الرئيسية » لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

by بدور خطاب
0 comments
لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟
بقلم : الدكتورمحمد رياض

قوة إسرائيل الكبرى هي أننا نردد شائعاتها ونتبناها على أنها حقائق، ومنها أن إسرائيل تتحكم بالعالم وأن الحكام العرب مجرد عملاء وأن الغرب لن يسمح بزوال إسرائيل وغير ذلك من الترهات والسخافات التي ينشرها الموساد الإسرائيلي ونرددها نحن بكل سذاجة!

نعم إسرائيل دولة قوية نسبياً ومتقدمة صناعياً وعلمياً لكنها ليست دولة خارقة ولا دولة عظمى ولا حتى هي الدولة الأقوى أو الأغنى أو الأكثر تطوراً في المنطقة!

والمفاجأة أن الرئيس جمال عبد الناصر عندما قال أنه سوف يلحق هزيمة نكراء بإسرائيل وعندما كانت أجهزة الإعلام المصرية الناصرية في حينها تقول أنهم سوف يلقون باليهود في البحر كانوا فعلاً يعنون ذلك ويعرفون انهم قادرون عليه بلغة الأرقام والحسابات والتقييمات على الأرض ولم تكن مجرد شعارات غوغائية كما يظن البعض في زماننا! لكن ما الذي حصل وكيف خسر العرب وربحت إسرائيل؟ سأقول لكم:

يقول مناحيم بيچن في كتابه ( ثورة الأرغون) كلاماً ملخصه : لاحظت أجهزة إستخباراتنا ( يقصد أجهزة إستخبارات عصابته الصغيرة في حينها) لاحظت أن العرب ( أهل قصة) مغرمون بإلتقاط أخبار الاثارة وترديدها، يعني مغرمون بالقصص، لذلك كانت العصابات الصهيونية قبل العام 1948م تلقي بالمناشير في القرى والمدن العربية والتي تحتوي على أخبار وقصص مفبركة تخدم الدعاية الصهيونية، فيقوم العرب فوراً بالتقاطها ونقل المعلومة التي تحتويها بينهم بسرعة أكبر من سرعة بث الراديو!

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

لذلك وبعد حرب الأيام الستة في عام 1967م قامت أجهزة المخابرات الاسرائيلية بترويج دعايات محبطة الغرض منها إلحاق الهزيمة النفسية بالعرب للأبد ومفادها ان الحكام العرب عملاء لإسرائيل، وأنهم سلّموا الاراضي العربية بلا قتال، وأن الجيوش العربية كرتونية ولا تنفع لشيء، وأن الجيش الاسرائيلي لا يقهر ، وأن القيادات الوطنية العربية تبيع شعارات فقط، وأن جميع الطيارين المصريين ليلة الهجوم الاسرائيلي كانوا في حفلة رقص وسكر طوال الليل وان اسرائيل فاجئتهم في الصباح وهم سكارى وثمالى في فراشهم ودمرت المطارات، الخ ذلك، من الدعابات الاستخباراتية الصهيونية الكاذبة والتي تلقفها الشارع العربي وقوى معارضته وحتى بعض القوى الثورية وقاموا بترويجها مجاناً لصالح الاستخبارات الاسرائلية وهم لا يدرون؟

ما الذي حصل بالضبط؟
أين كان ك
الذي حصل أن الجيش المصري من ناحية عددية وتسليحية بتقسيماته البرية والبحرية والجوية كان فعلاً أقوى من خصمه الاسرائيلي، واذا أضفنا إلى إمكانيات الجيش المصري إمكانيات الجيوش الأردني والعراقي والسوري التي كانت مشتركة معه في المعركة فإن إسرائيل سوف تظهر أمامها كأنها قزم فعلاً، وكانت مسألة هزيمة الدولة العبرية مسألة محسومة بكل المقاييس العسكرية الحسابية، فما الذي حصل وقلب الآية؟

الذي حصل يحتاج إلى كتب ومجلدات لشرحه ولكن بإختصار شديد جداً جداً نقول:

أن إسرائيل كسبت المعركة منذ اليوم الأول لنجاح خطتها التي إعتمدت عنصر المباغتة وتحييد القوة الجوية المصرية بالكامل خلال الساعة الأولى من المعركة لأن بقية الجيوش العربية كانت تعتمد بشكل أساسي على حماية وتغطية وتفوق القوة الجوية المصرية، فلما نجحت الخطة الاسرائيلية المباغتة بتدمير المطارات المصرية في الساعة الأولى للحرب أصبحت كل الجيوش أهداف مفتوحة على الأرض بلا غطاء جوي.

