كتبت/ غادة العليمى
عمار الشريعى نابغة من نوابغ الموسيقى بمصر قدم إلينا كل جديد فى عالم النغم .. تعامل مع كبار النجوم والنجمات ملئ الدنيا ألحان وأعمال خالدة من تترات مسلسلات إلى أغانى قصيرة وطويلة وبرامج فنيه ودراسات نقدية.
المولد وفقد البصر
إسمه الحقيقي عمار علي محمد إبراهيم علي الشريعي أحد أعمدة الموسيقى في مصر ولد في مدينة سمالوط إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر له علامات وبصمات في الموسيقى الآلية والغنائية المصرية بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية للكثير من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية وذلك رغم أنه كفيف .
ورغم حرمانه من نعمة البصر إلا أنه كان نابغة من نوابغ العصر الحديث فى فن الموسيقى فى مصر والعالم العربى كله.
وقد حباه الله بخفة ظل على المستوى الإنسانى يعرفها عنه كل من قابله وتعامل معه وفى السطور التالية حديث منقول عن زوجته مرڤت القفاص تتحدث فيه عن الغواص فى بحر النغم عمار الشريعى فماذا تقول ؟؟
عمار الشريعى بعيون ميرڤت القفاص
إعتدلت السيدة الجميلة وظلت تحدق فى داوئر الذكريات وضحكت وهى تقول : زي النهارده من ٣٧ سنه في ٢١ غسطس ١٩٨٨
كنت علي موعد مسبق مع الموسيقار الشهير عمار الشريعي لتسجيل حديث إذاعي للبرنامج الإوروبي وإصطحبت معي صديقتي المذيعه المعروفه مرفت رجب وبعد انتهاء الحوار بدأت الدردشه عن الهوايات وأفصحت له انني أحب الغناء من الصغر ولكنني لم اتجرأ علي القيام بأي خطوه لتحقيق هذا الحلم فعرض علي ان يقوم هو شخصيا بتدريبي في مقابل ان أقرأ له بعض الكتالوجات باللغه الانجليزيه فوافقت على الفور وسعدت بالعرض ، وفي اللقاء الاول قمت بالفعل بقراءه بعض الصفحات وهو أيضا إستمع إلي صوتي واعطاني بعض النصائح والتدريبات ولكن بعد ذلك اخذ الموضوع مسار آخر وأصبح بيننا مكالمات تليفونية طويله وسحرني بأسلوبه الجذاب في الحديث .
فأحسست إنني أمام شخصيه فريده تأخذني من عالمي المحدود لتدخل بي في حياه هذا العبقري الذي وصل الي هذه المكانة وأثبت نفسه وسط العمالقه أمثال بليغ حمدي والطويل والموجي بموهبته الربانيه التي أثقلها بالعلم والبحث عن الجديد.
هذا العبقري عندما بدأ في السبعينات أعتمد علي نفسه تماما فوالدته لم تكن راضيه عن إحترافه للموسيقى بعد إنتهاءه من دراسته في كليه الاداب قسم لغه وأرغمته علي ترك المنزل اذا لم يتراجع ولكنه ترك بيت العائله و بدأ من الصفر وفي فتره قصيره أصبح له دخل من العزف في الأفراح والملاهي الليلية يجعله يستطيع العيش بمفرده ليحقق أحلامه في الموسيقى.
طفولة الشريعى
واذا رجعنا الي طفوله عمار فعلي الرغم من إنه كان الوحيد بين أشقائه فاقد البصر منذ ولادته ولكنه لم يتلقي إهتمام زائد بسبب هذه الإعاقة علي العكس ففي سن السادسه تم الحاقه بمدرسه داخليه للمكفوفين ومن هنا تعلم الإعتماد علي النفس وكان إنتمائه لزملاءه بالمدرسه يفوق إنتماءه للعائله وذلك يتضح من حكاياته عن حياته المدرسيه وعن تاثير أساتذته بالمدرسه علي شخصيته وعن أصدقاء المدرسه الذي ظل وفيا لهم حتي الممات.
ولذلك لم يجد صعوبه في العيش بمفرده بعد ترك بيت العائله
توالت اللقاءات بيننا وكانت هذه الفتره في حياه عمار مليئه بالنجاحات حيث حقق شريط أرجوك إوعي تغير للطيفه نجاحا كبيرا وقدم مطربه جديده في ذلك الوقت هي هدي التي لقبت بهدي عمار وفي السينما قدم الأراجوز ولحن اغنيتين للنجم عمر الشريف بالاضافه للدراما التليفزيونية والنجاح الغير مسبوق لموسيقي رأفت الهجان وفوازير نيللي…. الخ.
ذكرى أليمه فى حياته
وإسترسلت السيدة مرفت القفاص فى الحوار وتذكرت ذكرى آليمة رغم النجاحات ، ففي عام ١٩٨٧ قبل تعارفنا بعام واحد كان عمار قد أجري عمليه قلب مفتوح في إنجلترا أجراها له د/ مجدي يعقوب وكانت هذه أحد الاسباب التي أطالت الفتره بين الحب والزواج فكان دائما عنده إحساس آليم ان عمره قصير وعايز يعيش العمر الباقي بدون قيود تأثر علي فنه.
