SPNEX في مداره: إطلاق مصري جديد يعزز الوجود الفضائي ويدعم البحث العلمي
كتب باهر رجب
في ساعة مبكرة من صباح اليوم، ارتفعت هتافات الفخر والابتهاج داخل مركز التحكم بالمدينة الفضائية المصرية، مع استقبال أولى الإشارات التليمترية الواضحة القادمة من الفضاء. كانت تلك الإشارات هي البطاقة الشخصية للقمر الصناعي المصري الجديد “SPNEX“، معلنة نجاح إطلاقه ودخوله مداره المخصص حول الأرض، ليكتب فصلا جديدا في سجل إنجازات مصر الفضائية. هذا النجاح ليس مجرد إضافة عددية، بل هو تأكيد عملي على نضوج منظومة تكنولوجيا الفضاء المصرية وقدرة الكفاءات الشابة على تحويل الأفكار إلى واقع ملموس يدور فوق رؤوسنا.
إنجاز وطني من الفكرة إلى المدار
كما يأتي القمر “SPNEX” ضمن فئة الأقمار الصناعية الصغيرة (النانو)، وهو نتاج تعاون مثمر بين وكالة الفضاء المصرية وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا. الأهم من ذلك، أن هذا القمر يمثل إنجازا وطنيا خالصا بنسبة 100% في مراحله الحيوية. فقد تم تصميمه وتطويره و تجميعه و اختباره بالكامل داخل مختبرات ومراكز وكالة الفضاء المصرية، بالتحديد في مركز التجميع والتكامل والاختبار (AIT) بالمدينة الفضائية، بدءا من الربع الأول من عام 2022.
كذلك لم تتوقف مساهمة الكوادر المصرية عند صناعة الجسم الطائر، بل امتدت إلى الأرض، حيث تم تصميم وتنفيذ محطة التحكم الأرضية المتطورة التي التقطت إشاراته بنجاح، وهي المحطة التي ستدير عملياته طوال عمره الافتراضي. هذا المسار المتكامل – من التصميم إلى التشغيل – يؤكد خروج مصر من مرحلة الاستهلاك التكنولوجي إلى مرحلة الإنتاج والابتكار في مجال الفضاء.
مختبر علمي مصري في طبقة الأيونوسفير
ليس “SPNEX” مجرد قطعة معدنية في الفضاء، بل هو مختبر علمي متكامل يحمل رسالة بحثية محددة. تتركز مهمته الأساسية حول دراسة طبقة الأيونوسفير، وهي طبقة حيوية من الغلاف الجوي العلوي المشحونة بالجسيمات (البلازما)، وتؤثر بشكل مباشر على الاتصالات اللاسلكية وأنظمة الملاحة مثل “GPS”.
كما سيقوم القمر بجمع بيانات دقيقة عن خصائص البلازما في هذه الطبقة، مما يسهم في تحقيق أهداف علمية كبيرة، منها: فهم ورصد تأثيرات العواصف الشمسية والمغناطيسية التي يمكن أن تعطل شبكات الاتصالات والطاقة على الأرض، وبناء نماذج رياضية محسنة ودقيقة لخصائص الأيونوسفير، بالإضافة إلى دعم أبحاث التغيرات المناخية من خلال دراسة التفاعلات بين الغلاف الجوي العلوي والفضاء.
تفاصيل الإطلاق والعمليات الأولى
علاوة على ذلك انطلق القمر “SPNEX” من قاعدة “رونغ فنج” الفضائية في شمال غرب الصين. وبعد رحلة دقيقة، استقر في مداره المحدد. وفي الثاني عشر من ديسمبر 2025. تحولت الشاشات في محطة التحكم المصرية إلى لوحة من البيانات المطمئنة. أكدت الإشارات المستقبلة استقرار القمر في مداره. وكفاءة عمل جميع أنظمته الفرعية. ووصول نسبة شحن بطارياته إلى حوالي 90% بعد توجيه الألواح الشمسية بشكل صحيح نحو الشمس. مما يضمن مصدر طاقة مستدامة لعملياته.
تطلعات مستقبلية: بيانات مفتوحة للعلماء
في خطوة تدعم مجتمع البحث العلمي المصري. أعلنت وكالة الفضاء المصرية عن نيتها إتاحة البيانات التي يجمعها قمر “SPNEX“. قريبا للباحثين والعلماء في الجامعات الحكومية والخاصة والمراكز البحثية المصرية. حيث تعد هذه الخطوة من شأنها إثراء المشهد البحثي. وكذلك توفير مادة علمية أولية نادرة لطلاب الدراسات العليا والباحثين. وتحفيز ظهور أبحاث ومشروعات تطبيقية جديدة في مجالات الاتصالات والملاحة وعلوم الغلاف الجوي.
خاتمة
كما تم إطلاق وتشغيل القمر الصناعي “SPNEX” هو أكثر من خبر علمي عابر. إنه إثبات على استراتيجية مصر الراسخة لبناء قدرات فضائية وطنية. كذلك هو ترجمة لرؤية تضع العلم والتكنولوجيا في صلب عملية التنمية. هو رسالة للعالم بأن مصر تمتلك العقول واليد الماهرة. التي يمكنها أن تشارك بجدارة في نادي الفضاء العالمي. مع كل دورة يكملها “SPNEX” حول الأرض. كما يكتب كوادر مصر الشابة قصة نجاح تفتح أبواب المستقبل. حيث مستقبل تتحول فيه تكنولوجيا الفضاء من حلم إلى صناعة. ومن ترف معرفي إلى أداة حقيقية لخدمة البحث العلمي وكذلك تحسين جودة الحياة.