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

كيف حدث ذلك:

قبيل الحرب أعدت القيادة المصرية خطة طموحة جداً تقتضي قيام عدة الوية مصرية مكونة من 100 الف جندي والف دبابة بإجتياز الحدود مع فلسطين المحتلة بصورة مباغتة والوصول الى تل أبيب ومحاصرتها خلال ساعات وذلك بدعم كثيف من 420 طائرة مصرية مقاتلة تقوم في الساعة الاولى وبدعم قصف مدفعي مكثف من مرتفعات الجولان يقوم به الجيش السوري، وأن يقوم الجيش الأردني بمؤازرة لوائين من الجيش العراقي بتحرير القدس الغربية والدخول الى الجليل والمثلث والالتقاء بالجيش المصري الذي يحاصر تل ابيب من الجنوب ثم ينزل الجيش السوري من الشمال ويحرر الساحل الشمالي ويلتقي ببقية الجيوش العربية المطبقة على تل أبيب.

كانت الخطة الطموحة تقتضي السرية المطلقة والتنسيق الكامل بين جميع الجهات المشاركة والحصول على توافق سياسي اعلى عليها ثم اقامة غرفة عمليات موحدة مشتركة للجميع، ثم اجراء مناورات على الارض تضمن تفعيل شبكة اتصالات موحدة بين الفرق المشاركة وخلق تفاهم بينها على الأرض.

طبعاً خطة طموحة وكبيرة جداً مثل هذه أكبر من أن تبقى طي الكتمان، فعلمت اسرائيل بها وقامت بحركة إستباقية لكنها والحق يقال ” شجاعة” تقتضي بتوجيه ضربة استباقية مدمرة للعامل الحاسم في هذه المعركة قبل إستكمال توافد الجيوش العربية واستكمال مراحل التنسيق والإعداد بينها، لذلك كان عبد الناصر يماطل كثيراً ويلجأ تارة لمجلس الامن وتارة للامريكان ويطلب منهم التدخل وتارة للسوڤييت ويطلب منهم جميهاً إقناع اسرائيل بتقديم تنازلات تقتضي بالاعتراف بمصرية خليج العقبة كاملاً وذلك لتجنب الحرب.

وهنا حدث الخطأ القاتل وهو وضع الجيش المصري في حالة هجوم ( يعني العمل ضمن خطة هجومية) اذ كان قرار الهجوم المصري قد صدر ولا رجعة فيه ولكنهم كانوا يحاولون التأجيل فقط لاستكمال الاستعدادات ووصول باقي الجيوش واكتمال عدتها.

لم تتصور القيادة المصرية أن تقوم اسرائيل بعملية انتحارية وتهاجم مصر وجيشها الذي يفوقها عدداً وتسليحاً ويمتد على مساحات شاسعة لايمكن للجيش الاسرائيلي المحدود منطقياً التوغل فيها، لذلك وضعت جميع القوات المصرية في حالة هجوم وليس دفاع حيث لم توضع خطة دفاعية على الاطلاق ولم تجري مناقشتها.

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

لكن حدث الذي لم يكن متوقعاً وقامت اسرائيل بهجوم انتحاري على مصر لان القيادة الاسرائيلية علمت انها ان إنتطرت إسبوعين فقط حتى يتم وضع جميع الجيوش العربية تحت قيادة غرفة العمليات المشتركة وبصورة محكمة فإن إسرائيل سوف تنتهي إلى الأبد.

في صباح يوم الـ5 من يونيو، لعام 1967، وجّهت إسرائيل ضربة مباشرة ومباغتة ومفاجئة لسلاح الجو في كل من مصر وسوريا والعراق والأردن.

‏‎كانت إسرائيل تملك 400 طائرة من مختلف الانواع
وكان سلاح الجو المصري يمتلك 420 طائرة والسوري نحو 100 طائرة والأردني نحو 60 طائرة ناهيك عن ترسانة الجيش العراقي والذي لم يكن قد وصل منه قبيل بدء الحرب الا اعداد محدودة.

أبلغت اسرائيل الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي رسمياً قبل ذلك انها لن تبدأ بالهجوم وتريد الحل السلمي وتجّنب الحرب، وقام هؤلاء بدورهم بإبلغ الجانب المصري وتطمينه، لكنها أي إسرائيل قامت بخداع الجميع وفعلت ما لم يكن متوقعاً حيث هاجم كامل سلاح الجو الاسرائيلي جميع مطارات سلاح الجو المصري ودمر 388 طائرة على الأرض من اصل 420 وقصف المطارات وهكذا تم إخراج سلاح الجو المصري من الخدمة في الساعة الاولى وقبل اكتمال وصول بقية الجيوش العربية وتفعيل غرفة العمليات المشتركة بشكل عملي.

