الرئيسية » “ليلى”: الفيلم الذي فعلت فيه عزيزة أمير ما عجز الرجال عن فعله

“ليلى”: الفيلم الذي فعلت فيه عزيزة أمير ما عجز الرجال عن فعله

by باهر رجب
0 comments

عزيزة أمير ـــ مؤسسة السينما المصرية وبطلة أول فيلم مصري “ليلى” (1927)فصل الكلمات بين الحلم والواقع: قصة عزيزة أمير الاستثنائية

كتب باهر رجب

في يوم السادس عشر من نوفمبر عام 1927، شهدت مصر حدثا فاصلا في تاريخها السينمائي والثقافي. فقد عرض في دار سينما “متروبول” بالقاهرة ـــ التي تقع الآن مكانها مسرح عبد المنعم مدبولي بحي العتبة ـــ أول فيلم صامت مصري طويل من الناحية الإنتاجية و التمثيلية و الإخراجية. كان هذا الفيلم بعنوان “ليلى”، وكانت بطلته وأول منتجة سينمائية مصرية هي الفنانة التي ستعرف لاحقاً بـ”أم السينما المصرية” و بـ”الأم الشرعية” لهذه الصناعة الحديثة ـــ عزيزة أمير.اسمها الحقيقي كان مفيدة محمود غنيمي (أو غنيم) (أو غانم).

ولدت في السابع عشر من ديسمبر عام 1901 بمدينة الإسكندرية أو طنطا أو دمياط لأسرة فقيرة جدا تعود أصولها إلى محافظة دمياط. كانت طفولتها محفوفة بالتحديات و الفقدان؛ فقد توفي والدها بعد أسبوعين فقط من ولادتها، تاركا أسرتها يتيمة من الأب وهي رضيعة لم تتجاوز خمسة عشر يوما من عمرها. انتقلت الأسرة بعد ذلك من الإسكندرية إلى القاهرة، واستقرت في حي السيدة زينب بالقرب من شارع خيرت، وهي منطقة كانت نابضة بالحياة الشعبية والثقافية. كان والدتها و إخوتها ـــ وعددهم أربع أخوات وأخ واحد يدعى أحمد ـــ كل ما تملكه.

عزيزه امير

التحصيل العلمي والثقافي في ظروف الفقر

رغم أن أسرة مفيدة الفقيرة لم تستطع توفير لها تعليما نظاميا كاملا، فقد اكتفت بالالتحاق بالمدرسة دون إكمال دراستها الرسمية، إلا أن والدتها كانت واعية لأهمية التطور الثقافي والفني. تعلمت مفيدة القراءة والكتابة بنفسها، وبدأت تحلم بأن تصبح موسيقية محترفة، فتعلمت عزف البيانو ومبادئ الموسيقى. كما تعلمت اللغة الفرنسية بمجهود شخصي، وكانت تقضي وقتها في جوب الشوارع بحثا عن صور الفنانات العالميات لتقليدهن أمام المرايا.في هذه الفترة من حياتها المبكرة، التقت مفيدة بأسرة الفنان التشكيلي المصري الشهير محمود خليل، الذي كان معروفا بثقافته العالية ومحبته للفنون. أحب محمود خليل الفتاة الصغيرة الموهوبة، وضمها إلى بيته، فاهتم بثقافتها الفنية بشكل مباشر. اصطحبها مع أسرته في زيارات إلى استوديوهات السينما والمسارح العالمية، مما ساهم في توسيع مداركها الفنية بشكل كبير. رغم عدم حصولها على شهادة دراسية رسمية، أصبحت مفيدة من أكثر الفتيات ثقافة في ذلك الوقت.

اللقاء الأول مع السياسي والزواج السري الغامض

تحيط الغموض قصة الزواج الأول لعزيزة أمير، وهو ما حاولت إخفاءه طوال حياتها. حسب الروايات، تزوجت مفيدة ـــ وهي لا تزال صغيرة جدا ـــ من شخصية سياسية مصرية بارزة و مرموقة، كان يكبرها بسنوات عديدة جدا. كان هذا الزواج سرا، ولم تكن تريد الحديث عنه أبدا. قيل إن هذا الرجل كان له دور مهم في تعليمها وتطوير ثقافتها، وأنه اصطحبها في رحلة إلى أوروبا، حيث ساهمت هذه الرحلة في فتح آفاق جديدة لها من الناحية الفنية والثقافية. إلا أن هذا الزواج لم يستمر طويلا بسبب فرق السن الكبير بينهما، والأهم من ذلك أن الرجل كان متزوجا من قبل وله أبناء من زوجته الأخرى.

البداية المثيرة في عالم المسرح: الكذبة التي غيرت حياة مصر

بدأت مفيدة حياتها الفنية ـــ كما قد يبدو غريبا ـــ بكذبة جريئة جدا. فقد تقدمت في عام 1925 لاختبارات المسرح التي كان ينظمها العملاق الفني الراحل يوسف وهبي، مؤسس فرقة “رمسيس” المسرحية الشهيرة. لكنها ادعت أمام وهبي أنها فتاة ثرية جدا من عائلة أرستقراطية كبيرة، وليست فتاة فقيرة من حي السيدة زينب. لقد كانت هذه حقا دورتها التمثيلية الأولى، لكنها لعبتها قبل أن تقف على المسرح!اقتنع يوسف وهبي بأكذوبتها، وكان معجبا بموهبتها وشخصيتها القوية. وهكذا، منح الفنان الكبير مفيدة اسما فنيا جديدا هو “عزيزة أمير” بدلا من اسمها الحقيقي “مفيدة غنيمي”، وقرر تقديمها للمسرح. قدمها يوسف وهبي للمرة الأولى على خشبة المسرح يوم الخمسة والعشرين من ديسمبر عام 1925 في مسرحية “الجاه المزيف”، وكانت بداية مذهلة حقا.

