متحف التمساح بأسوان: رحلة في عالم مومياوات التماسيح وعراقة الحضارة المصرية القديمة

يعد متحف التمساح في مدينة أسوان أحد أبرز المعالم الأثرية الفريدة التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. يقع المتحف شمال معبد كوم أمبو على الضفة الشرقية لنهر النيل، ويشكل نقطة اهتمام تاريخية وجغرافية متميزة.

يعد هذا المتحف من المتاحف النوعية التي تركز على مجال معين من الثقافة المصرية القديمة، ألا وهو عبادة التماسيح ومومياواتها. تم تأسيس المتحف في ظل عملية تطوير شاملة للمنطقة بدأت عام 2006، وكان من بين المشاريع المبتكرة في مجال الحفاظ على التراث المصري. يهدف المتحف إلى إبراز تلك العلاقة التاريخية الفريدة بين الإنسان والتمساح، فضلاً عن تسليط الضوء على طقوس الدفن وعبادة الإله سوبك، الذي كان يُعتبر الإله الحامي للتماسيح.

تعود فكرة إنشاء المتحف إلى عام 2006، حينما بدأ تطوير المنطقة المحيطة بمعبد كوم أمبو، أحد أبرز معابد مصر القديمة في محافظة أسوان. كان الهدف من هذا المشروع هو تعزيز السياحة الثقافية وزيادة الوعي بتاريخ المنطقة وأهميتها الأثرية. بناءً على ذلك، تم اختيار فكرة إنشاء متحف متخصّص في مومياوات التماسيح، وهي فكرة مبتكرة تعكس جانباً مهماً من جوانب الحياة الدينية والثقافية في مصر القديمة.

تم افتتاح المتحف في 31 يناير 2012 بعد الانتهاء من بناءه وتجهيزه لعرض القطع الأثرية بشكل عصري. لم يكن متحف التمساح مجرد مكان لعرض المومياوات المحنطة، بل أصبح مركزاً ثقافياً وتعليمياً يعرض تاريخ هذه الكائنات وعلاقتها بحضارة وادي النيل، وتحديداً مع الإله سوبك الذي كان يُعتبر رمزا للحماية والخصوبة.

يعد متحف التمساح أحد المتاحف النوعية التي تتخصص في عرض مومياوات التماسيح، وهو بذلك يعد من بين المعالم السياحية الفريدة في مصر. يهدف المتحف إلى إبراز الدور الكبير الذي لعبته التماسيح في حياة قدماء المصريين، خاصة في منطقة النيل التي كانت تعج بهذه الكائنات المفترسة.

أحد الأهداف الرئيسية للمتحف هو تسليط الضوء على الطقوس الدينية المتعلقة بالتسحيج بالتمساح وعبادة الإله سوبك، الذي كان يُعتقد أنه يمنح القوة والحماية للناس. هذه الطقوس كانت تشمل تقديم القرابين للتماسيح وأحياناً دفن التماسيح في مقابر خاصة، وهو ما يعكس احتراماً عميقاً لهذه الكائنات.

يحتوي المتحف على مجموعة متنوعة من القطع الأثرية التي تروي قصة التماسيح في مصر القديمة. من أبرز المعروضات في المتحف:

مومياوات التماسيح: يشتهر متحف التمساح باحتوائه على أكبر فاترينة عرض تضم 20 مومياء محنطة للتمساح بأطوال مختلفة. تعد هذه المومياوات من أهم المعروضات في المتحف، إذ تقدم لمحة عن كيفية الحفاظ على التماسيح بعد وفاتها وتعتبر شاهداً على طقوس الدفن التي كانت تُستخدم لأغراض دينية وثقافية. كانت هذه التماسيح تُدفن بعناية وتُحنط باستخدام تقنيات متطورة بالنسبة للوقت الذي كانت فيه، لتظل في حالة جيدة وتبقى في الذاكرة الجمعية كجزء من عبادة سوبك.

