مبارك وأبو غزالة.. تحديات “معركة الترددات” وعبقرية الهندسة المصرية في مواجهة الاختراق

مبارك وأبو غزالة

كتب/ ماجد مفرح 

مبارك وأبو غزالة .. تحديات “معركة الترددات” بعد 37 عامًا من السرية التامة، تكشف وثائق ومعلومات جديدة عن عملية استخباراتية معقدة أحبطت فيها مصر مخططًا أمريكيًا للتجسس والسيطرة على شبكة الاتصالات الأرضية في البلاد عام 1987 تابع التقرير على تريندات.

مفاجأة “السنترال الذكي”.. مؤامرة تتكشف

القصة التي ظلت طي الكتمان لعقود، تبرز بطولة رجال الظل في الجيش المصري وقدرتهم على حماية أمن البلاد القومي في مواجهة تحديات غير مسبوقة.

ففي منتصف الثمانينيات، كانت مصر تسعى لتحديث بنيتها التحتية للاتصالات، ومع تنامي المساعدات الأمريكية، عُرض نظام متطور للسنترالات الأرضية كجزء من المعونة، بدا العرض مغريًا، وكان من المقرر أن يبدأ العمل بأول سنترال في الجيزة.

لكن حنكة المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك، وشكوكه العميقة في النوايا الأمريكية، دفعته لإصدار توجيهات باختبار النظام بدقة.

ولم يكن النظام الأمريكي مجرد تحديث، بل كان أداة تجسس متكاملة، اكتشف خبراء سلاح الإشارة أن النظام قادر على تخزين كميات هائلة من الاتصالات ثم إرسالها عبر هوائيات السنترال في نبضات سريعة جدًا، تستغرق الواحدة منها 20 ثانية فقط، وما هو أخطر، أن هذا النظام كان يتيح إمكانية إيقاف الاتصالات عن بُعد، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للسيادة المصرية.

قرار “التدمير الإلكتروني”.. المواجهة تحت السرية

فور تلقيه التقرير الصادم، اتخذ المشير أبو غزالة قرارًا جريئًا وحاسمًا: تدمير النظام إلكترونيًا، وعرض الأمر على الرئيس حسني مبارك، الذي أيّد القرار ووافق على عزل النظام في سنترال الجيزة وتفعيل خطة تدميره.

اجتمع المشير أبو غزالة مع كبار قادة الحرب الإلكترونية وسلاح الإشارة، بالإضافة إلى جهة عسكرية أخرى ظلت هويتها سرية، وكُلفت إدارة الحرب الإلكترونية بالمهمة، وتم استدعاء نخبة من ضباط الاستطلاع اللاسلكي والإعاقة اللاسلكية للمشاركة في هذه العملية شديدة الحساسية، تحت إشراف العقيد عبد الحكيم، تم اختيار موقع استراتيجي في المقطم لتنفيذ العملية.

الرئيس مبارك وأبو غزالة

معركة الترددات وتحديات تقنية وحلول مصرية

كانت التحديات ضخمة، حيث كشف الاستطلاع أن الأمريكان كانوا يستخدمون ستة ترددات في الرسالة الواحدة. وبحسابات دقيقة لقوة الإشارة، تبين أن كل تردد يتطلب محطتي إعاقة، مما استدعى توفير 12 محطة إعاقة، لكن العقبات لم تتوقف عند هذا الحد؛ فمحطات الإعاقة لا يمكنها العمل على مدار 24 ساعة، وزمن تشغيلها لا يتجاوز دقيقتين إلى ثلاث دقائق لإنجاز المهمة.

تطلب الأمر تدريبًا مكثفًا واستخلاص نتائج مستمرة ومتابعة دقيقة لتوقيتات الإشارة المحتملة، وكُلّف سلاح الإشارة بمهمة بث إشارة مماثلة من موقع في صحراء حلوان، وتم التدريب عليها بنجاح، وفي النهاية، نجحت التجربة في تدمير جهاز الإرسال في الزمن المطلوب.

لحظة الحقيقة وإنجاز سري غير مسبوق

مع استعداد الفريق، وبعد 42 يومًا من التخطيط والتدريب، أعطى مدير الإدارة الأمر بتنفيذ المهمة. وبمعاونة إلهية، تم تتبع الإشارة وتدمير منظومة الإرسال بنجاح باهر، ووصل الخبر من السنترال بأن الأجهزة بدأت بالاحتراق والدخان الكثيف، وتفحمت بالكامل من قوة الإعاقة، وتوقف المشروع الأمريكي تمامًا.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية التي لم يُكشف عنها النقاب إلا الآن بعد مرور ما يقرب من أربعة عقود، كانت شهادة على يقظة ومهارة القوات المسلحة المصرية في حماية أمن البلاد.

وفي الوقت الذي ظلت فيه هذه البطولة سرية، تُبرهن اليوم أن مصر يحميها “رجال الظل” مهما كانت المخاطر. كُرِّم المشاركون في هذه العملية بمكافآت كبيرة من المشير أبو غزالة تقديرًا لجهودهم في حماية أمن مصر.

Related posts

مجلس الوزراء يقر 9 قرارات مهمة خلال اجتماعه الأسبوعي

بدء التقديم لكلية الشرطة 2025.. الشروط والمواعيد الكاملة

أهرامات الجيزة تتألق بإضاءة صديقة للبيئة في مشروع تطوير غير مسبوق