عزيزه امير وابنتها

قصة حب، غيرة وطرد من الفرقة

بعد نجاح دورها الأول، قدمت عزيزة أمير عدة أدوار في مسرحيات مهمة مع فرقة رمسيس، منها “أرسين لوبين” و”أولاد الذوات”. كان الأهم في هذه المرحلة أن يوسف وهبي، الذي كان يبلغ من العمر أكثر من خمسين سنة، اهتم بها بشكل خاص جدا. دفع لها أعلى أجر لممثل في مسرحه، وصل إلى ثلاثين جنيها مصريا ـــ وهو مبلغ ضخم جدا في ذلك الوقت. هذا الدعم الاستثنائي أثار غضب باقي الممثلات والممثلين في الفرقة، خاصة نساء الفرقة.أطلقت الممثلات الأخريات، اللواتي شعرن بالغيرة، شائعات كثيرة عن وجود “قصة حب” بين يوسف وهبي والفنانة الشابة عزيزة أمير. وبسبب هذه الشائعات، تدخلت زوجة يوسف وهبي بقوة. كانت الزوجة غاضبة جدا وطلبت من زوجها بصرامة أن ينهي هذا الدعم الخاص لعزيزة أمير. بل ذهبت الزوجة أبعد من ذلك وطردت عزيزة أمير بنفسها من فرقة رمسيس بشكل مذل و قاسٍ.

الانتقال والنجاح المستمر: الريحاني وبداية السينما

لم تستسلم عزيزة أمير لهذا الفشل. انتقلت إلى فرقة “نجيب الريحاني” الشهيرة، حيث قدمت مسرحيتين مهمتين: “الآنسة بطاطا” و”ليه كدة”. بعد مرور بعض الوقت، وبعد أن طلق يوسف وهبي زوجته الأولى، عادت عزيزة أمير إلى فرقة رمسيس مرة أخرى وقدمت مسرحية “أولاد الذوات” كممثلة مهمة.كانت هذه المسرحية ستصبح نقطة تحول كبيرة جدا في حياتها، لأن مسرحية “أولاد الذوات” تم تحويلها إلى فيلم سينمائي لاحقا. كانت عزيزة أمير مرشحة بقوة لتمثيل دورها في هذا الفيلم، لكن الدور ذهب في النهاية إلى الممثلة الأخرى أمينة رزق، وكان هذا الأمر مخيبا لآمالها.

أول خطوة سينمائية: نداء الله (1926)

لم تستسلم عزيزة أمير لخيبة الأمل. كانت لديها أحلام أكبر. في عام 1926، اتخذت قرارات جريئة جدا بأن تقتحم عالم السينما بنفسها، وليس الانتظار كممثلة. أسست عزيزة أمير شركة للإنتاج السينمائي باسم “إيزيس” ـــ اسم الإلهة المصرية القديمة، وهو الاسم الذي كانت تفضله شخصيا على لقب “عزيزة أمير”. كانت هذه الخطوة تاريخية؛ فقد أصبحت عزيزة أمير أول امرأة في مصر والعالم العربي تؤسس شركة إنتاج سينمائي.أنتجت عزيزة أمير من خلال شركة “إيزيس” أول فيلم لها بعنوان “نداء الله” (والذي سمي أحيانا “نداء الرب”). كان الفيلم من إخراج المخرج التركي وداد عرفي، الذي جاء إلى القاهرة وكان له تأثير كبير على الحركة السينمائية المصرية الناشئة.

قامت بدور البطولة أمام الممثل أحمد جلال، الذي أصبح فيما بعد “أول فتى أول” في تاريخ السينما المصرية. حضر افتتاح عرض الفيلم شخصيات كبيرة مثل الرجل الاقتصادي الشهير طلعت باشا حرب وكذلك رئيس فرقة رمسيس يوسف وهبي نفسه.الفيلم “نداء الله” كان تجربة مهمة، لكنه فشل فشلا ذريعا من الناحية التجارية والفنية. السبب الرئيسي للفشل كان أن المخرج التركي وداد عرفي لم يكن يفهم اللغة العربية بشكل جيد، مما أدى إلى صعوبات كبيرة في فهم النصوص والحوارات والقصة، وترتب على ذلك عدم تناسق في الأداء و الحبكة.

