بين الألم الجسدي والموقف الإنساني، يواصل الإعلامي الساخر والطبيب المصري الشهير باسم يوسف حضوره الطاغي على الساحة الإعلامية، حتى وهو على سرير المرض. ففي تطور مفاجئ، خضع يوسف لعملية جراحية دقيقة في العمود الفقري داخل أحد المستشفيات الكبرى في مدينة دبي، بعدما شعر بآلام متكررة استدعت تدخلاً طبيًا عاجلًا.
وأكد طبيبه المعالج، عبر منشور شاركه على حسابه الشخصي بموقع إنستجرام، أن العملية أُجريت بنجاح تحت إشراف استشاري متخصص في جراحة العظام والعمود الفقري، وهو من الأسماء المرموقة في هذا المجال داخل الإمارات. وقد نشر الطبيب صورة لباسم يوسف وهو يرقد داخل غرفة العلاج بالمستشفى، مع ابتسامة خفيفة حاول بها أن يطمئن جمهوره العريض، الذي أعرب عن قلقه بمجرد تداول الخبر عبر وسائل الإعلام ومنصات السوشيال ميديا.
ورغم حالته الصحية الدقيقة، ما زال الإعلامي المصري يخضع للفحوصات الطبية الدقيقة التي تسبق مرحلة التعافي، حيث ينتظر فريق الأطباء المعالجين استقرار حالته التامة قبل استكمال خطة العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، التي تتطلب صبرًا والتزامًا حتى يتجاوز هذه المرحلة الحرجة بنجاح.
بعيدًا عن تفاصيل حالته الصحية، يثبت باسم يوسف أنه لا يفقد شغفه بقضايا العالم حتى في أحلك اللحظات. فخلال الأيام الماضية، تصدّر اسم باسم يوسف المشهد الإعلامي مجددًا، بسبب تصريحاته النارية بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجرائم الاحتلال التي تطال المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال وسط صمت دولي مطبق.
وفي حوار مثير مع الإعلامي البريطاني بيرس مورجان، عبر قناة “TalkTV”، لم يتردد باسم يوسف في توجيه اتهامات مباشرة لإسرائيل، منتقدًا وصف العدوان بـ”الدفاع عن النفس”، وهو الوصف الذي تكرر على لسان الساسة والإعلام الغربي منذ بدء الحرب.
وقال يوسف خلال المقابلة:
“كيف يمكنكم تبرير قصف منشآت نفطية فرنسية في لبنان على أنه دفاع عن النفس؟ كيف تقبلون ذلك من دولة تتذرع بالحق في الحماية بينما ترتكب انتهاكات واضحة للقانون الإنساني؟”
وأكد باسم، خلال حديثه، أنه حصل على معلومات وشهادات ميدانية من مجموعة من الأطباء الأمريكيين الذين عادوا مؤخرًا من غزة، والذين رووا له مشاهد مروعة عن أطفال فلسطينيين أصيبوا برصاص قناصة الجيش الإسرائيلي، حيث استُهدفوا في رؤوسهم وأعناقهم بشكل مباشر، وهي جرائم وثّقها هؤلاء الأطباء وأدانها المجتمع الحقوقي الدولي.
وأضاف باسم بأسى واضح:
“قبل يومين فقط، شاهدنا طفلًا صغيرًا يُطلق عليه النار بواسطة طائرة دون طيار. وعندما حاولت عائلته إنقاذه، تم قصفهم وقتلهم جميعًا. فبأي منطق يمكن وصف هذا بأنه دفاع عن النفس؟ ما يحدث هناك هو مجزرة، وليس حربًا.”
تصريحات باسم يوسف لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل جزء من سلسلة مواقف سياسية وإنسانية اتخذها الإعلامي المصري منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة، حيث واظب على استخدام منصاته المختلفة لكشف ما وصفه بـ”ازدواجية المعايير” في الخطاب الغربي، مسلطًا الضوء على المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، لا سيما مع الأطفال الأبرياء الذين تحوّلوا إلى أهداف سهلة في دائرة العنف.
هذه التصريحات أكدت مجددًا أن باسم يوسف، الذي اشتهر في بداياته بنقد الأوضاع السياسية في بلده مصر بأسلوب ساخر، أصبح اليوم صوتًا قويًا مدافعًا عن قضايا إنسانية تتجاوز حدود وطنه الأم، مستثمرًا شهرته العالمية في الدفاع عن المظلومين حول العالم.
وبعيدًا عن الجراحة وتصريحاته السياسية، واصل باسم يوسف نشاطه الإعلامي والثقافي مؤخرًا، حيث شارك في عدة فعاليات دولية، كان آخرها زيارته للعاصمة القطرية الدوحة، حيث حضر مهرجان قطر الدولي للأغذية 2025، قادمًا من جنوب إفريقيا، رغم وضعه الصحي المتدهور آنذاك.
حضوره اللافت في المهرجان كان إشارة واضحة على حرصه الدائم على التواصل مع جمهوره ومجتمعه الثقافي، حتى وهو يعاني من ظروف صحية قاسية أجبرته لاحقًا على إجراء عملية جراحية دقيقة في العمود الفقري، ما دفع جمهوره لتوجيه سيل من الدعوات والتمنيات بالشفاء العاجل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هكذا يرسم باسم يوسف ملامح تجربته الإنسانية، التي تتجاوز حدود الأضواء والبرامج الساخرة، ليصبح مثالًا للفنان الذي يحمل قضايا شعبه على كتفيه، حتى وهو على سرير المرض. فالرجل الذي كسر التابوهات الإعلامية في الشرق الأوسط، عاد اليوم ليكسر صمته من قلب الألم، مدافعًا عن القيم الإنسانية ورافضًا منطق الحروب والتبريرات الواهية.
وفي انتظار تعافيه الكامل، يبقى السؤال مطروحًا: هل يعود باسم يوسف قريبًا لشاشات البرامج الحوارية بقوة مضاعفة ليواصل كشف ازدواجية الخطاب الإعلامي العالمي، أم أن هذه التجربة الصحية ستضيف بُعدًا جديدًا لطريقته في التواصل مع جمهوره حول العالم؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة، أما جمهوره، فينتظرون عودته سالمًا، معافى، وأكثر صراحة وجرأة.