الرئيسية » صراعات الميراث: نزاع الأموال الذي يحول الأخوة إلى أعداء

صراعات الميراث: نزاع الأموال الذي يحول الأخوة إلى أعداء

by باهر رجب
0 comments

كتب: أحمد طارق عبد التواب

صراعات الميراث: نزاع الأموال الذي يحوّل الأخوة إلى أعداء

في كثير من القرى والمدن المصرية، باتت قضايا الميراث واحدة من أبرز أسباب الخصومات العائلية، التي لا تقف عند حدود الخلافات الكلامية، بل تتطور في أحيان كثيرة إلى جرائم مروّعة.

الميراث، الذي من المفترض أن يكون تقسيمه وفق أحكام الشرع والقانون، أصبح في بعض البيوت شرارة لصراعات دامية، لا تفرّق بين أخ وأخته، أو عم وابن أخيه، بل وقد تمتد إلى قتل الأرحام وسفك الدماء داخل بيت العائلة نفسه.

المشكلة ليست في الميراث ذاته، بل في النفوس التي يسيطر عليها الطمع، وفي غياب الوعي القانوني والشرعي، إضافة إلى تدخل أطراف خارجية تُشعل الفتن بدل إطفائها. بعض الورثة يتعمدون إخفاء مستندات الملكية أو التلاعب في الأوراق الرسمية، بينما يلجأ آخرون إلى القوة لفرض سيطرتهم على الأراضي أو الممتلكات. وهكذا تتحول المسألة من حق شرعي إلى ساحة حرب حقيقية.

جرائم مأساوية تهز المجتمع بسبب الميراث

الأحداث التي تتصدر عناوين الصحف تكشف الوجه المظلم لهذه الصراعات. في إحدى القرى بالصعيد، شهد الأهالي واقعة مؤلمة حين أقدم شاب على قتل شقيقه طعنًا بسكين بعد مشادة كلامية حول تقسيم قطعة أرض زراعية ورثوها عن والدهم. وفي واقعة أخرى بمحافظة البحيرة، تحولت جلسة صلح إلى مسرح جريمة، بعدما أطلق أحد الأطراف النار على أبناء عمومته، ليسقط ثلاثة قتلى في لحظات، والسبب: خلاف على منزل قديم.

وتتكرر القصص بصور مختلفة، ولكن النتيجة واحدة: دماء تراق، وعائلات تتفكك، وأطفال يدفعون ثمن أخطاء الكبار. بعض الجرائم تصل إلى أروقة المحاكم، بينما تنتهي أخرى في جلسات عرفية لا تحقق العدالة الكاملة. والأسوأ أن هناك من يلجأ إلى أساليب ملتوية، كإجبار النساء على التنازل عن حقوقهن الشرعية تحت ضغط التهديد أو العادات التي ترى في ميراث المرأة “إضعافًا” لثروة العائلة.

خبراء يحذرون ويقترحون الحلول

يرى خبراء علم الاجتماع أن قضايا الميراث ليست مجرد نزاع مالي، بل هي انعكاس لخلل في منظومة القيم داخل بعض المجتمعات. غياب الوعي الديني يجعل البعض ينسى أن الميراث حق مقدر من الله لا يجوز التلاعب به. أما قانونيًا، فيؤكد محامون أن التراخي في إجراءات تقسيم الميراث وترك الأمور معلقة لسنوات يفتح الباب أمام المشاكل.

الحلول المقترحة تبدأ بالتوعية، سواء عبر حملات إعلامية أو برامج دراسية، لتعليم الأجيال الجديدة أهمية احترام الحقوق الشرعية.

كذلك، يجب تفعيل دور مكاتب التسوية الأسرية في المحاكم، وتسريع إجراءات التقسيم، ومنح النساء الحماية القانونية الكاملة عند المطالبة بحقوقهن. بعض المحافظات بدأت بالفعل تنظيم ندوات توعية في القرى للحد من هذه النزاعات،. لكن الخبراء يرون أن الجهود ما زالت محدودة مقارنة بحجم المشكلة.

ويعد،الميراث اختبار حقيقي للنوايا، فقد يكون بابا للخير وصلة الرحم، أو يكون بداية لقطيعة وعنف ودماء. التاريخ الحديث للمجتمع المصري مليء بقصص مأساوية كان يمكن تفاديها بكلمة حق أو توقيع عقد عادل. وربما آن الأوان لأن يدرك الناس أن الميراث حق لا فضل، وأن الدم لا يورث سوى الحزن والندم.

 

الختام

وفي النهاية، تبقى قضايا الميراث اختبارا حقيقيا للعلاقات العائلية،. فإما أن تكون فرصة لتوزيع الخير بالعدل،. أو أن تتحول إلى لعنة تورث الضغائن والجرائم للأجيال القادمة. المجتمع بحاجة إلى وقفة جادة، قبل أن نسمع عن مزيد من المآسي التي تكتب بدماء الأقارب.

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00