عيد الميلاد المجيد .. يأتى كل عام حاملًا معه أجواء خاصة تتجاوز حدود المناسبة الدينية، لتلامس وجدان الوطن بأكمله، فهو عيد تتجسد فيه معاني المحبة والسلام، وتبرز خلاله قيم التعايش والاحترام المتبادل بين أبناء المجتمع المصري.
بقلم/ إيمان سامي عباس
مشهد يعكس عمق الروابط الإنسانية والوطنية التي تجمع المسلمين والمسيحيين على أرض واحدة وتحت راية وطن واحد.
بهجة العيد وصورة التلاحم المجتمعي
في مصر، لا يمر عيد الميلاد كحدث عابر، بل يتحول إلى لوحة إنسانية نابضة بالحياة. تمتلئ الكنائس بالصلوات والترانيم التي تبعث السكينة في النفوس، فيما تشارك الشوارع والبيوت في مظاهر الفرح من خلال الزينات البسيطة والتهاني الصادقة. ويتبادل المصريون التهاني بعفوية ومحبة، في صورة حضارية تؤكد أن التعايش ليس شعارًا، بل ممارسة يومية راسخة في وجدان المجتمع، وعلامة مميزة من علامات الشخصية المصرية.
إن تقديم التهنئة للأخوة الأقباط في عيدهم هو تعبير صادق عن الاحترام والتقدير، ورسالة واضحة بأن الوطن يتسع للجميع. فالأعياد بطبيعتها تجمع ولا تفرق، وتقرب القلوب وتزيل الحواجز، وتؤكد أن روابط المواطنة أقوى من أي اختلافات دينية أو فكرية.
المواطنة… قيمة تتجدد في الأعياد
وتزداد احتفالات عيد الميلاد جمالًا مع هذا التوافق بين الحضور الرسمي والمشاركة الشعبية، حيث تحرص الدولة على مشاركة الأخوة الأقباط أفراحهم، تأكيدًا لمبدأ المواطنة الكاملة والمساواة بين جميع أبناء الوطن. وفي المقابل، يعبّر المواطنون بعفويتهم عن هذه الروح، من خلال الزيارات العائلية وتبادل الحلوى والابتسامات، ليصبح العيد مناسبة يشعر فيها الجميع بأنهم شركاء في الفرح.
كما يحمل العيد بُعدًا عائليًا وإنسانيًا عميقًا، إذ يمثل فرصة للمّ الشمل، وتجديد صلة الرحم، واستحضار معاني القرب والمحبة. ومن هذا المنطلق، أتقدم بأصدق التهاني القلبية إلى الأخوة الأقباط، متمنيًا لهم عيدًا سعيدًا يملؤه السلام والفرح، وأن يعيده الله عليهم وعلى مصرنا الغالية بالخير والاستقرار.
إن تبادل التهاني في مثل هذه المناسبات يضفي على العلاقات الإنسانية عمقًا ودفئًا خاصين، فالكلمة الطيبة لها أثر بالغ في النفوس، لاسيما حين تأتي في أوقات تتفتح فيها القلوب على المحبة، وتتطلع الأرواح إلى الطمأنينة.
وفي ظل ما يشهده العالم من تحديات ومحاولات لبث الفرقة، يبقى عيد الميلاد المجيد رسالة أمل تؤكد أن المجتمع المصري قادر على الحفاظ على وحدته وتماسكه، مستندًا إلى تاريخ طويل من التعايش المشترك. فالأعياد، حين تُعاش بروحها الحقيقية، تتحول إلى مناسبات لتعزيز القيم الإنسانية، لا مجرد احتفالات عابرة.
ختامًا، يظل عيد الميلاد المجيد مناسبة نجدد فيها الإيمان بقيم السلام والمحبة، ونعاهد أنفسنا على أن تبقى مصر وطنًا جامعًا لكل أبنائها، متآلفين ومتكاتفين. كل عام والأخوة الأقباط بخير، وكل عام ومصر عامرة بالوحدة والطمأنينة.
كاتبه المقال/ إيمان سامي عباس