كانت المفاجأة مذهلة للجميع وكانت العملية كلها مقامرة اسرائيلية بالغة الخطورة من غريق لم يكن يملك خياراً آخر… لكنها نجحت!

‏‎ولك أن تتصور أن القائد العام للجيش المصري المشير عبد الحكيم عامر كان حينها على متن طائرة متجه إلى سيناء ولم يعرف بالضربة الجوية الإسرائيلية إلا حين لم تجد طائرته مكانًا للهبوط في سيناء، بسبب تدمير جميع مدرجات المطارات، وهو ما دفعه للعودة إلى مطار القاهرة الدولي

يعني تصور ان القائد العام للقوات كان في الجو وتفاجأ بالعملية ولم يستطيع التواصل مع احد بشكل فعّال حتى آنتهى كل شيء؟

أين وقع الخلل؟ وأين كان الطيارون المصريون ؟

الطياريون المصريون كانوا في قواعدهم وكان عدهم حالة استنفار والغاء اجازات وكانوا قد كثير منهم للتو من عملية استكشاف تقوم بها طائرات سلاح الجو المصري في القطر صباح كل يوم للتاكد من خلو الأجواء من الاعداء، حيث لم تكن تكنولوجيا الطيران بمثل تطورها اليوم وكان الوقت المناسب في ذلك العصر للقيام بأية عملية جوية عسكرية هو في الساعة الاولى بعد شروق الشمس حيث تكون السماء في اصفى حالاتها، وبعد ان إطمأنت الطائرات المصرية من خلو الاجواء، رجعت للمطارات وذهب الطيارون لتناول طعام الفطور ثم حدثت الضربة بعد ذلك مباشرة اي في وقت لم يكن ينُصح فيه بالقيام باية عمليات جوية عسكرية وهذا يشير الى ان العملية الاسرائيلية كانت مقامرة ومغامرة حقيقية.

الا أن الخلل هو أن معظم المطارات العسكرية الجوية المصرية كانت في سيناء وبالقرب من القناة وذلك لتوفير الوقود اللازم لاقلاع الطائرات في حالة اندلاع حرب، بالتالي سهل على الطيرات الاسرائيلي الوصول اليها بسرعة بينما لم تكن الطائرات الموجودة في المطارات المصرية البعيدة عن حدود الجبهة طائرات مقاتلة مجهزة ولم تكن المطارات البعيدة تحتوي على ذخائر، كذلك فإن المطارات المصرية كانت هي ذاتها المطارات البريطانية قبل الاستقلال وكانت اسرائيل لذلك على علم كامل بمواقعها وتفاصيلها ولم يتم تغيير مواقع هذه المطارات، ومع ذلك فقط قامت هذه الطائرات المصرية بالاقلاع من المطارات البعيدة التي لم تصلها الضربات واشتبكت مع الطائرات الاسرائلية المهاجمة واوقعت فيها خسائر قبل ان تسقط معظمها بسبب نفاذ الوقود وعدم وجود مطارات قريبة للجوء اليها.

ماذا حصل للجيش المصري على الأرض؟

ماذا تتوقع من 100 الف مقاتل وضعوا في حالة تعبئة هجومية وجاهزون للقيام باقتحام للامام ولم يفكروا حتى بوضع خطة دفاعية لانهم لم يتخيلوا ان تبادءهم اسرائيل بالهجوم ؟

طبعاً حدث ارتباك كبير وتخبط وصارت الفرق المصرية اهدافاً سهلة للطيران الاسرائيلي المسيطر من الجو. عندها تم اصدار اوامر بالانسحاب ولذلك لان خطة الهجوم اصبحت مستحيلة، ولكن في ظل عدم وجود خطة مسبقة للانسحاب وقع الجنود ضحية عمليات الانسحاب العشوائي وتفرقت الألوية وتم تدمير عدد كبير من القوات من الجو وهكذا وقعت الهزيمة النكراء؟

ماذا حدث على الجبهة السورية؟

بطبيعة الحال، ذهل السوريون من إنهيار الجبهة المصرية الاقوى عربياً في الساعات الاولى لذلك تم الغاء خطة الهجوم فوزاً من جانبهم وحاولوا عدم التدخل واستفزاز الاسرائيلين، لكن اسرائيل التي اصابها الغرور على الجبهة المصرية قررت سحق الجبهة السورية فقامت بتوجيه سلاح جوها الذي لم يتعرض لخسائر جسيمة وبقي معظمه سالماً نحو الجبهة السورية فوزاً فتم تدمير معظم المطارات العسكرية الجوية السورية ثم قاموا باستهداف قطاعات الجيش السوري في الجولان التي أصبحت مكشوفة .

