القبور الأثرية والتراثية في مصر تتحدث عن نفسها ” حكايات مثيرة”

 

حينما نتوجه لزيارة متوفى عزيزاً علينا في المقابر أو المدافن زي ما بيقال بالعامية المصرية، أو نزور مقابر العصر الإسلامي نجد ألواح من الحجر مصفوفة على كل قبر، ونلاقى عليها كتابات.

فبيجى في بالنا وبنسال هي ليه محطوطة كدا؟ وايه قصتها وجت فكرتها منين؟ وليه أشكالها مختلفة؟

ومن هنا نبدأ نفكر ونسأل ونقرى كتير عشان نفهم حاجه بنشوفها في حياتنا اليومية، وانها مش مجرد حجر محطوط وخلاص لا دا اسمه شاهد قبر
هذا ما يطلق على اللوح الحجري الذى يوضع على رأس المتوفى في القبور، والذى يطلق عليه بالعامية البلاطة أو الرخامة، أو غيره من الأسماء.

وقد سمى بهذا الاسم لأنه يتضمن تسجيلاً لشهادة المتوفى( الميت)
وعندما نأتي إلى سؤال ماذا عن قصة هذا الشاهد؟ ومن أين أخذت هذه الفكرة؟
نحن نعلم أن الحضارة المصرية القديمة هي من أقدم الحضارات بل امتازت واختلفت عن الحضارات الأخرى بأنها منبر العلوم والثقافة والتحضر، وقد ظهرت فكرة هذا الشاهد في شكل الباب الوهمي داخل مقابر المصريين القدماء وذلك لتأريخ أسم المتوفى وحياته السابقة سواء كان ملك أو من علية القوم .

ومن هنا أريد أن أوضح في العموم أن فكرة مقابرنا الأن في مصر تشبه تصميم مقابر المصريين القدماء في اناقة البناء والاهتمام بها وتكونها من غرفة أو أكثر لدفن المتوفى ومكان لاستراحة أهله واقاربه وتقديم الورود، والذى يتوقف ذلك كله على الظروف الاجتماعية لأهل المتوفى، ولم نقوم بالدفن مثل البلاد العربية الأخرى بأن يدفن المتوفى ويوضع لوح على حفرته فقط.

وقد مرت شواهد القبور بتطورات عديدة على مر العصور ومنها اليوناني والروماني والبيزنطي حتى جاء أقدم شاهد جاهلي معروف هو امرو القيس بن عمرو بن عدى ثاني ملوك لخم في الحيرة (المناذرة) من ملوك العراق (295-328م) .

وعرف بنقش النمارة لأنه أكتشف في قرية النمارة ببلاد الشام، أما عن أقدم شاهد قبر بعد الإسلام فهو لعبد الرحمن بن خير الحجري (31ه/ 652 م).

وعرف بنقش القاهرة فاكتشف في القاهرة، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل اهتمام كل عصر بالشاهد لأنها كثيرة ومختلفة ولكن يجب أن أنوه ان الفقهاء المسلمون أجمعوا على كراهية العناية بتشييد القبور وتجميلها والكتابة عليها.

وذلك حتى لا يُكتب على الشاهد آيات من القرءان، وأحاديث، ولفظ الجلالة الله واسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفى النهاية تُسرق أو تُخرب، ولكن يُسمح بها لو أنها تحمل اسم المتوفى وتاريخ وفاته واسم عائلته فقط وذلك لتأريخ حياته ونسبه.

طيب هل لشواهد القبور أشكال؟، لو تحدثنا عن وقتنا الحاضر فأغلبها تكون رخامة مستطيلة او مربعة الشكل ويكتب فيها اسم المتوفى وعائلته وتاريخ وفاته، ولكن ازدهرت شواهد القبور في عصر الدولة العثمانية.

ولكن ليس لشكلها فحسب والذى غالباً كان يأخذ الشكل الأسطواني أو المستطيل او المحاريب، بل تذهب لتزور مقابر الدولة العثمانية سواء في مصر او تركيا فتجد للشواهد قمم مختلفة الشكل وما يدهشك أن هذه القمم توجت برؤوس تميز بين الرجال والنساء فمثلا العمامة او الطربوش الذى يدل أنه رجل، كذلك الضفيرة المجدولة أو التاج أو الجواهر التي تدل انها سيدة.

كذلك الوظائف مثل الوردة الموجودة على طرف العمامة تدل على ان صاحب القبر شيخ من شيوخ الإسلام، كذلك شكل السيف او الخنجر يدل انه عسكري، لفائف كتابه أو ريشة تدل على انه كاتب، وغيرها.

وفى النهاية أحب أن أوضح أن شواهد القبور وخاصة الأثرية أو التراثية وماتحمله من كتابات ليست بالأمر الهين بل انها تحمل تاريخ الشعوب وحياتها الاقتصادية والفنية والسياسية.

فيجب الحفاظ على كل ما نملكه من آثار وتراث في بلدنا مصر لأنه ذات قيمة كبيرة لنا يصعب تعويضها مهما كانت في نظرنا سهل تخريبها أو التفريط فيها.

كذلك يجب على الاجيال القادمة أن تدقق في معانى الأمور وماتحمله هذه الأشياء الثرية من أهمية وقيمة، مهما كثرت في أرضنا ويقال إن عندنا منها الكثير.

كاتب المقال الأستاذ،/ كريم ايمن
يشغل منصب مدير ترميم بوزاره السياحه والاثار

Related posts

تربية الأبناء على الأخلاق والدين الصحيح .. كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته

كيف تصبح تريند وتصبح حديث السوشيال ميديا .. معلومات ذهبية

سفير المملكة لدى مصر يستقبل نقيب المهن السينمائية وأمين عام اتحاد الفنانين العرب