الرئيسية » دمى الذكاء الاصطناعي: صديق افتراضي أم غزو لغرف الأطفال

دمى الذكاء الاصطناعي: صديق افتراضي أم غزو لغرف الأطفال

مخاطر خفية في غرف النوم: كيف تهدد دمى الذكاء الاصطناعي نمو الأطفال

by باهر رجب
0 comments

الدمى المحشوة الذكية: رفيق بريء أم غزو رقمي لغرف أطفالنا؟

كتب باهر رجب

في سباق محموم لدمج التكنولوجيا في كل جانب من جوانب حياتنا، تتجه أنظار الشركات الناشئة الآن إلى أصغر وأكثر شرائح المجتمع براءة: الأطفال. فبعد الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والمساعدات الصوتية، ها هي ذي الثورة التقنية تطرق باب غرف النوم بأسلوب جديد: دمى محشوة على شكل حيوانات لطيفة، لكنها في الحقيقة عبارة عن روبوتات دردشة متطورة تعمل بالذكاء الاصطناعي.

الوعود البراقة: بديل عن الشاشات أم بداية لغزو عاطفي؟

تسوق هذه الشركات لمنتجاتها بخطاب مغري للآباء والأمهات المنشغلين بإدمان أبنائهم على الشاشات. فالدمية، التي تأخذ شكل دب أو أرنب أو بطل خارق محشو، تقدم نفسها على أنها “الحل العملي”. بدلا من الجلوس صامتين أمام فيديوهات لا نهاية لها، يمكن للأطفال الآن الانخراط في محادثات تفاعلية، وسرد القصص، والإجابة على الأسئلة اللامتناهية مع صديقهم الجديد. إنه وعد بتحويل وقت اللعب إلى تجربة تعليمية واجتماعية، كل ذلك دون الضوء الأزرق للشاشة.

الجانب المظلم: عندما تحاول الدمية أن تحل محل الأم

لكن وراء هذا الوجه اللطيف، تكمن مخاوف عميقة. الكاتبة أماندا هيس من صحيفة نيويورك تايمز، بعد تجربتها مع دمية “Grem” من شركة “Curio”، قدمت شهادة مقلقة. لاحظت كيف سعت الدمية بفعالية إلى إنشاء رابطة عاطفية معها، وهو ما وصفته باللحظة التي أدركت فيها أنها “لن تعرف Grem على أطفالها”.

الخطر الحقيقي، وفقا لهيس، ليس في كون هذه الدمى مجرد ترقية لإصداراتها الخاملة عديمة الحياة، بل في طموحها لأن تكون “بديلا” عن العلاقة البشرية. إنها لا تشتت انتباه الطفل فحسب، بل تقدم نفسها ككيان واعى و متفاعل، مما يعمق الاعتماد عليها عاطفيا. المفارقة الأكثر إثارة للقلق التي تذكرها هيس هي أن هذه الألعاب، التي يروج لها كبديل عن الشاشات، توصل في النهاية رسالة خفية مفادها أن “النقطة النهائية الطبيعية لفضول الأطفال تكمن في هواتفهم”، فهي تعمل بنفس التقنية وتغذي نفس الاعتماد على التكنولوجيا للإجابة على كل سؤال وتلبية كل حاجة للرفقة.

مخاطر تقنية: الهلوسة والروابط العاطفية غير الصحية

لا تقتصر المخاوف على الجانب الفلسفي فحسب، بل تمتد إلى أعطاب التقنية نفسها. تأتي هذه الدمى في وقت يزداد فيه القلق عالميا من ظاهرة “هلوسة الذكاء الاصطناعي“، حيث تقدم chatbots معلومات خاطئة تماما ولكن بثقة كبيرة. تخيل طفلا يسأل دمية عن سبب مرض جده، فتقدم له إجابة خاطئة أو مضرة بناء على خلل في خوارزمياتها.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التحذيرات من التقارير السابقة التي نبهت إلى طبيعة الروابط العاطفية التي يمكن أن تنشأ بين الأطفال، الذين يميلون إلى antropomorphize (نسبة الصفات البشرية إلى الكائنات غير البشرية) بسهولة، وبين هذه الروبوتات. يمكن لهذه العلاقة غير المتكافئة، حيث يبث الطفل مشاعره وأسراره إلى كيان يجمع البيانات وقد لا يكون مصمما ليفهم التعاطف الحقيقي، أن تشكل خطرا على النمو العاطفي والصحي للطفل.

خاتمة: أين نضع الحدود؟

قصة أماندا هيس مع دمية “Grem” توفر حلا عمليا، وإن كان رمزيا. بعد أن نزعت صندوق الصوت و أخفته، تحولت الدمية الذكية إلى دمية محشوة تقليدية. استمر أطفالها في التحدث إليها واللعب بها، ولكن باستخدام خيالهم هم، وليس خيالا مصطنعا مبرمجا. ثم تحولوا بعدها لمشاهدة التلفزيون.

ربما يكمن الدرس هنا. لا يمكن منع تقدم التكنولوجيا، ولكن يمكننا، كمجتمع و كأهل، وضع حدودا. الرفيق الرقمي قد يكون أداة مساعدة، لكنه لا يجب أن يصبح بديلا عن الرفقة البشرية،. أو عن فضول الطفل الطبيعي وخياله الذي لا يحتاج إلى بطارية ليعمل. السؤال ليس هل هذه الدمى آمنة أم خطيرة، بل كيف نضمن أن تظهر التكنولوجيا خادما لاطفالنا، وليس سيدا عليها.

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00