الفيضانات تجتاح السودان: هل تنجو مصر؟
بقلم / عزة الفشني
الفيضانات تجتاح السودان… بينما تحاول السودان التعافي من جراحها الغائرة بعد سنوات من الحروب والانقسامات.. حتى فوجئت بكارثة بيئية غير مسبوقة.. كارثة تهدد بتدمير كل ما بُني وتعيد البلاد إلى نقطة الصفر.. الفيضانات التي اجتاحت السودان لم تترك شيئاً إلا وأخذته في طريقها.. فدمرت المدن ودمرت القرى وأتلفت المحاصيل الزراعية ودمرت البنية التحتية.
حتى صار السودان يصرخ ويئن تحت وطأة الفيضانات الكارثية المدمرة التي سببتها قرارات إثيوبيا الأحادية بشأن سد النهضة والتي تهدد بتدمير كل شيء.. يبقى السؤال حول دور رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد فى هذه الكارثة.. أبي أحمد الذي أعلن عن إستعداد إثيوبيا لمساعدة مصر والسودان في حال مواجهتهما لنقص في موارد المياه.. يبدو أنه يمارس لعبة مزدوجة.. حيث يواصل تعنته في إدارة مياه سد النهضة ويصر على حجز المياه دون إعتبار لحقوق دول المصب. ويزيد من المخاطر التي تهدد المنطقة.. هذه التصرفات تثير الكثير من التساؤلات حول دوافع أبي أحمد الحقيقية.. والتى تؤكد على أن من يقف وراءه قوى خارجية تسعى إلى زعزعة إستقرار المنطقة.. وأن الفيضانات التي ضربت السودان.. وأثرت على البنية التحتية والزراعة والصناعة والتي إمتد تأثيرها إلى مصر كان مخططاً لها .
الشئ المؤكد أن الفيضانات في السودان ومصر ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة سوء إدارة سد النهضة الإثيوبي وعدم التنسيق مع دول المصب.. وانتهاءاً بالتغيرات المناخية التي تؤثر على المنطقة.
بلا شك أن الحكومة المصرية والسودانية تواجهان تحديات كبيرة ولم تدخرا جهداً في التعامل مع هذه الكارثة.. حيث تعملان على تقديم المساعدات للمتضررين وإعادة بناء ما دمرته الفيضانات
ماذا لو إنهار سد الرصيرص؟
لم يقتصر الأمر على التحديات السابقة فحسب بل هناك مخاوف من أن يتسبب فيضان السودان في إنهيار سد الرصيرص إذا تجاوزت المياه السعة التخزينية للسد أو تسببت في تآكل هيكله.. مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تشمل تدمير المدن والقرى الواقعة في منطقة النيل الأبيض وستكون هناك خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.. كما أن الإنهيار سيكون له تأثيرات بيئية سلبية مثل تلوث المياه وتدمير النظم البيئية المحيطة.. وسيكون هناك تأثيرات إقتصادية كبيرة حيث ستتضرر البنية التحتية والزراعة والصناعة في المنطقة.. وسيؤدي الإنهيار إلى نزوح كبير للسكان وتأثيرات إجتماعية سلبية مثل زيادة الفقر والبطالة لذلك من الضروري إتخاذ إجراءات احترازية وتدابير وقائية لمنع إنهيار السد مثل مراقبة منسوب المياه وتقوية هيكل السد.. كما يجب على السلطات المعنية العمل على تطوير خطط طوارئ وإخلاء للسكان في حالة الخطر.
– تأثير فيضان سد النهضة على مصر وتصريحات المسئولين
مصر لن تتضرر مثل السودان من سد النهضة بسبب وجود السد العالي بأسوان الذي يمكنه استيعاب كميات هائلة من المياه.. هذا ما صرحت به وزارة الموارد المائية والري لطمئنة المصريين.. لكن على غير الحقيقة فما حدث يقضي على هذه التصريحات جملةً وتفصيلاً.. وعلى ما يبدو أن هناك خللاً في التقديرات الأولية لوزارة الموارد المائية والري المصرية بشأن تأثيرات فتح بوابات سد النهضة على مصر.. فعلى الرغم من وجود السد العالي الذي يعتبر واحداً من أكبر السدود في العالم إلا أن الوزارة لم تأخذ في الإعتبار جميع العوامل التي قد تؤثر على مستوى المياه في النيل وتداعياتها على الأراضي الزراعية في مختلف محافظات مصر.
إن غرق أراضي طرح البحر في المنوفية وتحذيرات غرق أراض زراعية في محافظات أخرى أثار فضولى كما الآخرين
ودفعنى للسؤال حول دقة التقديرات الأولية ومدى إستعداد الوزارة للتعامل مع مثل هذه الحالات.. نحن بحاجة إلى إعادة تقييم شاملة للوضع وتحديث الخطط والاستراتيجيات لحماية الأراضي الزراعية والممتلكات المصرية من أي تداعيات محتملة لفتح بوابات سد النهضة.
– على وزارة الموارد المائية أن تكون أكثر شفافية ووضوح
على الوزارة أيضاً أن تكون أكثر شفافية ووضوحاً في تقديم المعلومات والتحذيرات للمواطنين.. وأن تعمل على توفير الدعم اللازم للمتضررين من هذه الحالات.. كما يجب على الوزارة أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي أخطاء أو تقصير في أداء مهامها.. وأن تعمل على تصحيح الأوضاع وتقديم حلول جذرية وفعالة لحماية مصر من أي أخطار محتملة لسد النهضة.
فى الأخير: بينما يبقى مصير مصر و السودان معلقاً في الميزان.. يظل السؤال حول قدرة الدولتين على مواجهة التحديات الناجمة عن فيضان سد النهضة وتعنُّت أبي أحمد. هل ستتمكن الدولتان من حماية حقوقهما في مياه النيل؟ وتحقيق الإستقرار والتنمية في ظل هذه الظروف الصعبة؟ أم أن الفيضانات ستكون القشة التي قصمت ظهر البعير.. هذه الفيضانات ليست حادثة عابرة بل هي نتيجة لمجموعة من العوامل المتداخلة التي تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً لتقديم الدعم اللازم والمساعدة في إعادة الإعمار.. إنها لحظة فارقة في تاريخ البلدين وستكون القرارات التي تتخذها الدولتان في هذه الفترة حاسمة في تحديد مصير المنطقة ومستقبل شعوبها.