فاتن حمامة وذكرى سيئة في لقاء جمعها بعميد الأدب العربي
كتبت / غادة العليمى
بكاء وعصبية وحالة من الهوان والسخرية إنتابت سيدة الشاشة العربية عند مقابلتها بالدكتور طه حسين لأول مرة فما هو سرها ؟؟
لا أحد من الممكن ألا يدرك قيمه وقامة السيدة فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية ولا يمكن أن نغفل أو نتغافل عن واحد من عظماء الادب فى مصر الدكتور / طه حسين الأديب الكبير ووزير المعارف المصرية الذى آمن أن التعليم كالماء والهواء لكل مصرى ومصرية تابع على تريندات كل جديد.
وحين يجتمع عميد الأدب العربى بسيدة الشاشة العربية فلا يجوز أن نسمى اللقاءإلا لقاء القمم
ولكن صدق أو لا تصدق أن اللقاء الأول فى حياة فاتن حمامة كان بالنسبة لها ذكرى سيئة فى حياتها كما سبق وروت القصة لأحد المواقع الفنية.
ذكرى سيئة
إلتقت سيدة الشاشة بعميد الأدب العربى بعدما عرض عليها المخرج الكبير هنرى بركات دور آمنة فى فيلم دعاء الكروان القصة التى كتبها الدكتور طه حسين أقنعها هنرى بركات بضرورة مقابلة الدكتور طه حسين خاصة أنه يريد مقابلتها قبل الشروع فى تنفيذ الفيلم وافقت فاتن حمامة وذهبت على الفور لمقابلة عميد الادب العربى مع منتج الفيلم وفى أول اللقاء وقبل الدخول فى التفاصيل فاجئها طه حسين و قال لها فى سخرية فى التعبير وإستهزاء فى نبرة الصوت
( انتى تقدرى تفهمى دور آمنة )
فأجابته بإصرار وعند وكثير من ضبط النفس ( فهمته كويس )
فهز طه حسين رأسه بسخرية من جديد وكأنه غير مصدق
فإنصرفت فاتن حمامة من اللقاء باكية وقالت لمنتج الفيلم ( ليه إخترتونى انا للبهدلة دى )
ولكن ما حدث جعل فاتن تصر على تقديم الدور وتم تصوير الفيلم فعلا وأثناء التصوير مرضت فاتن حمامه مرض شديد ووصلت درجة حرارتها الى ٣٩ درجة ورغم ذلك لم تبالى ولم توقف التصوير وأصرت على إستكمال دورها والبراعة في أداؤه
ليتم عرض الفيلم ويلقى نجاح كبير ساحق
وفى عرض خاص حضره عميد الادب العربى وزوجته السيدة سوزان وبعد نهاية العرض
فاجئ طه حسين فاتن حمامة من جديد حين قال لها :
(إن خيالى وأنا أكتب صورة آمنة فى القصة هو بالضبط اللى انت عملتيه يافاتن )
فينقلب حزن فاتن الى سعادة وفخر حسب ما ذكرت الكاتبة / زينب عبد الرازق
فى كتابها عن فاتن حمامة .
وبالفعل قدمت فاتن حمامه الدور ببساطة وسلاسة وعبقرية جعلت من الفيلم علامه فنية فى تاريخ السينما ووضعته فى المرتبة
الـ ١٤ من ضمن أفضل ١٠٠ فيلم فى تاريخ السينما المصرية
نوادر فى كواليس الفيلم
ورغم أن كل الفنانين بالفيلم كان كلا منهم مناسبا لدوره تماما إلا أن إختيارات الأدوار التى قدمت لم تكن هى الاختيارات الأولى
فـ دور (زنوبة) الذى قدمته الفنانة ميمى شكيب كان معروض فى الأصل على الفنانة فاطمة رشدى ولكن ماحدث أن الفنانة فاطمة رشدى سألت المنتج قبل الموافقة على الدور (مين حيعمل دور امنة ؟)
فأجابها المنتج: ( هتعمله فاتن حمامة )
فقالت له :
( البنت اللى طالعين بيها السما) وإشترطت أن يكتب اسمها قبل إسم فاتن حمامة فرفض المنتج فإعتذرت فاطمة رشدى عن الدور وأسند الدور بعدها للفنانة ميمى شكيب
ومالا يعرفه أحد أن الفيلم الذى تم تصويره بقرية تونة الجبل في مركز ملوي بمحافظة المنيا
و البيت الشهير الذى ظهر كإستراحة للمهندس / بطل الفيلم الذى قام بدوره أحمد مظهر كان الإستراحة الخاصة بعميد الأدب العربي طه حسين
حيث بناه عالم الآثار دكتور سامي جبره و أهداه لدكتور طه حسين وأقام فيه فعلا فترة كتب فيها قصة دعاء الكروان
وصرح المخرج هنري بركات قائلا لأحد الصحف الفنية وقتها : “صورت في الأماكن الخاصة بالدكتور طه حسين لأنه أكد لي أنه استوحى الرواية وكتبها اثناء إقامته في هذه الاستراحة “
وكذلك إسم الفيلم المميز
” دعاء الكروان ”
قال طه حسين :
(قال لي أبي ذات مرة وأنا صغيرة أنه إذا قمت بالدعاء بعد غناء الكروان وعاد الطير يغنى بعدها فستكون دعوتى مستجابة فكل مرة يغنى فيها هذا العصفور يقول “الملك لك لك لك يا صاحب الملك )
وهذا ما جاء فى الرواية وأشير إليه فى الفيلم وكان جزء من قناعات عميد الأدب ترسخت فيه منذ الطفولة
الفيلم صار علامة فنية وتراثية فى وجدان المتفرج العربى وناقش قضية الشرف والحب والفقر وتطرق للعادات القديمة فى صعيد مصر وأصبح من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية
وتم تقديم فيلم (دعاء الكروان) فى مهرجان برلين فى نفس العام ١٩٥٩ وقُبِل بتصفيق حاد واستحسان من الجماهير والنقاد معاً ومازال يعرض حتى اليوم بنفس النجاح والجماهيرية رغم مرور الزمن .