الرئيسية » الحاكم الفعلي والقاتل البطيء للبلاد .. صندوق النقد هدامًا للدول

الحاكم الفعلي والقاتل البطيء للبلاد .. صندوق النقد هدامًا للدول

by وفاء عبد السلام
0 comments

الحاكم الفعلي والقاتل البطيء للبلاد .. صندوق النقد هدامًا للدول

 

صندوق النقد حاكمًا بحق؟!: سؤال الجدوى الاقتصادية للاقتراض
من المعلوم بالضرورة أن صندوق النقد الدولي منذ نشأته الشاذة مع نهاية الحرب العالمية الثانية ،إلا و قد صار ملكًا على الدول ليس بصفته مخطط السياسيات ، بل يضع الخطوط العريضة والبانية للسياسيات ،ليترك الباقي للساسة ليختارون ،مجازًا، الأمثل لشعوبهم بحق لتحقق بذلك التنمية المستدامة .

بقلم / مصطفى نصار

يناقض هذه الصورة الوردية الباحث الاقتصادي إرنست فولف باعتباره أن الصندوق يعقد “اتفاقًا خفيًا “بين الحكومة المقترضة و الصندوق ، ليدخل بعدها في أحد سينانوريات الصندوق، إما الإفلاس و بيع الأصول ، و إما إعلان الإفلاس . و قد يكون أحدهم نتيجة للآخر ، أو مفصول عنه بحسب بما فيه من إجبار و ابتزاز يمارسه الصندوق.
علاوة على ذلك ، يمارس الصندوق نوعًا من الإفقار الممنهج للشعوب و المجتمعات ، فتفكك و تشرذم و تشتظر لعدة أسباب و على رأسها رفع الأسعار و تسليم البلاد اقتصاديًا، أو اللجوء للقتل الاقتصادي في حالة رفض الخضوع الكامل للصندوق و تسليم الشركات الرابحة بحق ، لينتهى بدولة مفلسة بلا أي شيء. و هناك عدة تجارب سابقة شهدها التاريخ للإفلاس قبل نشأة الصندوق حتى و بعده كالبرازيل و فنزويلا و مصر في عهد الخديوي اسماعيل و توفيق .
و يشير في هذا الصدد القاتل الاقتصادي السابق جون بيركنز أن المثلث الحاكم للدولة في حالة الغلاء هو الكبيروقراطية و هو المثلث المكون من الثلاثي الأكثر تحكمًا و بؤسًا للتحكم و هو القمع الممنهج و المال و الحرمان لسلطة قاسية على الفقراء و المعدمين ، أو بتعبير الباحثة الاقتصادية المرموقة ماري مبروك الاقتصاد المفقر عمدًا. إنها دائرة مفرغة من القروض الدائمة الذي لا منفذ منه إلا المشي على الدراسات و سماع صوت المجتمع و الخبراء .

صندوق النقد الدولي

صندوق النقد الدولي

و للمفارقة تستطرد البروفسورة ناعومي كلاين من كتابها الموسع عقيدة الصدمة أن المجتمع النيولبيرالي المعتمد على صدمة غيره مستعبد بالضرورة من الخارج ، لعدم امتلاك قراره و سياسيته الاقتصادية، لينتهى في نهاية المطاف بمجتمع متحلل و عبد للاقتصاد و النيولبيرالية المتوحشة . لينتهى بصحوة طويلة بعد القضاء على جيلين أو ثلاثة على الأكثر و يفك المجتمع سيطرة التبعية الاقتصادية بعد مدة تترواح من عشر لثلاثين عامًا .

و يسرد المفكر الراحل المصري محمد حسن هيكل في رسالته للدكتوراة عن ديون مصر أن الشعب قد تعود على اللبرلة الاقتصادي، لدرجة أنه سدد ديون عهد الخديوي إسماعيل على ١٠٠ عام . بعكس دولة مثل البرازيل ، لم تتعود على اللبرلة لما فيها من ذل و إهانة و إفقار ممنهج . أي أن الحرية الاقتصادية ثمنها نفيس ولا يدرك إلا بسياسة النفس الطويل المنظم .

بين متنافرين : المواجهة المباشرة مع المركب الصلب تجدي نفعًا مع البرازيل .

هناك القصة المعتادة للبرازيل التي يعرفها الجميع ، و هي قصة التمارس و الحرفنة في كرة القدم و إخراج اللاعبين المحترفين مثل رولندويو و بيليه و غيرهم الذين صعود من غبار الفقر و الطحن لنجومية و شهرة العالمية . غير أن هناك قصة طويلة من المعاناة المعتمد إخفائها عن شعوب العالم الثالث ، و تحديدًا الإفريقية منها .

