لماذا تظهر مشاعر الحب عند الموت فقط؟
كتبت: زينب النجار
الموت واحد من أقسى المواقف التي يمكن أن يشهدها إنسان ما، فرحيل بعض الأشخاص الذين نحبهم إلى مثواهم الأخير كفيل بأن يجعلنا موتى ونحن على قيد الحياة، ربما يستمر ذلك لفترة قليلة أو سنينٍ طويلة.. ولا أحد يدرك متى سينتهي هذا الشعور، أو حتى إذ كان له نهاية في الأساس!
لكن عندما يموت شخص عزيز علينا قريب أو صديق أو جار أو فنان مفضل ، نري منشورات كثيرة وصور رائعة له ، ننعي بها الشخص المتوفي ، بكلام رائع وحكايات جميلة عنه وعن حياته وعن عمله ونفسه وعن حبه لعمل الخير …
كلام رائع لو سمعه المتوفي في حياته كان ليصبح أسعد أنسان في الوجود وكانت ستغير الكثير من نفسيته حتي لو للحظات …
فألبوح بعبارات الحب والصفات الجميلة تجعل الإنسان سعيد وتخلق له حالة من الحب والطمأنينة والطاقة الإيجابية….
أذا لماذا نخفي مشاعرنا عنهم ،لماذا لا نستطيع أن نخبرهم بذلك وبأن الحياة بدونهم لا تسوي شئ …
فقد نري البعض يجبر نفسه علي السكوت ولا يستطيع أن يعبر عن ما بداخله ، مع أن بداخله يوجد أكوام من الكلام الجميل المخزون ، لكن يعتقد أن الحديث والتعبير عنه ليس ضروريًا في هذا الوقت …
نحن نحب ونخاف أن نخبر من نحب بذلك ونخجل من التعبير عن الأحساس بداخلنا ونكابر ونستمر في علاقة الصداقة أو الحب لكن بدون البوح ما بداخل القلب …
أذا كيف سيستفيد المتوفي الأن بهذا الكلام الرائع ، فهو كان أحوج بسماعه وهو علي قيد الحياة ….
فالحياة ليست بتلك القساوة التي تظهر لنا ، نحن من نجعلها كذلك ونحن من نختار أن نكون كذلك ، نعقد الأمور مع إننا بإستطاعتنا أن نقول لبعض كلمة جميلة بدون سبب ، أن نقول كل الكلام الذي أخفيناه عنهم دون سبب ، كل إحساس صادق ينبض به قلبنا عند رؤيتهم ….
فالحياة بدون هذه العواطف وبدون التعبير عن المشاعر تُعتبر جافّة وقاسية،
فمهارة التواصل في الحب والتعبير عن المشاعر أساس السعادة ، فهي من أهم المهارات التي تعطي الأنسان الأحساس بالرضا والحب والقبول …..
وقدوتُنا “رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلم “
كان يحتفي بكل جلسائه يأصدقائه وأحباؤه ، يوزّع عليهم النظرات والإبتسامات والألقاب والثنايا والإهتمام، وكان هذا الإهتمام يتجاوز الكبار ليصل الصّغار، ويصل كل مَن عنده وكل من أمامه عليه صلاة الله وسلامه..
بل كان إذا لقي الرجل فصافحه ولا ينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع، ولا يصرف وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرف….
فالنبي صل الله عليه وسلم أعلن حبه لعائشة، والصحابة وقال لمعاذ (والله إني لأحبك، فلا تنسى أن تقول دُبر كل صلاة أللهم أعني على ذكرك وشُكرك وحسن عبادتك)، وبينما رجلٌ يجلس إلى جوار النبي مرَّ رجلٌ من الأنصار فقال: (أنا أحبّ هذا) قال النبي: (هل أعلمته؟) قال: (لا)، قال: (فأعلمه)، فأنطلق إليه فقال: (إني أحبّك في الله) فردَّ عليه: (أحبَّك الله الذي أحببتنا فيه).
فأخبروا بعضكم البعض عن الحب والإهتمام والإحترام والمشاعر الكثيرة التي يكنها بعضكم للبعض الأخر ، أخبروهم بها الأن قبل أن يفوت الأوان قبل أن ينتهي شغفها وسحرها فيصبحون لا حاجة لهم بها ولا حاجة لكم بها ، لا تؤخروا مشاعركم ولو لدقيقه واحدة فقد لا تمنحنا الحياة دقيقة أخري لنعبر عنها..
أخبروا الناس عن الجميل والشئ الرائع الظاهر منهم ، يمكن هذا الشخص يحتاج بسماع هذا الكلام في هذا الوقت …
فلا تخبئوا الكلام فلن يرثه أحدًا ليقوله ولا تأجلوا الرسائل فقد تتغير العناوين للأبد…..