صاحب الفضل والتأثير الكبير فى مسيرة الأديب العالمي
يعتبر حسين توفيق إسماعيل الحكيم أحد أهم رواد الأدب العربي الحديث نال مكانة خاصة في قلوب قرائه، وتربع على عرش المسرح العربي، مؤسسا تيارًا جديدًا هو المسرح الذهني العربي والذي يَكشف للقارئ عالمًا من الدلائل والرموز التي يمكِن إسقاطُها على الواقع في سهولةٍ ويسر.
ويعد الأديب والمفكر والمسرحي توفيق الحكيم هو الداعم وصاحب التأثير الأكبر في مسيرة وحياة الأديب العالمي فهو الذي مهد الطريق للأديب نجيب محفوظ ليمضي قدما بمشروع الرواية الواقعية الكبير نجيب محفوظ وفتح له طريق رواية الحارة.
فقد يحلو للبعض الكلام عن الشخصيات العامة مثل الأديب الكبير نجيب محفوظ ولا يتم الحديث عن من وقفوا بجوارهم ودعموهم من الأساتذة ، لكن الأديب العالمي نجيب محفوظ نفسه صرح بفضل الكثير من الكتاب والأدباء المصريين وغير المصرين وتأثيرهم في حياته وعلى تشكيل مسيرته، ولم يجد غضاضة أبدا في الحديث عن فضل المتقدمين عليه.
فالعلاقة بينه وبين أستاذه الحكيم كانت أستاذية وصداقة من الطراز رفيع بكل ما تحمله من رقى وإنسانية ، فكل التسجيلات التلفزيونية لنجيب محفوظ التي يتحدث فيها عن مشواره الأدبي الطويل، يذكر الحكيم بتبجيل واحترام بالغ، وعن إعجاب الحكيم بموهبته ، لذا لم يكن غريبا أن يقول محفوظ إن الحكيم كان يستحق جائزة نوبل
تصريح الأديب نجيب محفوظ
يقول الأديب نجيب محفوظ أن توفيق الحكيم صاحب مكانة خاصة في قلبي وربما أكون أحببت العقاد، وتعلقت به وتربيت على يديه، وربما أكون تأثرت بـ طه حسين إلى حد بعيد، ولكن توفيق الحكيم هو الوحيد الذي ارتبطت به وجدانيا وروحيا، وعشت معه سنوات طويلة كظله، هكذا وصف صاحب “الثلاثية” علاقته بصاحب “عودة الروح”، وهى علاقة بدأت في عام 1947، بحسب تأريخ محفوظ لأول لقاء مع الحكيم كما ذكره في شهادته التي أودعها رجاء النقاش في كتاب “صفحات من مذكرات نجيب محفوظ”، وهى علاقة استمرت وتعمقت حتى وفاة الحكيم في عام 1987.
صفحات الورق
العلاقة بدأت بين الحكيم ونجيب عبر صفحات الورق، إذ قرأ الأخير لتوفيق الحكيم أعماله التي بدأت تظهر منذ بداية ثلاثينيات القرن العشرين، بداية من:
– رواية “عودة الروح” 1933
– مسرحية “أهل الكهف” 1933
– رواية “يوميات نائب في الأرياف” 1937
وكان نجيب محفوظ مشغولا وقتها بكتابة مشروع استعراض تاريخ مصر القديمة في سلسلة روايات، لكن ما شده وقتها هو الأدب الواقعي الذي قدمه الحكيم في عمليه “عودة الروح – يوميات نائب في الأرياف”
الانعطافة الكبرى
قد حدثت انعطافة في مسار نجيب محفوظ وهو التأثر بجذور الواقعية التي قدمها الحكيم في أعماله الأولى، والأهم التركيز على الأحياء الشعبية وعوالمها المدهشة، إذ فتحت هذه التجربة عين نجيب محفوظ على الإمكانات الضخمة والهائلة التي تسكن الحارة المصرية كمنجم للحكايات، وهو أمر أدركه سريعا ابن الجمالية ذلك الحي الشعبي العريق الذي لا يخلو كل ركن فيه من حكاية تستحق أن تُروى
تحليل النقاد
حلل الناقد غالي شكري في كتابه “ثورة المعتزل دراسة في أدب توفيق الحكيم” تأثير الحكيم في حياة نجيب محفوظ، إذ يرى أن التكوين الثلاثي في “عودة الروح” من الرومانسية والواقعية والكلاسيكية.
فقد قدم من خلالها تجربة أصلية امتدت في تربتنا امتدادات غائرة في أعمق إنتاجنا الروائي إلى الآن: ثلاثية نجيب محفوظ. إن البناء الكلاسيكي المحكم يضبط الثلاثية من جزئها الأول إلى جزئها الأخير.
الأدب الواقعي
و بالرغم من أنها تنتمي إلى خانة الأدب الواقعي العظي إن الثلاثية امتداد أكثر تطورا وازدهارا لعودة الروح، ولكنه الامتداد المستوعب للظاهرة الفنية والمتبقى عليها في آن وما أعظم الشبه بين خاتمة الثلاثية من جانب، وخاتمة عودة الروح من جانب آخر.
إن القصة تنتهي في كلتيهما، وقد دخل أبطالها السجن,السجن ثمرة الثورة الاجتماعية عند نجيب محفوظ، وثمرة الثورة الوطنية عند توفيق الحكيم. ويرى شكري أن نجيب محفوظ رغم أنها سار على درب الحكيم، إلا أنه استطاع أن يقدم نصوصا أكثر نضجا في الأدب الواقعي، وإن لم ينقص هذا من ريادة الحكيم في ميلاد الرواية المصرية