النازية و الصهيونية… الا بنتان الشرعيتان لنفس حضارة سفك الدماء لدى الغرب
بقلم / مصطفى نصار
خلال محاضرتها عن الأنماط الدينية افتتحت القسيسة الصوفمسيحية كارين ارمستغورج الموضوع عند حديثها عن دين الغرب المتحضر قائلة أن حضارة الغرب صنعت بالحديد و النار في عام ١٩٨٥ ،اللافت للنظر هنا أن ارمستغورج ربطت العنف بطريقة جذرية بالحضارة الغربية في إشارة واضحة لكنها جرئية في هذا الوقت لإدانة ما حدث في المجازر في ألمانيا النازية.
فجاء هذا الربط كدليل قاطع على وجود جذر ضليع متعلق بأهمية تلك المنظومة المنطوية على العنف لتحقيق القوة و المصالح حتى و لو جاءت على حساب الكوكب بأسره ،فذلك من جملة الأحداث العارضة للحضارة و مضامينها و يتلازم هذه الأعراض بتحقيق التقدم و الازدهار لفئة على حساب قهر و بكاء ممزوج لكوكب بأثره ، و تهئية المناخ الملائم لطريق ملئ بتاريخ يمتد من الكشوف الاستعمارية لاحتلال فلسطين في عام ١٩٤٨ ،و يهدينا كتاب الحضارة و مضامينها لهذه المسألة أيضًا حيث يؤكد بروس ماليزتش حتمية الوصول بالعنف و القتل و النهب لسدة الحكم بالعالم.
و لكن قد يأتينا سأئل و يقول إذ ما كانت الحضارة الغربية _و لو ظاهريًا -تحافظ على الاستقرار الإنساني فما علاقة ذلك بالتصهين و النازية و الصهيونية وجهان لعملة واحدة في كتابه الشهير الأساطير المؤسسة للدولة الإسرائيلية، يلزم الفيلسوف الفرنسي روجيه جاوردي الصهاينة بحقيقة مفادها أن النازية ارتكبت مجازر بحق غير اليهود كالغجر و شعوب الهوكسو الذين أبيدوا تماما عن بكرة أبيهم ،في حين قتل هتلر فقط ٣٠٠ل٣٥٠ ألفًا من اليهود معتبرًا ذلك جريمة مروعة أيضًا. ففي عام ١٩٨٢ ،أدان الفيلسوف ذاته مجزرة صبرا و شاتيلا في إنكار شديد و دائم واصفًا إسرائيل بالنازية ،فواجه بعدها تغيبًا و تجاهلًا معتمدًا بعد أن كان نجمًا متألقًا تستضاف القنوات باستمرار في أي حدث متصل بالسياسة سواء الداخلية أو الخارجية .
فربط جاوردي الواثق و الواقعي لم يكن مجازيًا فقط إذ أن النازية تحالفا مع رجل الأعمال الصهيوني أبراهام شتيرون لتمويل عصابات الإيجون ، و بذلك يوصل التعاون التاريخي لأكثر اللحظات واقعية ،فالموضوع الفكري يتخطى ذلك التعاون بمراحل إذ أن الكيان اللقيط يقوم بمجازر و يقتل المدنيين و يحرق المستشفيات و يغتصب النساء و لا يجد غضاضة حقًا في الاعتراف بذلك تحت ذريعة الخطأو المثير للسخرية ،أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية كتب في كتاب كامل اسمه الوجه الآخر لينظر به أن الصهيونية تبنت المنظومة الفكرية الكاملة للدمار الممنهج للمحرقة النازية و رفضهم لأي مفاوضات و تنحيتهم للقضية الأساسية من المناقشة أساسا ،في اختراق القانون سمة أساسية و بارزة في الصهيونية كما النازية لضمان المؤكد و المريح بانتهاك المستمر للقانون الدولي و المحلي لتحقيق المصالح الغربية و المشروع الصهيوني المستمر منذ ١٠٠عام ،و هذا يضعنا أمام سؤال منطقي ، طالما أن الكيان يشعر بالاطمئنان الدائم في الانتهاكات ،فما أصل الانتهاكات من الأساس التي تعطي أريحية للدمار الممنهج.
حداثة داروينية إبادية . في كتاب الله و معنى الحياة في نظرية التطور ،يخبرنا عالم النفس الملحد و التطوري ستيف ستورايت و يتميز بشجاعة منقطعة النظير أن التطور قسم العالم لكلا من بشر و لا بشر ، و يستحل في الا بشر عمل الأفعال الحقيرة و المقيتة . و بالرغم من صراحة و يتميز ،افتقر كذلك لتوضيح مقصده الناصع و القابع بإبادة الجنس البشري غير الأبيض نقاء العرقي على سطح الأرض ،و قد أفرغ د عبد الوهاب المسيري مقالان لذلك مؤكدا فيهما صحة كلام ويتميز، فحتى الإلحاد نفسه غير منكر أنه مجرم و أن أخلاقه المتسامحة بالدين ك الصهيونية و النازية أو غير ذلك في حالة الشيوعية و الفاشية في تكثيف واضح التأثر بالداروينية الاجتماعية .
فجاء التأثر سياسيًا في حالة الغرب و ثقافيًا في حالة الولايات المتحدة الأمريكية، و لذلك لا عجب أن نجد الكاتب البريطاني ذائع الصيت هربرت ويلز في كتابه الخطوط العريضة للتاريخ أن تاريخ البشر قائم على الخروج من التعليم بكوارث ، و جاءت تلك الملاحظة الدقيقة لويلز في ظل قراءة متأنية في تاريخ العالم الغربي و كتابة روايات استشرافية بدقة وقوع قريب للحرب العالمية الثانية، مما يعطي ملاحظة ريتشارد ويكارت رئيس قسم التاريخ في جامعة كاليفورنيا أن العالم الغربي و على رأسها الفكرة المتصهينة نفسها ما هي إلا أفكار متنكرة بثياب الداروينية مثلما كان هتلر داروينيًا في بذلة عسكرية.
و يضاف على ما سبق قوة التحرر من الشعوب المستعمرة في تحقيق لقانون أكده د. سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية أن الحق لا يسترد إلا بالقوة و نقص أو نسى قول في عالم صيغ بالقوة و الحديد و النار و أن الموت لا قيمة له عند الإنسان الآخر الذى فصل و نبذ و شرد و قتل في ظل غياب شبه تام لظلال الإله بحد تعبير فريديك نيتشه.