الخطأ الذي وقع فيه السوريون هو عدم قيامهم باتخاذ قرار سريع في اول ساعة بدخول المعركة بإسطولهم الجوي كاملاً لمعاونة القوات المصرية وذلك لان هول المفاجاة الجمهم حقاً حيث ان كل شيء حصل في ساعة واحدة ولم يكن احد قادر على استيعاب هول ما حدث واتخاذ قرار جرىء وسريع جداً في لحظة حاسمة، لهذا فإن حصيلة الغارات الإسرائيلية في سوريا كانت تدمير نحو 75 طائرة في مطاراتها خلال الساعة الثانية .

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

وبعد نحو اربع ساعات قام سلاح الجو الاردني وبمعاونة من سلاح الجو العراقي بدخول المعركة وقصف مواقع اسرائيلية داخل فلسطين المحتلة، لكن الكفة الان اصبحت تميل بشكل كبير لإسرائيل لسيطرة اسطول طيرانها على الجو

‏‎فردت إسرائيل بقصف عدة مطارات أردنية، منها المفرق وعمان، كما شنت هجوما على القاعدة الجوية هـ3 في العراق

‏‎لكن مع ذلك وعلى الجبهة الأردنية، قصفت المدفعية الأردنية الساعة 11 صباحا، مدينتي تل أبيب والقدس، وعبرت جنوب القدس، وقام الطيران الأردني بقصف مطارات إسرائيلية. لكن تكثّف القصف الجوي الإسرائيلي في الجبهة الأردنية، بعد أن قضى على القوات الجوية المصرية والسورية ، وخسرت القوات الأردنية غطاءها الجوي من الطائرات.

ثم بدأت القوات الاسرائيلية بإستهداف الضفة الغربية وعندما علم موشيه ديان ان مجلس الامن الدولي توصل لشبه اتفاق حول فرض وقف اطلاق النار أمر قواته بدخول القدس الشرقية دون موافقة مجلس الوزراء الاسرائيلي أو علمه

كانت العقليات العسكرية العربية التقليدية تدار بحسب ما تعلمته في الكليات العسكرية التي كانت تدّرس نظريات الحرب العالمية الثانية والتي تقوم على ان الجيش الارضي من مشاة ومدفعية يتحرك للامام بوجود غطاء مدفعي او صاروخي خلفه وحماية جوية فوقه وانه لا تقدم في غياب احد هذه العناصر، ولذلك بعد تصفية الغطاء الجوي وضرب مواقع المدفعية في الخطوط الخلفية لم يعد بإمكان اي قائد على الارض ان يصدر أوامره بالتقدم للأمام .

هل أنت مستعد الآن مستعد للمفاجأة الأكبر؟
تفضل هي لك: معظم القوة الجوية الاسرائيلية كانت فرنسية التصنيع وذلك لأن امريكا والاتحاد السوفيتي لم يكونا يرغبان بتسليح اسرائيل بشكل كبير حتى عام 1967م لعدم رغبتهم في إشعال حروب في المنطقة تؤثر على امدادات الطاقة من ناحية امريكا وتجبر الاتحاد السوڤيتي على التدخل لصالح حلفاءه العرب لانه لا يريد ان يخسرهم وتورطه بذلك في مواجهة نووية محتملة مع امريكا هو لا يريدها. الا ان فرنسا قامت ببناء سلاح الجو الإسرائيلي نكاية بمصر بسبب دعم الاخيرة للثورة الجزائرية الهادفة للاستقلال عن فرنسا. ولولا ذلك لما كان عند اسرائيل سلاح جوي يذكر تحارب به ولاستطلاع عبد الناصر فعلاً القاءهم في البحر !

في النهاية، لا تحتقر نفسك وتاريخك لكن لا تقدسه ايضاً ولا تضخم من قيمة عدوك ولا تستصغره وانما ضعه في حجمه المناسب!

د. محمد رياض

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

لنضع النقاط على الحروف .. قوة إسرائيل الكبرى ما هي ؟

د محمد رياض

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00