم الحج لهذا العام، ابتداءً من الأول من شهر ذي القعدة 1446هـ الموافق 29 أبريل 2025م وحتى نهاية الموسم.
وجّهت وزارة السياحة تعميماً إلى جميع مكاتب خدمات السفر والسياحة، ومرافق الإيواء السياحي بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى المنصات الإلكترونية للحجز، بضرورة الامتناع عن إتمام أي عمليات حجز أو تسكين داخل مكة المكرمة لأي شخص لا يحمل تأشيرة حج سارية أو تصريحًا رسميًا للدخول. وأكدت الوزارة أن أي مخالفة لهذه التعليمات ستُقابل بتطبيق العقوبات النظامية، ما يعكس جدية المملكة في ضبط الدخول إلى العاصمة المقدسة خلال هذه الفترة الحساسة.
يأتي هذا القرار ضمن سلسلة من الترتيبات الأمنية والتنظيمية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية السعودية، والتي تهدف إلى تهيئة بيئة آمنة ومنظمة لحجاج بيت الله الحرام، وضمان انسيابية الحركة داخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتوفير كافة سبل الراحة للحجاج لأداء مناسكهم في أجواء من الطمأنينة والسكون.
وزارة الداخلية أكدت من جانبها أن جميع القادمين إلى المملكة بمختلف أنواع التأشيرات — ما عدا تأشيرة الحج — يجب عليهم مغادرة مكة المكرمة اعتبارًا من يوم الثلاثاء 1 ذي القعدة 1446هـ، وعدم التواجد فيها خلال الموسم، وذلك ضمن إطار تشريعي وتنظيمي متكامل يهدف إلى تقليل التكدس السكاني وضمان تفرغ العاصمة المقدسة لخدمة الحجاج فقط.
وشددت وزارة السياحة على أن هذه التعليمات لا تشمل فقط عمليات الحجز التقليدية عن طريق مكاتب السياحة والفنادق، بل تمتد أيضًا لتشمل المنصات الرقمية ومواقع الحجز الإلكتروني، حيث تم التأكيد على ضرورة التزام جميع الجهات المشغلة لتلك المنصات بالسياسات الجديدة، وعدم قبول أي طلبات حجز من أشخاص لا يملكون التصاريح النظامية المعتمدة خلال هذه الفترة.
الوزارة أوضحت أن هذه الإجراءات لا تستهدف فقط التنظيم الإداري، بل تأتي ضمن منظومة أمنية وصحية وخدمية متكاملة، تشارك فيها عدة جهات حكومية لتوفير أفضل الظروف الممكنة لملايين الحجاج المتوقع قدومهم هذا العام.
كما شددت وزارة السياحة على أن جميع مقدمي خدمات الضيافة في مدينة مكة المكرمة عليهم تحمل مسؤولياتهم القانونية والمجتمعية في إنجاح موسم الحج، والالتزام التام بالضوابط والتعليمات الصادرة، مؤكدة أن أي تجاوز أو محاولة للتحايل ستُعد انتهاكًا صريحًا يعرض المنشآت والأفراد للمساءلة والعقوبات.
وأضافت الوزارة أن هذه الإجراءات تأتي في إطار الجهود التكاملية التي تقوم بها الدولة لخدمة ضيوف الرحمن، والارتقاء بتجربة الحج عامًا بعد عام، وتحقيق أعلى معايير الجودة والتنظيم، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تولي قطاع الحج والعمرة أهمية استراتيجية.
ويُعد موسم الحج من أكبر التجمعات البشرية في العالم، حيث يستقطب ملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، ما يضع المملكة أمام مسؤولية ضخمة تتطلب التنسيق الدقيق بين عشرات الجهات الرسمية والأمنية والخدمية.
ولطالما أثبتت المملكة قدرتها على تنظيم هذا الحدث الاستثنائي بكفاءة عالية، وهو ما جعل من تجربة الحج في السعودية نموذجًا عالميًا يُحتذى به في إدارة الحشود والخدمات اللوجستية والرقمية.
القرارات الجديدة التي أُعلنت مؤخرًا تعكس رؤية واضحة نحو حج منظم وآمن، خالٍ من العشوائية أو التكدس غير المبرر، وتحمل في طياتها رسالة مفادها أن المملكة ملتزمة كل عام بتوفير أفضل التجهيزات والخطط لتيسير أداء المناسك، مع إعلاء مبادئ النظام والمسؤولية والمساواة بين جميع الحجاج.
وتبقى دعوة السلطات واضحة: من أراد الحج، فليلتزم بالقنوات الرسمية والتأشيرات المخصصة لذلك، احترامًا للنظام، وحفاظًا على قدسية الزمان والمكان.