الرئيسية » الفلسفة بين الواقع والتجربة الإنسانية “رؤى وتأملات”

الفلسفة بين الواقع والتجربة الإنسانية “رؤى وتأملات”

by دعاء علي
0 comments

 

بقلم: إيمان سامي عباس

الفلسفة .. فى زمن علا فيه صوت الحروب التى أحالت العالم إلى جحيم، باتت الحاجة ملحة لتحليل ما يحدث سعيا للفهم، ومن أهم مهام الفلسفة قديما وحديثا تقديم رؤى موضوعية للواقع المعيش، وقد شغل الفلاسفة والأدباء الأقدمون والمحدثون بفكرة الحرب.

الفلسفة وسعيها لفهم الواقع

ففى روايته «الحرب والسلام»، صور تولستوى الحرب كظاهرة مدمرة وشريرة، معتبرا أنها تجسيد للكراهية والدمار، مؤكدا أن الحرب تعكس الجانب المظلم من الطبيعة البشرية، وأن السلام هو الطريق الأفضل لتحقيق الخير.

اقرأ ايضا: ميمي عبد الرازق المدير الفني السابق للنادي المصري البورسعيدي.. يغادر عالمنا

العدالة والحرية في المشروع الفلسفي

‎ودعا الفيلسوف كانط إلى السلام الدائم بين الأمم، معتبراً أن الحرب ليست حلاً للمشاكل بل هى سبب للمزيد من المشاكل، مؤمنا بضرورة إقامة تحالفات بين الدول لتحقيق السلام، وأن الحرية والعدالة هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم.

‎وكان جان بول سارتر يرى أن الحرب هى نتيجة للظلم والاستغلال، وأنها لا تخدم إلا مصالح القلة المستبدة.

محنة الفلسفة ومواقف الفلاسفة

الفكر الفلسفي في مواجهة العالم والحرب، وهل كانت حاضرة عند الفلاسفة الأقدمين والمحدثين؟ وكيف كانت صورتها؟
‎معظم الفلاسفة اهتموا بالحرب.. تأييدا ورفضا وموقفا وسطا، ومن تعريفات الفلسفة حسب أرسطو: البحث عن العلل الحقيقية للظواهر، وقد شغل الفلاسفة بالحرب: أسبابها.. الحرب والعدالة، الحرب والحرية.. إذن الفلسفة تبحث فى أسباب الحرب ونتائجها ودوافعها، وفلسفة الحرب قديمة قدم الإنسان.

ألهذا قدم الفيلسوف كانط مشروعه للسلام الدائم؟ نعم. وكان مشروعا مبنيا على أسس عقلية وكان يرى أنه لا القوة ولا الحرب يمكنها أن يحققا السلام، وفلسفة كانط بشكل عام كانت عقلانية مجردة، وكان لهذا الجانب منتقدا بسبب نظره للأمور من الجانب العقلي.

هل أطاح الواقع بأحلام وآمال الفلاسفة؟

‎الواقع فى أحيان كان متطابقا مع رؤية الفلاسفة، وفى أحيان أخرى كان مخيبا لهم واللافت أن بعض الفلاسفة صدقت أفعالهم أقوالهم، وآخرون كذّبت أفعالهم أقوالهم، والذين صدقوا ينحنى لهم التاريخ احتراما.

هلا ذكرت أمثلة لفلاسفة صدّقت أفعالهم أقوالهم والعكس؟

‎سقراط مثلا كان يدعو للقيم الأخلاقية الكلية، وحين حكم عليه بالإعدام، التزم بذلك ورفض الهرب، وتجرع السم ومات راضيا مرضيا، على الجانب الآخر هناك فلاسفة كذبوا على أنفسهم وعلى الناس، مثل الفيلسوف الألمانى هابرماس الذى يدعو ليل نهار للديمقراطية والحرية والتواصل، لكنه فى 2023 ‎أصدر بيانا هو وثلاثة آخرون مؤيدا لإسرائيل وتغاضى عن الاحتلال والإبادة.

اقرأ ايضا: محمد ثابت يعلن إستقالته من منصب المتحدث الرسمي.. بالنادي الأهلي

هل تفاجأت من هذا الموقف؟

طبعا؛ لأنه كان يحتل مكانة مرموقة عندي، فكشفه موقفه الداعم للإبادة وعرّاه تماما، وناقضت أفعاله أقواله، هراقليطس مثلا من الفلاسفة الذين كانوا يرون أن الحرب هى كل شيء، بمعنى فكرة الصراع ‎فى الوجود، وهى فكرة محورية لديه، وكان يرى أن جوهر الأشياء يتضح من خلال الصراع.

