كتبت: داليا حسام
صحيفة تريندات العالم .. زارت اليوم قصر عابدين الشهير، لتستشعر فيه الأصالة ويفوح منه عبق التاريخ، حيث الأسرة الملكية وتاريخ مصر والهيبة والعظمة والجمال لنرى ماذا كنا وكيف أصبحنا واسمحوا لي أن اتحدث معكم في السطور القادمة ببساطة وبلغة عامية دارجة تماما كما رحت أحدث نفسي طيلة وقت الزيارة ؟
الحجارة تتحدث وزمن يتوقف
فحينما دخلت القصر فهمت منذ أن وطأت قدمى ساحة القصر، حسّيت إن الزمن وقف الحجر نفسه بيتكلم.
الأرض الرخامية تلمع كأنها لسه مستنية ضيوف الخديوي إسماعيل، والبوابات الحديدية العالية كانت بتحكي بصمتها عن هيبة الدولة وعزّ مصر في وقتها.
دخلت من البوابة الرئيسية، أول حاجة لفتت نظري السلالم الواسعة اللي شبه مشهد من فيلم ملكي، والمرايات اللي في كل زاوية بتعكس مش بس صورتي لأ، بتعكس مجد زمان.
كل خطوة كنت باخدها جوه القصر كانت كأنها نقلة لعصر تاني عصر أنا كنت نفسي أعيشه، ولو ليوم واحد بس.
في القاعة الكبرى، النور كان داخل من شبابيك ضخمة بزجاج ملوّن، ينثر ألوانه على الحوائط اللي مليانة نقوش ذهبية دقيقة جدًا، تحسي كل وردة مرسومة فيها وراها حرفي فنان تعب فيها بإيده.
وفي النص، نجفة بلّور ضخمة كأنها قطعة سما نازلة تنوّر المكان.
سمعت صوتي وأنا بقول: ياااه… قد إيه الجمال ممكن يكون له هيبة وسكوت في نفس الوقت.

الملك والخديوى وغرفة العرش
مشيت ناحية غرفة العرش هناك حسّيت بالرهبة فعلاً.
الكرسي الذهبي، مرتفع عن باقي المكان، والمخمل الأحمر اللي حواليه عامل مشهد يخليك تتخيل الملك أو الخديوي وهو قاعد بيحكم مصر، والكل حواليه واقف في انتظار كلمته.
الجو كله كان بيحمل عبق التاريخ مش ريحة عادية، دي ريحة “مجد”.
بعدها دخلت جناح الملكة، المكان كان أنعم وأهدى، تفاصيله فيها أنوثة ورقة، الستائر الحرير، المرايات المزخرفة، وألوان الغرف اللي تميل للروز والبيج، كلها بتقول إن الجمال مش صدفة، ده كان أسلوب حياة.
وإنتِ ماشية هناك، بتحسي إن كل زاوية ليها قصة حب، أو سر صغير بين الملكة وجدار القصر.

وفي المتحف الداخلي، شفت حاجات خلتنى مبهوره بلتفاصيل . أدوات طعام فضة، بدلات عسكرية مطرزة بخيوط دهب، وصور حقيقية لأمراء وأميرات مصر القديمة.
كل قطعة في المتحف بتحكي عن حياة ناس عاشوا في القصر مش كحُكّام بس، لكن كعيلة… ليهم ذكريات، ضحكات، وحتى أحزانهم كانت هنا.
وأكتر لحظة أثّرت فيا كانت لما وقفت قدام الشرفة الكبيرة اللي بتطل على ميدان عابدين.
وقتها حسّيت إن كل شبر في المكان ده شهد لحظات عظيمة من تاريخ بلدنا.

من خطابات، واحتفالات، ومواكب رسمية… لحد أوقات صعبة وقف فيها القصر شاهد على تغيّرات الزمن.
وأنا ماشية في أروقة القصر، عينيا كانت بتدور على التفاصيل الصغيرة اللي بتخطف القلب.
مش بس في النجف أو المرايات، لكن في تنسيق الألوان، وتطريز الستائر، ولمعة الخشب القديم
كل زاوية كانت بتقول إن الناس زمان كانوا بيعيشوا الأناقة مش بيقلدوها.
كستايلست، شفت إن الجمال الحقيقي مش في البهرجة، لكن في التوازن والرقي، في البساطة اللي ليها شخصية، وفي الذوق اللي يفرض احترامه من غير ما يتكلم.
اتعلمت من القصر إن الموضة ممكن تتغير، لكن الستايل الراقي عمره ما يقدّم.

وأنا موجوده فى قصر عابدين، كنت حاسة إني مش بس زرت مكان تاريخي, ده كأني رجعت زمن كان فيه الجمال له هيبة، والرقي له معنى، والأناقة جزء من الشخصية مش المظهر.
كل تفصيلة في القصر كانت بتقولي: “الجمال الحقيقي بيعيش، حتى لو الزمن اتغير.”
يمكن ده اللي خلاني أبتسم وأنا ماشية، لأني أدركت إن الشياكة مش موضة بتروح وتيجي، لكنها روح مصرية أصيلة اتولدت جوه القصور دي ولسه عايشة جوانا.
خرجت من القصر، بس حسّيت إني ما خرجتش فعلاً.
فضلت صورة المكان جوايا، وأصوات الماضي لسه بترن في وداني.
وقلت لنفسي: قصر عابدين مش مجرد مبنى.. ده ذاكرة بلد. ده مصر وهي في كامل أناقتها وهيبتها

