لقاء سعودي-أمريكي-سوري يبحث مستقبل سوريا ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار
في خطوة تعكس تطوراً نوعياً في مسار الحل السياسي للأزمة السورية، استضافت العاصمة السعودية الرياض صباح يوم الأربعاء الماضى ، لقاءً رفيع المستوى
كتب : هاني سليم
لقاء سعودي-أمريكي-سوري
جاء اللقاء بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، جمع سموه بفخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السيد دونالد جي ترمب، وفخامة رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع، بمشاركة فخامة الرئيس التركي السيد رجب طيب أردوغان عبر تقنية الاتصال المرئي.
محاور اللقاء: سيادة سوريا، الأمن الإقليمي، ودفع عجلة الإعمار
ناقش القادة خلال اللقاء مستقبل الأوضاع في سوريا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، حيث أكدوا على أهمية الحفاظ على سيادة الجمهورية العربية السورية، ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مع التشديد على دعم مسار الحل السياسي الذي يُفضي إلى تحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والازدهار.
اللقاء تطرق أيضًا إلى الأوضاع الإقليمية الراهنة، حيث تبادل القادة الرؤى حول سبل تخفيف التوتر في المنطقة، وأهمية تعزيز التعاون المشترك لمعالجة الأزمات الممتدة التي تلقي بظلالها على شعوب المنطقة، وعلى رأسها القضية السورية التي تدخل عامها الخامس عشر دون حل جذري حتى الآن.
رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا: خطوة مفصلية
وفي تطور لافت، أعلن فخامة الرئيس دونالد ترمب، خلال اللقاء، عن قراره برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية وتمهد الطريق لفتح صفحة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي.
وقد أعرب فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع عن شكره العميق للقيادة الأمريكية على هذه الخطوة، مؤكدًا أنها تمثل تحولًا كبيرًا سيمكن سوريا من استعادة حيويتها الاقتصادية، ويدعم جهود إعادة الإعمار، ويعزز من قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، بعد سنوات طويلة من الحصار والعقوبات الاقتصادية التي أثقلت كاهل الشعب السوري.
كما تقدم الرئيس الشرع بالشكر والامتنان لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على دعمه الثابت لسوريا وشعبها، وعلى الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي بذلتها المملكة في الدفع نحو تسوية سياسية شاملة. كما ثمّن الدور الذي لعبه فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تسهيل الحوار والعمل المشترك نحو تسوية سلمية تُنهي معاناة الشعب السوري.
رسائل اللقاء: من التصعيد إلى الحلول
يمثل هذا اللقاء تحولًا في نهج التعامل مع الملف السوري، من سياسة المواجهة والتصعيد إلى الحوار والعمل الجماعي. وهو يعكس إدراكًا متزايدًا لدى القوى المؤثرة في المنطقة والعالم أن الأمن الإقليمي لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن استقرار سوريا، وأن الحل المستدام يمر عبر التعاون السياسي والاقتصادي، لا من خلال العقوبات والعزلة.
دور المملكة العربية السعودية: جسر للحوار الإقليمي
المملكة، بقيادة الأمير محمد بن سلمان، تواصل لعب دور الجسر السياسي بين القوى الدولية والإقليمية، واضعة على رأس أولوياتها استقرار المنطقة، وإنهاء بؤر الصراع، وتحقيق تنمية شاملة تعود بالنفع على شعوب الشرق الأوسط. ويعد استضافة هذا اللقاء الثلاثي/الرباعي مؤشرًا واضحًا على مكانة المملكة المتقدمة في صياغة التوافقات السياسية، وقدرتها على جمع الأطراف المتباعدة على طاولة الحوار.
ختام اللقاء: تفاؤل مشوب بالحذر
في ختام اللقاء، أكد القادة على التزامهم بمواصلة التنسيق والعمل المشترك من أجل بناء مستقبل أفضل لسوريا والمنطقة، معربين عن تفاؤلهم بإمكانية تحويل هذا الزخم السياسي إلى خطوات عملية تلمسها الشعوب في المدى القريب.
ورغم أن الطريق نحو السلام الكامل لا يزال طويلًا، إلا أن هذا اللقاء يمثل نقطة انطلاق جديدة قد تعيد الأمل إلى ملايين السوريين، وتفتح الباب أمام مرحلة من الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي طال انتظاره.