وبعد مرور سنتين إحساسي قاللي اننا حنكمل الحياه سويا برغم ان كل الأصدقاء اللي كانوا علي علم بقصتنا كان رأيهم مختلف باستثناء الأستاذ لويس جريس رحمه الله عليه الذي كان رأيه أن هذه القصه ستنتهي نهايه سعيدة.
وفي يونيه ١٩٩٠ كنت مدعوة لحضور برنامج إعلامي بالولايات المتحده مدته شهر ، وقلت لعمار دي فرصه حانبعد عن بعض شهر ونشوف إحنا عايزين نكمل ولا لأ
وقد كان ، أول ما رجعت قاللي حددي ميعاد مع اهلك وكان مجرد تعارف لإثبات حسن النيه وبعد ها بفتره قصيره طلب مني انزل أشتري الشبكه وقاللي إحنا مش حنعمل خطوبه اول ماخلص الشغل اللي ورايا حنتجوز علي طول.
حفل العشاء تحول لفرح كبير
اشريت الشبكه لكن مالبستهاش وكنا في شهر ديسمبر ١٩٩٠ وكان عمار بدأ شغل رمضان وإنتهي منه في شهر أبريل من العام التالي ٩١ وقال لي أيه رأيك مانعملش فرح ونكتفي بعمل عشاء للعائلتين في أوتيل وبعدها نسافر لقضاء شهر العسل وأنا ما كانش عندي مانع وحاولت إقناع أمي إنه يبقي عشاء فقط من غير رقص وطبل وعمار كان عندنا في البيت قبل ميعاد الزواج بأسبوع وقال لأمي ايه رأيك في يوم الإثنين القادم ، أمي إتصدمت من تحديد الميعاد بهذه السرعه وقالت له مش مانلحق نشتري فساتين وحاتجهزوا البيت امتي؟
عمار قالها قدامك أسبوع لشراء الفساتين وأنا بعد الجواز هسافر تاني يوم مع صديقى الشيخ زكي يماني ومرفت حاتستني تشوف العمال لتجهيز البيت وتشتري الموبيليا علي ذوقها وتحصلني بعدها باسبوع علي لندن وحنطلع بعدها امريكا ولما نرجع يكون البيت خلص .
عمار فجأه بقي متحمس ومستعجل وأنا كنت مبسوطه من حماسه وطريقته في إقناع أمي، خلال الاسبوع نزلنا انا وعمار اتفرجنا علي مطاعم للعشاء العائلي لكن لم نختار شيئا منها.
عمار طلب مني أتفرج علي قاعه في الشيراتون وقام مدير الفندق بعمل جوله بالقاعه وكان بيشرح لي هنا الكوشه والورد قلت له لا مفيش كوشه ده مجرد عشاء مع العائلتين وإحنا حنقعد معاهم علي الترابيزه
ثم قال وهنا حيكون المسرح عشان النمر اللي حتشارك في احياء الفرح
قلت له مفيش نمر ده مجرد عشاء عائلي.
وذهبت لعمار عشان أقول له إني شفت القاعه وكانت المفاجاة عمار يجلس بين شقيقه علي وبين متعهد الحفلات وعلي التليفون سمير صبري وكانوا بيعملوا بروجرام الفرح.
قلت له هو أحنا حنعمل فرح؟؟
قال لي كل الناس لاموني يعني ايه ماعملش فرح وانتي ذنبك ايه؟!
ده كان يوم السبت والفرح يوم الاثنين ولسه محتاجه اشتري فستان فرح وبما انه بقي فرح مش عشاء لازم أعزم زملائي وقياداتي في العمل وطبعا احنا ما طبعناش دعوات فكنا بنعزم بالتليفون والناس مش مصدقين ان إحنا بنعمل كل شيءٍ في أخر دقيقة وطبعا في ناس ملحقناش نعزمها، ومع كل ده بالنسبه لنا كان احلي فرح في الدنيا، ومراسم زواج تليق بشخصية متحمسه فريدة مثل عمار الشريعى.
رحيل مفاجئ وعلامات خالدة
وفى عام ٢٠١٢ فارقنا النجم الكبير إثر أزمه قلبية مفاجأة بعد أن ملأ الدنيا ألحان وأنغام تاركا خلفه علامات فنيه بارزة باقية فى الوجدان مثل تترات الأعمال التليفزيونيه «أديب» «زينب والعرش»، «دموع فى عيون وقحة» «الشهد والدموع» «ليلة القبض على فاطمة» «الزينى بركات» «دموع صاحبة الجلالة» «وأدرك شهريار الصباح» «أخو البنات» «أبو العلا البشرى» «رأفت الهجان» «هو وهى» بالمشاركة مع كمال الطويل «نصف ربيع الآخر» «الراية البيضا» «أرابيسك»، «هارون الرشيد» «أم كلثوم»»الرحايا»»حدائق الشيطان» «حديث الصباح والمساء» «امرأة من زمن الحب» «أوبرا عايدة» «المصراوية» »شيخ العرب همام» «وادى الملوك» وغيرها بمجموع يصل إلى 150 مسلسلا دراميا و50 فيلما سينمائيا بخلاف المسرح والمسلسلات الإذاعية بالإضافة لتعاونه مع كثير من المطربين وخاصة فرقته التى كونها فرقة الاصدقاء التى كانت مكونه من منى عبد الغنى وعلاء عبد الخالق وحنان
رحمة الله عليه.