الحظ الأسود والفشل الذي لم ينهي الحلم

رغم هذا الفشل المحبط، التقت عزيزة أمير بعد فترة بالمخرج الإيطالي الموهوب تيليو كياريني، الذي فهم الرؤية التي تريد عزيزة تحقيقها. كان كياريني مصور فيلم محترف جدا، وكان لديه خبرة عملية كبيرة في الأفلام الصامتة. في هذا الوقت، حدثت نقطة تحول قاسية جدا في القصة.كانت هناك امرأة أخرى تعمل في المجال السينمائي وتطمح أيضا إلى الإنتاج، هي الممثلة والراقصة فاطمة رشدي. اقتنع المخرج والمصور الإيطاليان بأن يعملا مع فاطمة رشدي بدلا من عزيزة أمير، مما أدى إلى انهيار حلم عزيزة و إحباطها الشديد جدا. لكن بدلا من الاستسلام، اجتمعت عزيزة أمير مع فريق من المخرجين و المنتجين الموهوبين: استيفان روستي (المخرج الإيطالي)، أحمد جلال، حسين فوزي، والمصور الإيطالي تيليو كياريني، لتبدأ مشروعا سينمائيا جديدا وأكبر بكثير.

فيلم “ليلى” (1927): نقطة التحول التاريخية

القصة و الحبكة: رومانسية في ظل الخيانة و الاستعمار

بدأ فريق الإنتاج ـــ بقيادة عزيزة أمير ـــ بكتابة فيلم جديد تماما. كانت النسخة الأولى من الفيلم باسم “نداء الله” وكانت مخرجة من قبل وداد عرفي في جزأين فقط، لكن عزيزة أمير أرادت أن تحول هذا الفيلم إلى عمل أكبر وأكثر طموحا. أعادت عزيزة كتابة السيناريو بالاشتراك مع أحمد جلال، و أضافت مشاهد جديدة كثيرة جدا، وزادت عدد الأجزاء من جزأين إلى خمسة أجزاء كاملة.

غيرت اسم الفيلم إلى “ليلى”، وحذفت الدور الأصلي لوداد عرفي نفسه، و أسندت دوره إلى الممثل أحمد علام.قصة الفيلم، كما روتها المصادر المصرية القديمة، تدور حول ليلى (التي تمثلها عزيزة أمير)، وهي فتاة تعيش في واحة هادئة وسط الصحراء القاحلة. تقع الواحة بالقرب من إطلال ممفيس القديمة، الحضارة الفرعونية العريقة. في هذه الواحة، التي تدار من قبل الرجل الثري و المحترم رؤوف بك (الذي يمثله الممثل إستفان روستي نفسه)، تعيش ليلى حياة بسيطة وهادئة.

يقع رؤوف بك في حب ليلى ويحاول التودد إليها بكل طرقه. لكن ليلى لا تنظر إليه كحبيب؛ بل إنها معجبة بشاب وسيم يدعى أحمد، الذي كان قد أنقذها من قبل من محاولة سالم الاعتداء عليها بقوة وعنف. يخطب أحمد لليلى، وتتعلق به بشدة شديدة.لكن السعادة لا تستمر.

الفتاه الأجنبية ودلالتها على المجتمع

تأتي فتاة أجنبية برازيلية جميلة جدا، وهي سائحة غنية تقيم في فندق قريب من القرية الهادئة. هذه الفتاة الأجنبية تستخدم كل مكايدها وفنونها لإيقاع أحمد في حبها. تنجح الفتاة الأجنبية، ويترك أحمد ليلى ويذهب مع الفتاة الأجنبية. هذه النقطة كانت مهمة جداً من الناحية الاجتماعية والسياسية، لأن الفيلم كان يصور الأجنبي (الفتاة البرازيلية) كمصدر تهديد للنسيج الاجتماعي المصري والعلاقات العائلية.

تترك ليلى وحيدة وحزينة جدا. و الأسوأ من ذلك، أنها تكتشف أنها حامل بطفل أحمد. عندما يكتشف أهل القرية الفقراء و المحافظون أن ليلى حامل بطفل من دون زواج قانوني، يطردونها من القرية بقسوة. تصبح ليلى هائمة على وجهها في الصحراء، وحيدة وجائعة وحزينة ومرضى جسديا ونفسيا. وفي لحظة مؤسفة جدا، تصدمها سيارة. يكتشف سائق السيارة أنه رؤوف بك نفسه، الذي كان يحبها طوال الوقت. يحمل رؤوف ليلى الضعيفة بين ذراعيه برقة وحنان، و يأخذها إلى منزله. وهناك، تضع ليلى طفلها… وتموت.

الرسالة الاجتماعية والسياسية للفيلم

كانت قصة “ليلى” تعكس قضايا اجتماعية كبيرة جدا كانت تناقشها مصر في أوائل القرن العشرين. الفيلم كان يتعامل مع موضوعات خطيرة مثل الأمومة العازبة، الطبقية الاجتماعية، الدور المؤذي للأجانب (الاستعمار) في تفكك المجتمع المصري، والتقاليد الاجتماعية القاسية التي تعاقب النساء على “الأخطاء الأخلاقية” بينما لا تعاقب الرجال. كان الفيلم تصويرا صريحا للحقائق المؤسفة للحياة الريفية والشعبية في مصر.

التصوير والمشاهد الخارجية

كان فريق الإنتاج برئاسة عزيزة أمير طموحا جدا من الناحية التقنية. صورت المشاهد الخارجية للفيلم بين أهرامات الجيزة العملاقة وصحراء سقارة الصامتة الهادئة. كما تم تصوير مشاهد كثيرة في شوارع القاهرة المختلفة، لإضفاء الواقعية على الأحداث. كان هذا الاختيار ذكيا جدا؛ فالفيلم لم يكن دراميا فقط، بل كان أيضا عرضاً للثقافة والعمارة المصرية الأصيلة.

