على أثير راديو أسرار المشاهير، يعود الإعلامي هاني سليم بحلقة جديدة من برنامجه المميز فضفضة، ليطرق بابًا لا يخلو منه قلب إنسان: الوعود اللي ما اتنفذتش.
منذ اللحظات الأولى، ومع خلفية موسيقية حزينة تنساب في الأذن كهمس خافت، أدرك المستمعون أنهم على موعد مع رحلة وجدانية صادقة. لم يكن الأمر مجرد برنامج إذاعي، بل كان مساحة اعتراف جماعي، يعترف فيها كل واحد أمام نفسه بما جرحه من كلمات لم تتحقق.
قال هاني في مقدمته:
“الوعود… الكلمة اللي ساعات بتبني حياة… وساعات بتهدها. الوعود اللي ما اتنفذتش بتوجع، مش بس عشان الحاجة ما حصلتش… لكن عشان الأمل اللي استنيته، والفرحة اللي كنت بتخطط لها، والخيبة اللي جات مكانها.”
القصة… بين الحلم والانكسار
اصطحب هاني جمهوره إلى حكاية درامية عن فتاة صدّقت وعود من أحبّها. وعود تكررت: “أوعدك… مش هسيبك لحظة… أوعدك إني هقف جنبك.”
في البداية، كانت الكلمات وطنًا صغيرًا. شعرت بالأمان، كأنها تسير في طريق ممهد لا نهاية له. لكن الأيام مرّت، وبدأت المسافة تكبر، والوعود تتبخر واحدة تلو الأخرى. وحين جاء اليوم الذي احتاجت فيه حضوره، لم يكن موجودًا، لا بجسده ولا بروحه ولا بكلماته.
ليعلق هاني بكلمات أعمق مما تحتمل القلوب:
“الوعود اللي ما اتنفذتش بتسيب جرح مش بيخف… جرح اسمه كنت فاكر. كنت فاكر إنك هتكون موجود… كنت فاكر إنك هتوفي… كنت فاكر إنك مش زي الباقيين.”
هذه القصة لم تكن عن فتاة بعينها، بل عن كل شخص وضع ثقته في كلمة لم تجد طريقها إلى الواقع.
الموسيقى… لغة الجرح الخفي
اختيار الأغنية في منتصف الحلقة لم يكن تفصيلة بسيطة، بل كان امتدادًا لرحلة وجدانية. أغنية حزينة عن الخذلان وانكسار الثقة جاءت لتكون بمثابة مرآة موسيقية، تقول ما لم يُقل وتُبقي المستمع غارقًا في الإحساس العام للحلقة.
الرسالة الأخيرة… ما بين الكلمة والعهد
في ختام الحلقة، قدّم هاني رسالة تصلح أن تكون ميثاقًا أخلاقيًا للناس جميعًا:
“الوعد مش كلام بيتقال… الوعد عهد. لو مش قادر توفي، بلاش تقول أوعدك. لأن الكلمة أحيانًا بتعيش في قلب اللي قدامك سنين حتى بعد ما إنت تنساها. خلي وعدك دايمًا صادق… وخليك أنت الوعد اللي ما يتكسرش.”
هذه الكلمات لم تكن مجرد نصيحة إذاعية، بل كانت أقرب إلى دعوة لإعادة تقييم ثقافتنا في التعامل مع الكلمة. ففي زمن تُلقى فيه العبارات بسهولة، وتُقطع فيه الوعود بغير حساب، تصبح الرسالة أعظم: لا تُلقي كلمة “أوعدك” على لسانك إلا إذا كنت قادرًا على أن تعيش بها وتدفع ثمنها.
نجاح برنامج فضفضة لا يعود فقط إلى مهارة هاني سليم الإعلامية، ولا إلى بساطة فكرته، بل إلى قدرته على لمس الجرح الإنساني العميق. المستمع لا يشعر أنه يستمع إلى مذيع، بل إلى صديق يشاركه الحزن، ويفتح له نافذة للتأمل.
في زمن يطغى فيه الصخب والسطحية على كثير من المحتوى الإعلامي، يقدم فضفضة ما يشبه جلسة صادقة من القلب إلى القلب، حيث تُقال الكلمات بلا رتوش، وتُفتح المساحات للبوح والصدق.
حلقة الوعود اللي ما اتنفذتش لم تكن مجرد ساعة إذاعية، بل كانت درسًا إنسانيًا واجتماعيًا عن قيمة الكلمة. فالوعود ليست جُملًا نلقيها في الهواء، بل التزامًا أخلاقيًا وعاطفيًا قد يغيّر حياة إنسان بأكملها.
بهذه الروح، يثبت هاني سليم أن الإعلام ليس فقط خبرًا أو ترفيهًا، بل مساحة للتأمل والتغيير الداخلي. ومع كل حلقة جديدة من فضفضة، يزداد البرنامج ترسيخًا لمكانته كصوت مختلف، صوت يذكّرنا دائمًا أن الكلمة قد تداوي… وقد تجرح.
لمشاهدة الحلقة على صفحة راديو أسرار المشاهير