الهند وباكستان .. 80 عام من الحرب تابع التقرير التالي على تريندات.
الحجج الفارغة التي استغلتها الهند :اشتعال الصراع لتوحيد المجتمع الهندوسي .
امتد الصراع المنتهي بين الهند و باكستان يوم السبت الماضي ١٠مايو ٢٠٢٥ ١٦ يومًا من ٢٥ أبريل بين تراشقات و تهديدات بقطع المياه و إبطال معاهدة المياه مع باكستان و ذلك لإن أنهار كشمير شرايين حياة الشعب الباكستاني الذي تمده قرابة ٨٠%من إجمالي المياه المستخدمة في باكستان، ما يمثل تهديدًا خطيرًا لأمان باكستان الإقليمي و المائي ، فضلًا عن محاولة تضخيم الموضوع إعلاميًا و سياسيًا في الهند على أساس طائفي .
كتب :مصطفى نصار
على هذا الصعيد ، استغلت الهند الحادث “الإرهابي “كما ادعت “المتضمن قتل ٢٢ سائحًا هنديًا في كشمير ، الأمر الذي اعتبرته الهند استهدافًا معتمدًا للسياح من المسلمين ، في حين قدمت باكستان التعازي الحارة لأهالي الضحايا ، لكن مع متطرفي الهند لا شيء بالأساس يبرر عشقهم للحرب ، خاصة الهندوفا التي تعشق الدماء و الاستطيان ، فأغلقت الهند مجالها الجوي و إلغاء جميع رحلاتها ، و إجلاء السفير الباكستاني، لتنتهي بإعلان الحرب الفعلي الذي أطلقه فواز شريف ، عندما صرح بأن ذلك إعلان حرب صريح و حقيقي ينم عن عوامل كثيرة تنم جميعها عن تذرع فارغ ، و إحجاف لا يحتاج تبرير .
فتلك ليست المرة الأولى التي سجلت فيها الهند هذا الحد الكبير من التبريرات الفارغة و عديمة المعنى ، لانتشارها في عهد عمران خان عدة مرات ، متخطية بذلك حدود الدبلوماسية الناعمة و التصريحات الرنانة التي تعدت الحدود المطلوبة و الخطوط الحمراء بتعديلات خطيرة و حساسة تتعلق بالتعامل المعتاد بين أي دولتين ، ما يطرح سؤال هام حول جذور الهندوفا في الهند و الصراع التاريخي القديم الذي يحمل سينايورهات محدقة بالكوكب في حال اشتعاله ، و الذي للمفارقة جاء في مصلحة ترامب المأزوم على مستوى السياسة الخارجية فاستغلها قشة دولية في صالحه قبل سقوطه المدوي بطريقة أعمق .
قديمة منذ قرابة قرن: الصراع الممتد بين الهند وباكستان
في سياق متصل، تعود جذور الصراع بين الهند و باكستان ل٨٠ عام ، بعد استقلالهما عن التاج البريطاني عام ١٩٤٥ ، بعدها حدث خلاف ودي بين حركة المؤتمر الهندي بقيادة نهيرو ، و غاندي الذي اعتزل السياسة في عام ١٩٥٢ ، فانفصل محمد علي جناح لاعتراض الأغلبية المسلمة على كونهم في دولة علمانية ، مكونًا بذلك الحركة المناهضة لذلك تحت اسم العصبة المسلمة ، و تشكلت دولة باكستان الشرقية و الغربية ما عدا ٣ مدن رئيسية، حيدر أباد ، و إسلام أباد ، و كشمير التي مثلت أساس الصراع بينهما فيما بعد.
كما تعد كشمير معضلة سياسة كبرى بينهما إذ يقطنها العديد من المسلمين مع أقلية هندوسية حاكمت الهند مخالفة لاستفتاء الشعب هناك ، و قام الحاكم هاري سنج الهندوس بطلب دعم الهند فاشتعلت حربين ضاربتين بينهما الأولى عام ١٩٤٧ ، و الثانية عام ١٩٥٦م في محاولة لضمها قسرًا للهند لكن تصدت لها باكستان تارة بالقوة ، و تارة أخرى بالمفاوضات و الدبلوماسية بينهما ، حتى نجحت في تحقيق استقرار نسبي مع تقدم متصاعد بينهما بإصدار مواد دستورية خاصة بكشمير في الدستورين الشاملين ، بالإضافة لمعاهدة ١٩٥٩ التي تنص على الحفاظ على نسبة المناطق ذات الأغلبية المسلمة لباكستان ، و كذلك في حالة الهندوس .