الفريق التقني والمثقف

كانت الهيئة التقنية للفيلم متعددة الجنسيات و موهوبة جدا:

الإخراج: أكمل الفيلم بشكل نهائي المخرج الإيطالي استيفان روستي بالاشتراك مع أحمد جلال وحسين فوزي وبالطبع عزيزة أمير نفسها التي كانت تشرف على كل تفاصيل الإنتاج.

التصوير: المصور الإيطالي الشهير تيليو كياريني، الذي كان من أفضل المصورين السينمائيين في أوروبا في ذلك الوقت.

بطولة الفيلم:

عزيزة أمير في دور البطولة الرئيسية (ليلى)

استيفان روستي  (رؤوف بك)

أحمد علام (أحمد)، الذي أصبح أول “فتى أول” حقيقي في السينما المصرية

آسيا داغر (الفتاة البرازيلية الأجنبية)

وداد عرفي (تمثيل دور صغير)

حسين فوزي (تمثيل دور صغير)

أليس لازار

بمبة شكر (في دور راقصة / كومبارس)

أحمد ليل

أحمد الشريعي (الذي سيصبح لاحقا زوج عزيزة أمير الثاني)

ميري منصور

كانت قائمة الممثلين تعكس خليطا من النجوم المصريين الناشئين والممثلين الأجانب الذين كانوا يعملون في مصر.

عرض الفيلم والاستقبال الكبير و التكريمات

في مساء السادس عشر من نوفمبر عام 1927، اجتمع حشد كبير جدا من الشخصيات الثقافية والسياسية والاقتصادية المصرية في دار سينما “متروبول” بالقاهرة لحضور عرض الفيلم الأول والحصري. كان الحدث حدثا تاريخيا حقا.حضر العرض أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي نفسه، الذي كان يعتبر أعظم شاعر مصري في عصره وأحد أعظم الشعراء العرب في كل التاريخ. كان أحمد شوقي معجبا جدا بالفيلم، وخاصة بأداء عزيزة أمير. في نهاية العرض، وقف أمير الشعراء وألقى كلمة جميلة جدا في حق عزيزة أمير. قال شوقي لها كلمات قد تصبح الأشهر و الأكثر تكريما في حياتها بأكملها:

“فعلت يا سيدتي ما عجز الرجال عن فعله!”

كانت هذه الكلمات من أعظم الشعراء العرب بمثابة تتويج حقيقي لعزيزة أمير وجهودها الهائلة. أطبقت الحشود الحاضرة على هذه العبارة، وأصبحت هذه الكلمات هي الدليل الأبدي على ريادة عزيزة أمير و شجاعتها والتزامها بحلمها رغم كل التحديات.كما حضر حفل الافتتاح طلعت باشا حرب، رائد الاقتصاد والعمل المصري، الذي قدر جهود عزيزة أمير الاستثنائية. وقال لها كلمات تشبه في معناها كلمات أحمد شوقي: “لقد حققت يا سيدتي ما لم يستطع الرجال أن يفعلوه”.سجل الفيلم “ليلى” نجاحا تجاريا وفنيا ملحوظا جدا، مما فتح الأبواب أمام الإنتاج السينمائي المصري والعربي. ومع أن هناك نقاشات تاريخية حول ترتيب أول فيلم مصري طويل (بسبب فيلم “قبلة في الصحراء” الذي عرض قبله بقليل في 5 مايو 1927)، لكن “ليلى” يعتبر أول فيلم صامت طويل من إنتاج مصري بالكامل (إنتاجا و تمثيلا و إخراجا)، وهذا هو الفرق الجوهري.

المزيد من الزيجات والعلاقات الرومانسية المعقدة

بعد نجاح فيلم “ليلى”، أصبحت عزيزة أمير شخصية مهمة و شهيرة جدا في المجتمع المصري، وأصبحت محط أنظار الكثيرين، ليس من الناحية الفنية فقط بل الاجتماعية أيضا. لكن حياتها العاطفية و الزوجية كانت معقدة جدا وغير مستقرة.

الزوج الثاني: أحمد الشريعي

تزوجت عزيزة أمير، أثناء عملها في فرقة رمسيس المسرحية، من أحمد الشريعي، الذي كان عمدة (حاكم) مدينة سمالوط بالصعيد المصري وأحد أكبر الملاك والأثرياء في الصعيد. كان أحمد الشريعي يكبر عزيزة أمير بسنوات عديدة جدا. دام هذا الزواج لمدة احدى عشر سنة طويلة.لكن العلاقة بدأت تتدهور عندما علمت أسرة أحمد الشريعي بهذا الزواج. كانت الأسرة قلقة جداً من زواج أحد أفراد العائلة من ممثلة (وهي مهنة لم تكن مقبولة اجتماعيا في ذلك الوقت)، وطلبت من أحمد الشريعي أن ينهي هذا الزواج على الفور. شعرت عزيزة بالإهانة والغضب من هذا الموقف، وأرادت الانتقام من أحمد الشريعي وأسرته.