نموذج لمقبرة التماسيح: يُعد نموذج المقبرة الموجود في المتحف أحد أهم القطع الأثرية التي تعرض كيفية دفن التماسيح في المقابر الفرعونية. يحاكي النموذج مقابر الشطب، التي تم اكتشافها في المنطقة، ويظهر تصميمها الداخلي والعناصر التي كانت تُستخدم في عملية الدفن. تتضمن هذه المقابر توابيت فخارية وأدوات أخرى كانت تُستخدم لتأهيل التماسيح للحياة الأخرى.

القطع الأثرية التي تمثل المعبود سوبك: تشمل مجموعة القطع الأثرية المعروضة في المتحف بعض اللوحات النذرية التي تمثل المعبود سوبك، إله التماسيح. هذه اللوحات تبرز كيفية تكريم المصريين القدماء لهذا الإله وتقديم القرابين له من خلال عروض ونذور مختلفة.

تمساح محنط على محفة خشبية: من المعروضات الفريدة في المتحف تمساح محنط موضوع على محفة خشبية مزخرفة، ويُظهر هذا المعروض كيف كان يتم نقل التماسيح المحنطة بأناقة. يعتقد أن هذا التماثيل كان جزءاً من عملية العبادة والدفن، حيث كان يتم الاحتفاظ بالمومياء في حالة من الاحترام الشديد.

كتلة من الجرانيت الأسود: من القطع النادرة في المتحف قطعة ضخمة من الجرانيت الأسود تتضمن نقوشاً بارزة لتمساحين. هذه القطعة تمثل أهمية التماسيح في الفن والديانة المصرية القديمة، حيث كانت تُستخدم لتمثيل التماسيح في المعابد والأماكن المقدسة.

تتمتع قاعة عرض متحف التمساح بتصميم معماري متميز، حيث تم تقسيمها إلى عدة فترات زمنية وثقافية لعرض القطع الأثرية بطريقة منظمة. تتوزع القطع الأثرية عبر فترينات كبيرة الحجم، وبعض هذه الفترينات تحتوي على تماثيل ومومياوات وقطع فنية تبرز الدور الديني للتمساح في الحياة اليومية للمصريين القدماء. كما تم تخصيص مساحة كبيرة لعرض النماذج الخاصة بالمقابر، التي تعكس الأساليب المعمارية التي استخدمها الفراعنة لدفن التماسيح.

كانت التماسيح تمثل عنصراً مهماً في ثقافة وديانة المصريين القدماء، حيث كانوا يعتقدون أن التماسيح كانت تجلب لهم الحماية والخصوبة. ولذلك، كانت هناك طقوس دينية تقام على شرف الإله سوبك، الذي كان يُعتقد أنه يُسيطر على مياه النيل ويمنح الحماية للناس.

كان يتم تقديم القرابين للتماسيح التي تُعبَد وتُحتفظ بها في معابد خاصة. في بعض الحالات، كان يتم تحنيط التماسيح ودفنها في مقابر خاصة وفقاً للطريقة التي كان يُحتفظ بها بمومياوات الفراعنة. وتعتبر هذه الممارسات جزءاً من ثقافة دينية واسعة كان لها تأثير كبير على الحياة اليومية.

على الرغم من أن متحف التمساح قد تم افتتاحه في 2012، إلا أنه أصبح اليوم أحد المعالم السياحية المهمة في أسوان، حيث يجذب السياح من جميع أنحاء العالم. يساهم المتحف بشكل كبير في تعزيز السياحة الثقافية في مصر، ويُعد نقطة جذب رئيسية للمهتمين بالتاريخ المصري القديم، خصوصاً أولئك الذين يبحثون عن فهم أعمق للثقافة الدينية المصرية وعلاقة الإنسان مع الحيوانات في العصور القديمة.

من خلال تقديم هذا المعروض الفريد من نوعه، يسهم المتحف في توسيع نطاق المعرفة حول الحضارة المصرية القديمة، ويُعد بمثابة نافذة لاستكشاف الطقوس والتقاليد التي ربما كانت غائبة عن الكثيرين.

المزيد: 

Related posts

اساءات القاضى للخطيب… وراقصة شهيرة تدعى على إعلامية اكثر شهرة والبقية تأتى

وزير الاتصالات يبحث افاق التعاون والاستثمار مع فوداكوم وفودافون مصر

المدفوعات الإلكترونية في مصر : رحلة النمو والتحول الرقمي