من ضمن تلك التعديلات الدستورية إضافة المادة ٣٠٨التي تلزم بسيادة ذاتية للإقليم الباكستاني مع حفاظ كافة
الأطراف على تلك المادة الملزمة حتى صعود حركة الهندوفا المتطرفة التي تتبع منهجًا متطرفًا ترى أن الهند أرض هندوسية خالصة ، و تهدف لطرد جميع المسلمين باعتبارهم ضيوفًا غرابًا أو أغيارًا دخلاء مع تكوين جيش سري خاص منع في الهند منذ استقلالها لخطورته و شدة تأثيره و شراسته القوية و إيمانه القوي ، فاضطروا لمعاملة تتضمن التهميش و الإبعاد من المجال العام حتى رجع مرة أخرى في وتيرة بطيئة منذ أحداث مسجد بابري في ولاية أسام في ٢٠٠٢ لرجوعه الكامل في عام ٢٠١٩م.
الهندوفا :مرحبًا بك في الهند الصهيونية!!.
في ١٩٢٩ ، ظهر محامي هندي على الساحة يحمل أفكارًا مائلة في ذلك الوقت ، فشجع الحركة الصهيونية الوليدة في هذا الوقت، مؤكدًا على أحقيتها التاريخية في أرض الميعاد مثلهم مثل الهندوس في الهند ، ووجدت هذه الحركة صدى واسع في بدايتها لمناهضته الضروس و مقاومتها الشرسة ضد الاحتلال الانجليزي ، ليخرج علي الجميع بكتاب يؤسس فيه لأفكار مثيلة للشأن الصهيوني بتطابق مخيف و لافت للنظر بطريقة جعلت وحيد الدين خان العالم المسلم ضخم الإنتاج يخصص ملفًا للرد عليها بالمنطق العقلي ، و التاريخ الهندي ذاته .
بنفس المنوال ، نبذت هذه الحركة المتطرفة عقب الاستقلال رغم انتشار أفكار مؤسسها في كي مستينج في كتابه المعنون الهندوفا :الأسس و الأفكار المشتركة ، ينظر فيه للقومية الهندوسية و نقاءها العرقي ، و بطريقة ممهدة دخلت لملعب السياسي بمكر معهود منهم ، فأعيدت لصدارة المشهد عندما تولى نارترا مودي صدارة المشهد في حادث هدم بشع و مفزع لمسجد بابري في ٢٠٠٢، بعد هدمه القسري الذي حدث بعد اضطرابات شديدة و مقاومة قوية ، و اشتباكات عنيفة قوية أدت في نهاية المطاف لبناء معبد هندوسي ، وصولًا لوصل حزبهم المتطرف بالصندوق لرئاسة البرلمان و الحالة السياسة حتى رئاسة الوزراء عام ٢٠١٩.
فمع رجوع الهندوفا ، تقمصت دور الدولة العربيدة لدينا في المنطقة المنكوبة ، فهاجمت على إقليم كشمير و مارست أشد الجرائم وحشية فضلًا عن الاستطيان الهندوسي الذي وصل عدد المستوطنيين الهنود لأكثر من ٢٠٠ألف شخص ، و موت أكثر من ٢٠ ألف فقط لإنهم واجهوا الحملات الشعواء و المعتمدة للتهجير و النزوح المتتالي ، و ما زاد وطأة الأمر و ضخمه أكثر منعهم عن الصوم و آداء الصلوات الخمس بسلام فضلًا عن قطع و بتر الالتزامات القانونية و الدولية تجاه باكستان ، ما أدى لتفاقم الوضع الكارثي بإلغاء المادة ٣٠٨ الملزم للهند داخليًا بإجرامها و عدم دستوريتها ، و لعل كل تلك الإجراءات و السياسات الباطشة بالهندوفا جعلت المفكر الإسلامي ظفر الإسلام خان في ورقة باحثية مطولة يؤكد فيها أن الهندوفا “و الحركة الصهيونية وجهان لعملة واحدة ، فلا عجب أن نرى أن الهندوفا تستلهم من الحركة الصهيونية “مختلف السياسات في التوجه العام ، و الحرب الحالية لم تستثنى من النهج المتبع .
التقليد الحربي و الاستراتيجي:حين تقلد مدحورًا في المعركة فتخرج بنفس الهزيمة النكراء!!.
في مقاله الثري التقمص الهندي من إسرائيل:بين الآلية و التوسع ، يطرح آزاد عيسى رؤيته الرصينة حول أوجه المتشابهات بين الهند و إسرائيل حيث تستهدف كلا منهما البينة التحتية ، و المدنيين من الجو بطريقة خاطفة و سهلة للغاية .

