البرلمان المصري يقر قانون العمل الجديد خطوة نحو التوازن وحماية حقوق 30 مليون عامل
كتب باهر رجب
في خطوة تشريعية هامة، وافق مجلس النواب المصري برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، بشكل نهائي يوم الثلاثاء، على مشروع قانون العمل الجديد المقدم من الحكومة تابعنا على تريندات.
يأتي هذا الإقرار بعد مناقشات موسعة وتعديلات جوهرية أدخلت على المشروع، ليمثل إنجازا كبيرا يهدف إلى تنظيم علاقات العمل وحماية حقوق ما يقرب من 30 مليون مواطن مصري يعملون في مختلف القطاعات.
قانون طال انتظاره.. توازن بين الحقوق والواجبات
أشاد وزير العمل، محمد جبران، بهذا الإنجاز، مهنئا الشعب المصري وعماله، و مؤكدا أن القانون الجديد يسعى لتحقيق التوازن والعدالة بين طرفي العملية الإنتاجية – أصحاب الأعمال والعمال.
و أوضح أن القانون يهدف إلى توفير المزيد من الأمان الوظيفي للعمال، وتشجيع الاستثمار، مع الالتزام بمعايير العمل الدولية.
ووجه الوزير الشكر لرئيس مجلس النواب والنواب وممثلي أطراف العمل الثلاثة (الحكومة، منظمات أصحاب الأعمال، والعمال) على جهودهم المبذولة لإخراج هذا التشريع إلى النور،
مشيرا إلى أن إصداره جاء تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة إنجاز قانون عمل متوازن يواكب المستجدات.
أبرز ملامح وتعديلات القانون الجديد:
شهد القانون تعديلات وإضافات هامة بناء على مقترحات الحكومة
و مداولات المجلس، لضمان تحقيق أهدافه، ومن أبرزها:
تعريف العامل:
تم تعديل تعريف “العامل” ليشمل كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر تحت إدارة أو إشراف صاحب عمل، مع حذف اشتراط وجود “عقد عمل” مكتوب في التعريف الأساسي، وذلك لحماية العمال الذين قد لا يملكون عقودا مكتوبة وضمان عدم تضييق نطاق الحماية القانونية.
أنماط العمل الجديدة:
أقر القانون تنظيم أنماط العمل المستحدثة مثل “العمل عن بعد” و
“العمل عبر المنصات الرقمية” و”العمل لبعض الوقت” و”العمل المرن“،
بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية واحتياجات سوق العمل المتغيرة.
المجلس القومي للأجور:
تم تعديل بعض اختصاصات المجلس ليضع الحد الأدنى للأجور و العلاوة الدورية السنوية (بما لا يقل عن 3% من أجر الاشتراك التأميني)، وينظر في طلبات الإعفاء أو التخفيض من العلاوة للظروف الاقتصادية الطارئة. كما تم تعديل دورية انعقاد المجلس لتصبح كل 6 أشهر على الأقل بدلا من 3 أشهر، نظرًا لضخامة تشكيله و لإتاحة وقت كافى لدراسة المتغيرات.
السلامة والصحة المهنية:
ألزم القانون المنشات بتوفير بيئة عمل امنة خالية من التحرش و التنمر والعنف. كما نص على إنشاء “مجلس أعلى للسلامة والصحة المهنية” ولجان فرعية بالمحافظات، مع تشديد العقوبات على المخالفين لتصل إلى الغرامة التي قد تبلغ مائة ألف جنيه وتضاعف في حالة العوده،
وقد تصل إلى الحبس في حال وقوع وفاة أو إصابة جسيمة.
إجازة العامل المخالط:
تم تعديل المادة المتعلقة بالعامل المخالط لمريض بمرض معدى، حيث يحق للجهة الطبية منعه من العمل لمدة مناسبة (لا تتجاوز ثلاثة أشهر) مع التزام صاحب العمل بصرف أجره كاملا، وتم حذف عبارة أن هذه المدة تخصم من رصيد إجازات العامل، و ترك تنظيمها لاتفاقيات العمل الجماعية تحقيقا للتوازن.
عقود العمل:
ألزم القانون صاحب العمل بتحرير عقد العمل من أربع نسخ (لصاحب العمل، للعامل، للتأمينات الاجتماعية، و للجهة الإدارية المختصة).
الإعلان عن الوظائف:
أجاز القانون لأصحاب الأعمال الإعلان عن الوظائف الشاغرة بمختلف الوسائل أو عبر وكالات التشغيل الخاصة، مع إلزامهم بإخطار الجهة الإدارية المختصة.
الحفاظ على الحقوق المكتسبة:
أكد القانون عدم المساس بالحقوق التي سبق للعمال الحصول عليها من أجور ومزايا بموجب القوانين واللوائح و الاتفاقيات السابقة.
صناديق الخدمات والتدريب:
نص القانون على استمرار صندوق تمويل التدريب والتأهيل واكتساب صندوق الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية للشخصية الاعتبارية، و تبعيتهما لوزير العمل.
خطوة نحو مستقبل أفضل للعمل في مصر
أكد المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أن التعديلات التي أقرت تصب في صالح العمال، مشيدا بقدرة المجلس على إنجاز تشريعات هامة تمس قطاعات واسعة من المواطنين وتحقق التوافق بين الأطراف المعنية.
من جانبه، اعتبر النائب عادل عبد الفضيل، رئيس لجنة القوى العاملة، أن القانون الجديد يمثل “هدية لعمال مصر في عيدهم”، مؤكدا أنه يحقق التوازن المنشود ويتوافق مع الدستور والمواثيق الدولية، ويساهم في توفير مناخ جاذب للاستثمار مع ضمان الأمن الوظيفي للعمال.
ومع إقرار مجلس النواب للقانون بشكل نهائي، يتبقى رفعه إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه و إصداره رسميا، ليبدأ تطبيقه وتنظيم العلاقة بين ملايين العمال وأصحاب الأعمال في مصر وفقا لرؤية جديدة تهدف إلى تحقيق العدالة والتنمية المستدامة.