المبادئ الأخلاقية ومعيار الفيلسوف الحقيقي

أى الفلاسفة كان أشد رفضا للحرب وإدانة لها؟ كانط الذى وضع مشروعا للسلام الدائم، وكان يرى أن الصراعات يمكن أن تحل عن طريق العقل وحده، ومشروع كانط كان نواة لفكرة عصبة الأمم، وكان أحد أسباب قيام الأمم المتحدة.

كيف يمكن التمييز بين الفيلسوف الحقيقى والزائف؟

‎الفيلسوف الحقيقى متسق دائما مع فكره وهدفه دائما الحقيقة ولا شيء سواها، ويسعى لتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، والفيلسوف الزائف يتماهى مع السلطة ويسعى لتوظيف الحقيقة لخدمة مصالحه، وعلينا ألا ننسى أن الفلسفة جوهرها النقد.

فى أى جانب نضع هابرماس؟

‎هو فيلسوف حقيقي، وقامة كبيرة قياسا على إنتاجه العلمى والفلسفى ولكنه سقط فى موقفه الداعم لإسرائيل.

‎هاجمت فى مقالات كثيرة الادعاءات الغربية وكشفت تهافتها وزيفها، وأثبتُّ كيف سقطت ورقة التوت عن الغرب. دورى كفيلسوفه التعبير عن رأيى بوضوح ودون مواربة.

‎لابد للفيلسوف الحقيقى أن يكون جسورا مهما يكن الثمن الذى سيدفعه. المداهنة والنفاق والمجاملة أمور أبعد ما تكون عن الفيلسوف الحقيقى، والفيلسوف الحقيقى لابد أن يكون له موقف من الإنسان والمجتمع والكون.

الفلسفة والتعليم ومواجهة التهميش

كيف يتلقى طلاب هذا الزمان الفلسفة؟ الآن تمر الفلسفة بمحنة. ما السبب؟
‎القرارات التى صدرت بإلغاء الفلسفة فى الثانوية العامة. ‎هذا الأمر أدى لفرار الطلاب من الفلسفة، ووصلت نسبة القبول فى أقسام الفلسفة بالجامعات صفرا، ووصل الأمر إلى أن الالتحاق بقسم الفلسفة كان مقصورا على الطلبة المفصولين من الكليات ولا يجدون لهم أقساما. أندد بما جرى من تهميش وازدراء للفلسفة، لأنه يتعارض مع الطبيعة الإنسانية.

كيف؟ الطفل الصغير يسأل ببراءة: «أنا جيت منين؟»
‎فيرد الأب والأم: إحنا اللى خلفناك.
فيسأل: وانتوا جيتوا منين؟
‎فيردان فى النهاية: ربنا اللى جابنا كلنا.
‎فيسأل ببراءة: ومين جاب ربنا؟.. ‎هذا سؤال ميتافيزيقى لطفل صغير.‎ الفكر والميتافزيقا موجود بالفطرة لدى الإنسان. ‎ستظل الفلسفة ما بقى إنسان على وجه الأرض، ومشكلتنا أننا نقمع أطفالنا ولا نتجاوب مع أسئلتهم برحابة، فيتوقف قدرتهم على التساؤل

رؤية لتجديد الفلسفة في المجتمع

فى أى سن تقترح تدريس الفلسفة؟ من الابتدائي، ويجب أن يكون هناك مراحل لتدريسها، البداية تكون فى مساعدة الطفل وتشجيعه على التساؤل: ما الحرية؟ ما العدالة؟ ما الكذب؟

كيف ترى واقع الفلسفة فى زمن التواصل الاجتماعي؟ هو زمن قائم على السرعة والتسطيح، والفلسفة تحتاج إلى تأنٍ، وتأمل.

برأيك ما العصر الذهبى للفلسفة فى مصر؟ قبل عام 1952، ‎كان هناك طه حسين وعبدالرحمن بدوى وسواهما، ‎كان يوجد فكر وحرية.وهذا هو جوهر الفلسفة.

بقلم إيمان سامي عباس

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00