الهند وباكستان
فكما فشلت إسرائيل في تحقيق أي هدف من أهدافها العسكرية ، أو الضغط عليها حتى ، فسارت الهند على سيرها ، فشلت فشلًا ذريعًا إذ أسقطت الطائرات الصينية j_10c طائرات الرفال الفرنسية ثنائية الدفع ، فتحولت الساحة بهذا النمط لساحة اختبار عسكري ، فازت فيه باكستان على عدة مستويات هامة ، الدبلوماسي و السياسي ، و الأهم العسكري الذي أثبت فشل الرافال الفرنسية التي تعد الهند ثالث أكبر مستورد و شاري للرافال بإجمالي ٤٦ طائرة للأسطول الجوي ما دفع مختصين عسكرين يسبقون الحدث للتأكيد على فشلها الذريع ، الأمر الذي دفع ترامب نفسه لوقف إطلاق النار .
فدفعت تلك العوامل المسببة للخطر و الكارثية في آن واحد إلي أن ترامب لم يتوقف إلا عندما تحقق وقف كامل و عام لإطلاق النار أعقبه غضب سياسي و أمني هندي في ظل تخوفات موجودة على أرض الواقع ، و لهذا هذا الجمود في الموقف المتطرف للهند ، لن يسكت عنه بتلك السهولة لما للبلدين من تاريخ طويل من الصراع المسلح أو القانوني و الدبلوماسي، فضلًا عن امتلاكهم لقوى نووية مدمرة قد تقلب موازيين الكوكب للأسوء بمئات المرات ، ما يشكل تخوفًا أساسيًا لدى الجميع في إمكانية تطبيق أو ضغط الزر الأحمر المسبب لسينايورهات مرعبة قد تدمر الحياة السليمة على كوكب الأرض .
السيناريوهات الكابوسية :النووي إذ تكلم !!.
بفرض متخيل ، ستتحول الحياة اليومية لكابوس مرعب و مخيف يجسد كل أنواع البؤس و المعاناة الحية على كافة المستويات بدءًا من المناخي مرورًا بالغذائي و نهاية بالاقتصادي و حتى الإنجابي ، تشكل تلك السيناريوهات أسوء الكوابيس بالنسبة لأشد الناس إحباطًا و بؤسًا على الكوكب لإنه عندما حدث إنفجار تشرنوبل عانت أوكرانيا و روسيا من الإشعاع النووي الذي غطي غلاف الأرض ، و السماء عندهم و أمطرت سحب حمضية انتهت بتسميم غذائي للأجنة و المواطنين فضلًا عن التشوهات الكبرى التي حدثت للحيوانات و البقر و الخضروات لمدة أكثر من ٣٠عام .
بصورة أكبر و أكثر رعبًا ، حينما تبدأ الحرب النووية بين الهند و باكستان فسيموت أكثر من ٣ مليون شخص في الدولة الواحدة ، فضلًا عن موت أكثر من ٧ مليون فرد نتيجة الإشعاعات النووية الذي ستغطي الأرض، و كذلك الآثار المناخية الناجمة عنها من مجاعة عابرة للحدود ، و ارتفاعات مجنونة و مشتعلة للأسعار الخاصة بالغذاء و الدواء ، مع تفاقمات مفزعة لآثار صحية و مناخية ، تشتمل على موجة باردة مع تغطية كاملة للشمس طيلة مدة تتراوح بين سنة ل١٠ سنوات ، ما يشكل أزمات كبرى لن تستطيع الدولة حلها بالحلول المعتادة التي تحل بها الأزمات الأخرى .
كما ستنهار التركيبة الديموغرافية للسكان ، حيث ستتغير الأجنة للأسوء على المستوين الجيني و الخلقي ، فسيقل النسل و يجس الحرث ، و سيخيم البرد على البشرية فضلًا عن تعطل حركة التجارة العالمية و تعطل الأسلحة المعقدة بشكل تام و شامل إنه رجوع تخلفي للوراء بشكل كابوسي و متدني و مخيف ، أي بعبارة أخرى ستضع الكوكب محل اختبار مميت حول مستقبل محدق و مجدب ، و كذلك الأمطار الحمضية المسممة الضارة ، و التي ستسمر لمدة عقدين من الزمان ، و هكذا من الأهوال الكابوسية التي ستشكل عالم منحدر ، و بالطبع ستزيد أزمات المجتمعات المعقدة كلها .