كظم الغيظ قوة داخلية تحفظ القلب وتزرع السلام في الحياة

 

 

بقلم/ سامية البابلى

الغضب شعور إنساني طبيعي، يمر به كل إنسان عند التعرض للأذى أو الظلم أو الاستفزاز, والعبد المؤمن ليس معصومًا من الغضب ، لكنه مأمور أن يملكه قبل أن يتملكه الغضب، قال الله تعالى في وصف المتقين: “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” ، فجعل الله عز وجل كظم الغيظ مرتبة عالية من مراتب التقوى ، وجعل العفو بعدها ، ثم ختمها بالإحسان الذي هو ذروة الأخلاق.

 

كظم الغيظ في جوهره ليس ضعفًا

 

كظم الغيظ في جوهره ليس ضعفًا ولا استسلامًا، بل هو قمة القوة؛ هو ضبط النفس عند فورانها…هو أن تمتلك القدرة على الرد أو العقاب ، ومع ذلك تختار الحلم والعفو .

حين تكظم غيظك فأنت تكسر سطوة الشيطان الذي يريد أن يدفعك للإنتقام ، وتعلن أن قلبك أكبر من أن يكون لعبة في يد الغضب..لكن الفرق بين شخص وآخر، هو القدرة على التحكم في هذا الشعور وعدم السماح له بالسيطرة على الأفعال والكلمات.

وهنا يظهر معنى كظم الغيظ… تلك القوة الداخلية التي تمنعك من الانفجار، وتحفظ قلبك من التسرع في الأذى.وتجعلك تفضل رضا الله عن رضا النفس.

لحظة الإختبار

الغيظ لحظة اختبار للمروءة والإيمان ، فمن صبر فيها غلب نفسه ، ومن غلب نفسه أحبه الله ،كظم الغيظ لا يعني كبت المشاعر، بل يعني إدارتها بوعي وتوجيهها لما ينفع.

ولولا أن كظم الغيظ شديد على النفس لما كان أجره عظيمًا عند الله ..في اللحظة التي تستطيع فيها أن ترد الإساءة بمثلها ، ثم تختار أن تحبس غضبك وتصفح ، فإنك ترتقي درجة لا يبلغها كثير من الناس..

فعليك أن تختار بين أن ترضي نفسك ساعة وتندم أيامًا ، أو أن ترضي الله ساعة وتفوز أبدًا ..

 

أضرار الغضب

 

صحيًا: يرفع ضغط الدم، يزيد ضربات القلب، ويضعف جهاز المناعة.

نفسيًا: يسبب القلق، التوتر، والشعور بالندم بعد انفعال غير محسوب.

اجتماعيًا: يضر بالعلاقات، ويخلق فجوات يصعب ترميمها بسبب كلمات أو أفعال لحظية.

عمليًا: يضعف القدرة على اتخاذ قرارات صائبة، ويؤدي إلى فقدان فرص أو ثقة.

 

كيف نكظم الغيظ؟

 

. التوقف لثوانٍ: عند اشتداد الغضب، خذ نفسًا عميقًا وامنح نفسك فرصة لتهدأ قبل الرد.

. تغيير الوضع: إن كنت واقفًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فغيّر مكانك، فالتحرك الجسدي يخفف شدة الانفعال.

الاستعاذة بالله: كما أوصى النبي ﷺ، فالشيطان يغذي الغضب، وذكر الله يطفئ ناره.

. تأجيل الرد: لا تتحدث وأنت غاضب، اترك الموقف حتى تهدأ، ثم قرر ما ستقول أو تفعل.

. تذكر العواقب: اسأل نفسك، هل يستحق هذا الموقف أن أُفسد به هدوئي أو علاقتي؟

. التدريب المستمر: كظم الغيظ مهارة، وكل مرة تنجح فيها، تصبح أقوى في المرات القادمة.

 

فمن أراد أن يحيا بقلب نقي ، فليتخذ من كظم الغيظ شعارًا له في بيته وعمله ومعاملاته كلها ، فالحياة أوسع من أن تُضيَّع في مطاردة خصومات ، والقلوب أثمن من أن تلوثها نار الغضب .فمن ملك نفسه عند الغضب، ملك قلبه، وملك احترام الناس، ونال محبة الله.

كاتبة المقال

الأستاذة سامية البابلى

كاتبة كتابة مقالات ومراجعات الكتب وتبدع في الفن التشكيلي والديكوباج وتؤمن بأن التعبير الإبداعي بالكلمة والريشة

Related posts

صرخة رنا .. تكشف الوجه القبيح لما يحدث للبنات في الشارع وبشاعة القيادة المتهورة

تسونامي تخفيضات يضرب سوق السيارات في مصر.. الأسعار تتراجع بـ400 ألف جنيه

أزمة في الأهلي.. بدائل ياسر إبراهيم في الدفاع قبل مواجهة فاركو