الزوج الثالث: مصطفى الشريعي

كانت خطة عزيزة الانتقامية غير متوقعة تماما؛ فقد اختارت أن تتزوج من شقيق أحمد الشريعي الآخر، مصطفى الشريعي! كانت هذه خطوة جريئة جدا وفيها الكثير من المشاعر المختلطة. لكن هذا الزواج أيضا لم يدم طويلا. اكتشفت عزيزة أن مصطفى الشريعي قد تزوج عليها سرا بامرأة أخرى! بقيت عزيزة أمير معه لمدة سبع سنوات قبل أن تطلقه وتنهي هذه العلاقة المؤسفة.

الحب الحقيقي: محمود ذو الفقار (1939)

في عام 1939، التقت عزيزة أمير بالمخرج والممثل و المنتج الموهوب محمود ذو الفقار. كان ذو الفقار من عائلة فنية شهيرة جدا؛ فشقيقه عز الدين ذو الفقار كان مخرجا مشهورا أيضا، وشقيقه الأصغر صلاح ذو الفقار كان ممثلا موهوبا. التقيا من خلال العمل في الفيلم “بياعة التفاح” (أو “بائعة التفاح”)، الذي بدأ محمود ذو الفقار حياته الفنية من خلاله أمام عزيزة أمير.وقعا في حب حقيقي عميق جدا. تزوجا و كونا معا شركة إنتاج سينمائي مشتركة تحت اسم “إيزيس فيلم”، نسبة إلى الاسم الذي كانت تفضله عزيزة أمير (الإلهة المصرية القديمة إيزيس).

كان هذا الزواج أكثر زيجاتها استقرارا وأكثرها سعادة. عمل محمود ذو الفقار وعزيزة أمير معا في عدة أفلام مهمة. ساهما معا في إنتاج عشرات الأفلام الناجحة والمهمة في تاريخ السينما المصرية. لكن هذا الزواج قطع قصته الحزينة عام 1952 بوفاة عزيزة أمير المفاجئة. انهار محمود ذو الفقار عند سماعه نبأ وفاة زوجته. كان حزنه عميقا جدا حتى أنه فكر في اعتزال الفن نهائيا. لكنه تراجع بعد تفكير عميق وطويل، وقرر أن يستمر في العمل الفني تكريما لذكرى زوجته الراحلة. أسس فيما بعد شركة إنتاج أخرى باسم “أمير فيلم” لتكريم ذكرى عزيزة أمير الخالدة.

اتسعت التجربة السينمائية: التأليف والإخراج

بعد نجاح فيلم “ليلى”، لم تكتفي عزيزة أمير بدور الممثلة والمنتجة. بدأت تكتشف شغفها بالكتابة السينمائية والإخراج أيضاً.

التجربة الأولى في الإخراج: بنت النيل (1929)

في عام 1929، أخرجت عزيزة أمير فيلماً جديداً باسم “بنت النيل”، وقامت ببطولته أيضاً في دور مفيدة هانم. كانت هذه تجربتها الأولى الحقيقية في الإخراج السينمائي، مما جعلها أول امرأة تعمل كمخرجة سينمائية في التاريخ ـــ ليس فقط في مصر، بل في العالم العربي كله، وربما حتى في العالم كله.

التجربة الثانية في الإخراج: كفري عن خطيئتك (1933)

في عام 1933، أخرجت عزيزة أمير فيلماً آخر باسم “كفري عن خطيئتك” (أو “كفري عن خطيئتك”)، وقامت ببطولته كممثلة رئيسية، مما أظهر قدرتها على الجمع بين الإخراج والتمثيل.

رحلة التأليف السينمائي الطويلة

لم تتوقف عزيزة أمير عند الإخراج. بدأت تكتب السيناريوهات والحوارات والقصص السينمائية. وفق المصادر الموثوقة، كتبت ما يقرب من ستة عشر عملا سينمائيا خلال حياتها المهنية.

من أهم أعمالها التأليفية:

الأفلام المشتركة مع محمود ذو الفقار:

“الورشة” (1940): كتبت القصة والسيناريو والحوار، وقامت بدور الممثلة أيضاً (دور زينب / الأسطي زهزه)

“عودة طاقية الإخفاء” (1946): كتبت السيناريو والحوار

“خدعني أبي” (1951): كتبت القصة والسيناريو

“قسمة ونصيب” (1950): كتبت القصة والسيناريو والحوار

الأفلام الأخرى:

“بياعة التفاح” (1939): كتبت السيناريو والحوار

“فتاة من فلسطين” (1948): كتبت القصة والسيناريو والحوار (من إخراج محمود ذو الفقار)

“ابنتي” (1944): كتبت القصة والسيناريو

“وادي النجوم” (1943): كتبت السيناريو و الاقتباس

“ليلة الفرح” (1942): كتبت القصة والسيناريو والحوار

“آمنت بالله” (1952): كتبت السيناريو والحوار

كانت عزيزة أمير تكتب عادة عن قضايا اجتماعية مهمة، وخاصة قضايا النساء والطبقات الشعبية والقضية الفلسطينية. كانت أول من تناول القضية الفلسطينية في أفلام مصرية، وهذا يظهر وعيها السياسي والاجتماعي العميق.

رصيد التمثيل الشامل

رغم تركيز عزيزة أمير على الإنتاج والإخراج والتأليف، إلا أنها ظلت ممثلة نشطة جداً. قدمت ما يقرب من واحد وعشرين عملاً تمثيلياً (أفلام وأحياناً مسرحيات) خلال مسيرتها.