و تسير تلك القصة على مدار قصة نضال طويلة و شاقة امتدت على مدى قرن و نصف ، لتنال حريتها من نظام ملكي و من بعدها نظام دكتاتورية عسكرية، ليصبحوا في النهاية على مكانة جعلتها المركز السادس عالميًا و من الدول المقرضة لصندوق النقد الدولي على مدار ٣ مرات متتالية ، لتخرج من حجيم الانقلابات لجنة الرفاه بخسائر منطقية و مقبولة لأي تجربة تحرر من أي احتلال أو دكتاتورية شاملة.

ولتقين عدم عودة الدكتاتورية ، أسس لولا دا سيلفا بعض القواعد و منها تولي وزير مدني على وزارة الدفاع و تنقيح المؤسسات لتصبح خالية تمامًا من الفساد ووضع أسس قانونية قائمة على المحاسبة و العدالة في الجزاء ، و إقراض الشباب العاطل من ميزانية الدولة لافتتاح المشاريع الصغيرة و صرف مرتب شهري حتى تؤتي ثمارها ، و عمل خطة تنموية شاملة قائمة على العلم و الدراسة لا تشغيل العقل و الفساد لسداد الدين في خلال عشر سنوات فقط لا غير .

و على المستوى الشعبي ، صبر البرازيلون على رئيس تجرع من نفس الكأس و سجن مرتين في حياته بمعدل ٧ سنوات ، محققين بذلك سواء بغير وعي أو بوعي نصحية و مقولة عالم الاجتماع الشهير ماكس فبير أن من يسير بمنهج الناس في حياته ينظر لمن يعينه حينما يختاروه ليمثلهم ، بعكس من يعين رغمًا عنهم الذي يتملق الخارج و مرؤوسة في الداخل للترقية أو تثبيت مكانه في العرش .

 

واللقمة تأتي من التوبة : الاقتصاد الإسلامي بصفته عقيدة حياتية .

 

حينما تعرض الكوكب البائس الذي نعيش به لأكبر أزمة اقتصادية قبل كورونا في ٢٠٠٨ ، ظلت البنوك الإسلامية في العالم الجدار الصلب الذي وقف في وجهها نظرًا لتطبيقات الاقتصاد الإسلامي فيه على العامل قبل النظام المصرفي نفسه بحق ، في إشارة مدعمة ببصيرة أنه أصح و أقوى نظام في الكوكب ، ليتلفت إليه الباحثون فيما بعد و يخرجوا بنتائج مرنة مبهرة .

و لعل أهم تلك الدراسات دراسة البروفسور البريطاني تشازلز تريب أستاذ التاريخ الفخري في أكسفورد الذي شرح نظرية عن الاقتصاد الإسلامي التي تفيد في نهاية الأمر بأنه أدق من يثير الأموال بعمليات إدخالية و إنتاجية تفيد البعد تمامًا عن الرأسمالية النيولبيرالية.

 

و لفهم دينامية الرأسمالية النيولبيرالية

 

فإن اتجاه رأس المال يسير باتجاه اعتمادي بالشكل الأول لعملية الشراء و البيع للحياة كلها ، أو بتعبير آخر تحويل الحياة لمادة استهلاكية تنافسية من أجل الحفاظ على المال و حركة السوق . و لهذا ، عنون عالم الاجتماع الألماني فريديك ستريك كتابه بشراء الوقت للتعبير عن أزمة جوهرية تتعلق بالرؤية المعرفية للرأسمالية النيولبيرالية التي نفذت حلولها و اصطدمت بالواقع و الأزمة عام ٢٠٠٨ .

اقرأ أيضا رؤية السعودية لعام 2030.. تحول اقتصادي واجتماعي قوى علي كافة الاصعدة
وعند تطبيقها فرديًا ، نجد أنه من المفيد التخلي تمامًا على أن المال صانع الظروف ، و استبدالها أن التوبة بالمال صانعة الظروف و محققة الأهداف بعيدة المنال ،حتى لو كنت معدمًا ، فاغلب المصريين كثيرًا ما يردد أقاويل لا يؤمن بصحتها إلا بتحققها ماديًا في ظل حتى أحلك الأزمات ليتناسوا سريعًا أو غفلة أن السعى و التوبة و الإتقان دون خوف أو هلع محرك الإنسان المسلم لتحقيق غايته العظمى عبادة الله حق عبادة تليق بمقامه و لقائه جل و علا.

اقرأ أيضا الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي يختتم أعماله في الرياض بدعوة زعماء العالم إلى تبني مسار واضح نحو السلام

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00