من أهم أفلامها التمثيلية:

ليلى (1927): الدور الرئيسي

نداء الله (1926): الدور الرئيسي

بنت النيل (1929): دور مفيدة هانم

كفري عن خطيئتك (1933): الدور الرئيسي

بسلامته عايز يتجوز (1936): مع نجيب الريحاني (دور بثينه)

بياعة التفاح (1939): دور فرحانة / فيفي

الورشة (1940): دور زينب / الأسطي زهزه

ابن البلد (1942): دور في الفيلم

ليلة الفرح (1942): دور في الفيلم

وادي النجوم (1943): دور زينب

ابنتي (1944): دور ناهد لطفي

حبابة (1944): دور حبابة (مع الممثل يحيى شاهين)

الفلوس (1945): دور في الفيلم

شمعة تحترق (1946): دور سميرة هانم

هدية (1947): دور في الفيلم

فوق السحاب (1948): دور في الفيلم

فتاة من فلسطين (1948): دور في الفيلم

نادية (1949): دور نادية

قسمة ونصيب (1950): دور زينب

آمنت بالله (1952): دور فاطمة (آخر أفلامها)

كانت عزيزة أمير معروفة بتخصصها في تمثيل دور الفتاة الأرستقراطية، دور المرأة الثرية التي تسعى للحصول على حب الرجل الذي تحبه. كانت تجيد تمثيل هذه الأدوار بشكل استثنائي.

الإنتاج والإدارة: شركة إيزيس فيلم

لم تكن عزيزة أمير مجرد ممثلة وكاتبة و مخرجة؛ بل كانت أيضا رائدة الإنتاج السينمائي المصري. عملت من خلال شركتها “إيزيس فيلم” على إنتاج ما يقرب من خمسة وعشرين فيلماً. كانت شركتها واحدة من أوائل شركات الإنتاج المهمة في تاريخ السينما المصرية.أثبتت عزيزة أمير أنها ليست فقط موهوبة فنياً، بل أيضاً رجال أعمال ماهرة جداً. استطاعت أن تدير شركة سينمائية كاملة، وتتعامل مع الميزانيات والتوزيع والعرض والإدارة المالية، في وقت كانت المرأة فيه نادراً ما تعمل في إدارة الأعمال والاقتصاد.

الاعتراف الرسمي و التكريمات الدولية

تم تكريم عزيزة أمير رسمياً كرائدة للسينما المصرية والعربية. في عام 1936، في أول مؤتمر للسينما الذي عقد في مصر، ألقت عزيزة أمير كلمة تاريخية قالت فيها:”يكفيني فخراً يا حضرات أن صناعة السينما تقدمت هذا التقدم الكبير، وأن أكون أنا الفدية و القربان مطالبة بالمزيد من الاهتمام بصناعة السينما.”كانت كلمتها تعكس فهمها العميق لدورها التاريخي و للضريبة التي دفعتها لإنشاء هذه الصناعة. اعترفت أنها “فدية و قربان”، أي أنها قدمت حياتها و تضحياتها من أجل السينما المصرية.

آخر أفلامها و الاعتزال المفاجئ

آخر فيلم قدمته عزيزة أمير كان بعنوان “آمنت بالله” في عام 1952. كانت بطولة الفيلم مع الممثلة الشهيرة مديحة يسرى. عرض الفيلم في دار سينما “الكوزمو” في الثالث من نوفمبر عام 1952.لكن قبل انتهاء عام 1952 بفترة طويلة، حدثت كارثة. في حريق القاهرة الشهير الذي وقع في السادس والعشرين من يناير عام 1952، احترقت بعض فصول من فيلم “آمنت بالله”، لكن الفيلم تم الانتهاء منه و عرض بنجاح.

المرض والوفاة المؤسفة

بعد عرض فيلمها الأخير “آمنت بالله”، بدأت صحة عزيزة أمير تتدهور بسرعة مقلقة. أصيبت بمرض عضال (لم تحدد المصادر اسم المرض بدقة، لكن يشار إليه عادة ببساطة كـ”مرض عضال”)، وأصبح واضحا أنها في حالة صحية حرجة جدا.في يوم الثامن والعشرين من فبراير عام 1952 (وفي بعض المصادر يذكر أنه الثامن عشر من فبراير)، توفيت عزيزة أمير في القاهرة عن عمر ناهز خمسين أو واحد وخمسين سنة. كانت قد قضت حياتها كاملة ـــ أكثر من ربع قرن ـــ في خدمة السينما والفن.

انهار زوجها محمود ذو الفقار عند سماعه نبأ وفاتها. ظهرت صور نادرة من جنازتها تظهر محمود ذو الفقار في حالة انهيار نفسي عميق جدا. حضر الجنازة يوسف وهبي ، الذي كان قد اكتشفها في بداية حياتها المسرحية، و محاول التواصل معها رغم السنوات التي مرت. كانت الجنازة حفلا كبيرا يعكس تقدير المجتمع المصري لدورها التاريخي.

التراث والإرث الخالد

اختارت عزيزة أمير أن تكرس حياتها كاملة للسينما. قالت عن نفسها في إحدى المناسبات:”أنا لم أبحث عن أبناء من وراء الزواج لأن السينما هي ابنتي الوحيدة التي أنجبتها.

“كانت هذه الجملة تعبيرا صادقاً جداً عن أولوياتها. لم تكن تريد أطفالا بيولوجيين؛ بل أرادت أن تكون “أم” السينما المصرية والعربية. ولقد حققت هذا الحلم بالفعل.

تركت عزيزة أمير وراءها إرثا فنيا ضخما جدا:

25 فيلماً من الإنتاج السينمائي

21 أفلاماً من التمثيل

16 عملاً من الكتابة السينمائية والتأليف

فيلمين من الإخراج السينمائي الحقيقي

تأسيس صناعة السينما المصرية نفسها من الصفركما تركت نموذجاً فريداً جداً من نماذج النساء المصريات الريادية اللواتي لم يخفن الاقتحام والتحديات والابتكار.

حياتها الاجتماعية والثقافية: بين الواقع والأسطورة

عاشت عزيزة أمير حياة اجتماعية معقدة جداً. كانت محط ألسنة الناس والشائعات، ليس فقط بسبب كونها ممثلة (وهي مهنة لم تكن مقبولة اجتماعياً في الأوساط المحافظة المصرية)، بل أيضاً بسبب زياراتها المتكررة لأوروبا والدول الغربية، و تعاملاتها مع الأجانب، وملابسها الحديثة والعصرية.كانت عزيزة أمير نموذجاً للمرأة المصرية “الحديثة” و المثقفة والمستقلة اقتصادياً في عصر كانت فيه معظم النساء يعتمدن اعتماداً كاملاً على الرجال (الآب أو الزوج أو الأخ). كانت تتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة، وكانت مطلعة على الثقافة الأوروبية والعالمية، وكانت تملك آراء قوية جداً عن المجتمع والسياسة والفن.

دور الأجنبي والسينما: من فيلم ليلى إلى ما وراءه

اختارت عزيزة أمير أن تكون موضوعات أفلامها انعكاسا للمشاكل الحقيقية في المجتمع المصري. كانت قضية “الأجنبي الذي يفسد المجتمع” موضوعاً متكرراً في أفلامها و كتاباتها. في فيلم “ليلى” (1927)، الأجنبية البرازيلية هي التي تدمر سعادة ليلى وأحمد، بل وتؤدي إلى موت ليلى بشكل غير مباشر.لاحقاً، في فيلم “فتاة من فلسطين” (1948)، وهو الفيلم الذي كتبته و أنتجته بعد سنوات من نكبة فلسطين، اختارت عزيزة أمير أن تناول القضية الفلسطينية بشكل مباشر وصريح. كانت هذه الأفلام علامة بارزة جداً على الوعي السياسي العميق عزيزة أمير والتزامها بقضايا الأمة.

شخصيتها الفنية والأسلوب: الأنوثة الذكية

اشتهرت عزيزة أمير بأسلوب تمثيل فريد خاص بها.

1- كانت تجيد التعبير عن المشاعر المعقدة ـــ الحب والخيانة و الحزن والاستقلالية ـــ من خلال وجهها وعينيها ولغة جسدها بشكل حساس جداً.

2- كانت أفلامها الصامتة تثبت أن لا نحتاج إلى أصوات لفهم المشاعر الإنسانية العميقة.

3- كانت عزيزة أمير تفضل ارتداء الملابس العصرية و الفاخرة (خاصة الطراز الأوروبي)، مما كان يعكس انفتاحها على العالم الخارجي و استقلاليتها الاقتصادية.

4- كانت تهتم بمظهرها الخارجي بشكل كبير، وكانت دائماً مختارة بعناية فنية عالية جداً.

المقارنة مع نجوم عصرها

عاصرت عزيزة أمير عدداً من النجمات و الممثلات المصريات، لكنها تميزت عنهن بعدة طرق مهمة جداً:مقارنة مع أمينة رزق: كانت أمينة رزق معروفة بأدوارها الكوميدية والخفيفة، بينما اختارت عزيزة أمير الأدوار الدراماتيكية الثقيلة والقضايا الاجتماعية المهمة.مقارنة مع فاطمة رشدي: على الرغم من أن فاطمة رشدي اقتحمت السينما أيضاً في فترة مبكرة جداً، لكن عزيزة أمير تفوقت عليها من حيث الإنتاج والإخراج والكتابة السينمائية. فاطمة رشدي كانت ممثلة وراقصة بشكل أساسي، بينما عزيزة أمير كانت منتجة ومخرجة وكاتبة أيضاً.مقارنة مع آسيا داغر: كانت آسيا داغر معروفة بأدوارها في أفلام مهمة، لكن عزيزة أمير قدمت عدداً أكبر من الأفلام وحققت تأثيراً ثقافياً أعمق.

إنجازاتها الرئيسية في السينما المصرية

أهم إنجازات عزيزة أمير لا تحصى:

1- أول منتجة سينمائية مصرية: أسست أول شركة إنتاج سينمائي مصرية باسم “إيزيس” عام 1926.

2- أول مخرجة سينمائية مصرية وعربية وربما عالمية: قامت بإخراج فيلم “بنت النيل” عام 1929.

3- أول فيلم مصري طويل من الإنتاج المصري الكامل: فيلم “ليلى” (1927).

4- رائدة الكتابة السينمائية: كتبت 16 عملاً سينمائياً.

5- رائدة الإنتاج السينمائي: أنتجت 25 فيلماً.

6- ممثلة متميزة جداً: قدمت 21 عملاً تمثيلياً.

7- رائدة الوعي السياسي والاجتماعي في السينما المصرية: تناولت القضايا المهمة مثل الفلسطينية والطبقية والاستعمار.

سلبياتها وتحدياتها

لا شك أن عزيزة أمير واجهت عدداً من التحديات والسلبيات:

الحياة الشخصية المضطربة: كانت زيجاتها المتعددة مصدراً للحزن والإحباط. بعض الزيجات كانت مؤسفة جداً.

الضغط الاجتماعي والأخلاقي: كان المجتمع المصري المحافظ ينظر إليها بريبة وريبة شديدة بسبب كونها ممثلة.

الصحة الضعيفة لاحقاً: أصيبت بمرض عضال أنهى حياتها مبكراً جداً في السادسة والثلاثين من عمرها الإنتاجي.

عدم التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية: انشغالها الكامل بالسينما ترك حياتها الشخصية تعاني من الفوضى.

إيجابياتها وقوتها

على الجانب الآخر، كانت عزيزة أمير امرأة استثنائية بكل المعايير:

الشجاعة الاستثنائية: جرؤت على الاقتحام في مجال لم تكن فيه أي امرأة قبلها.

الموهبة الفنية المتعددة: كانت ممثلة وكاتبة و مخرجة وممثلة وإدارية أعمال موهوبة جداً.

الذكاء الشديد والحنكة: استطاعت أن تدير شركة سينمائية كاملة في وقت لم تكن المرأة معروفة فيه بإدارة الأعمال.

الوعي السياسي والاجتماعي: اختارت أن تتناول قضايا مهمة في أفلامها.

الإصرار على تحقيق الحلم: رغم الفشل الأول لفيلم “نداء الله”، لم تستسلم وقامت بإنتاج فيلم “ليلى” الناجح.

الكرم والدعم للمواهب الجديدة: كانت معروفة بأنها تدعم الممثلين و الممثلات الجدد.

طموحاتها والأهداف التي حققتها

كانت طموحات عزيزة أمير واضحة جداً منذ البداية:

تأسيس صناعة سينما مصرية حقيقية: نجحت فيها بنسبة كبيرة جداً.

إثبات أن النساء يمكنهن قيادة الصناعات الكبيرة: أثبتت ذلك بشكل قاطع جداً.

جعل السينما أداة لنقل الوعي الاجتماعي والسياسي: استطاعت أن تفعل ذلك من خلال أفلامها.

الحصول على تقدير دولي وعالمي: حصلت على تقدير من أمير الشعراء أحمد شوقي وطلعت باشا حرب وغيرهم.

نصائحها للأجيال القادمة

لو كانت عزيزة أمير حية اليوم، ربما كانت ستعطينا نصائح مهمة:

الإصرار على الحلم رغم الفشل الأول: لم تستسلم بعد فشل “نداء الله”.

عدم الخوف من المجتمع والآراء السلبية: تحملت الكثير من الانتقادات لكنها استمرت.

التطور المستمر والتعلم من الأخطاء: لم تكررت نفس الأخطاء مرتين.

الاستثمار في المواهب والشباب: دعمت ممثلين وممثلات جدد.

عدم الاستسلام للضغط الاجتماعي: عاشت حياتها وفقاً لرؤيتها الخاصة.

الخلاصة والإرث الخالد

عزيزة أمير ليست مجرد ممثلة أو منتجة أو مخرجة. إنها رمز لتطور الدور النسائي في المجتمع المصري والعربي. كانت امرأة سبقت عصرها بعشرات السنوات من حيث الاستقلالية الاقتصادية والفكرية والفنية.

كانت حياتها حقاً “درامية” ومليئة بالأحداث والمفاجآت والنجاحات و الإخفاقات، تماماً مثل أفلامها. عاشت 50 سنة فقط (من 1901 إلى 1952)، لكنها استطاعت أن تترك أثراً دائماً و خالداً في تاريخ الفن والسينما المصرية والعربية.

كذلك عندما تشاهد أي من أفلامها اليوم، خاصة “ليلى” (1927)، تدرك أن هذا الفيلم لم يكن فقط ترفيهاً سينمائياً؛ بل كان بياناً سياسياً واجتماعياً وثقافياً يعكس الواقع المصري في أوائل القرن العشرين. كانت عزيزة أمير تفهم قوة السينما كأداة للتأثير الثقافي والاجتماعي، وليس فقط كوسيلة للتسلية.

علاوة على ذلك استحقت فعلا اللقب الذي أطلقه عليها النقاد والمؤرخون: “أم السينما المصرية” و”الأم الشرعية للسينما العربية”. كانت حقاً رائدة، وكانت حقاً استثنائية، وكانت حقاً جديرة بأن يتذكرها التاريخ كأحد أعظم النساء المصريات وأكثرهن تأثيراً على الثقافة والفن المصري والعربي.

“فعلتِ يا سيدتي ما عجز الرجال عن فعله” ـــ كلمات أحمد شوقي ستبقى الشاهد الأبدي على عبقرية عزيزة أمير وريادتها الحقيقية.

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00