العلاقات لا تفسدها الخلافات… بل يفسدها غياب الأدب في الحوار

العلاقات لا تفسدها الخلافات… بل يفسدها غياب الأدب في الحوار

 

 

أصبحت العلاقات في عالم يمضي بسرعة الرسائل النصية والرموز المختصرة صعبة المنال، وسريعة التباعد وسوء الفهم، كما أصبحت أدبيات التخاطب عملة نادرة رغم أنها المفتاح الحقيقي لاستمرار أرقى العلاقات وأكثرها صدقًا.

 

بقلم: سامية البابلى

أن العلاقات أصبحت هشة وسريعة الكسر لأنها تفتقد الحوار المباشر والتواصل الإنساني الحقيقي.، وقد تنتهي العلاقات فجأة دون سابق إنذار أو توضيح، بسبب غياب التواصل السليم،أو بسبب رسائل غير مفهومة، أو ردود مختصرة تحمل أكثر من معنى.

أي أن الناس قد يتباعدون أو يبتعد أحدهم عن الآخر دون أن يكون هناك حديث صريح أو مواجهة واضحة، بل ربما بسبب سوء فهم بسيط حدث عبر رسالة مكتوبة، أو تأويل خاطئ لكلمة، أو نبرة غير واضحة في النص.

لاتهدم جسرا بنيته بالمحبة

حين يسكن في قلبك معزة حقيقية لأحد، حافظ عليها بأدب التواصل، لا تجرحها بعتاب مكتوب، ولا تُسرب مرارة عبر منشور فيه تلميح، ولا تهدم جسرًا بنيته بالمحبة بكلمة غضب لحظية في مكالمة هاتفية. فالأرواح لا تُرمم بسهولة حين تُخدش بالكلام.

أين المشكلة إذن؟!

قد لا تكون المشكلة في الاختلافات، بل في الطريقة التي نُعبّر بها عنها. فالخلاف لا يعني الفراق إن أحسنّا الأدب، لكنه قد يكون شرارة النهاية إن أطلقنا لألسنتنا العنان دون ضابط من الرحمة والتريث.

 

فأعظم أسلوب يحفظ العلاقة الودية العزيزة هو لقاءهم وجها لوجه في حوار هادئ متعقل بنية صافية، ونبرة هادئة، ونظرة عين فيها احترام،وهذا قادر على حل أعقد المسائل …ففى اللقاء المباشر تُسمع النوايا لا الكلمات فقط، ويُفهم القلب لا النصوص وحدها… فأغلب ما يقطع العلاقات سوء الفهم والإنفعالات المندفعة والأحكام الجاهزة وسوء الظن وأغلبها تأتي من التواصل غير المباشر…

كم من علاقات انطفأت لأنها لم تُعالج في وقتها!

وكم من قلوب انكسرت بسبب سوء الظن والتأويل القاسي!

كل ذلك لأننا استبدلنا الدفء الإنساني ببرودة الشاشات، ونسينا أن وراء كل رسالة نفس تنتظر الاحتواء لا الإدانة.

حافظ على من تحب

لا تترك مساحة للفراغ أن يتكلم بالنيابة عنك، ولا تُحمّل الكتابة ما لا تحتمله القلوب. أدّب لسانك إن ثار، وأجّل العتاب إن كنت غاضبًا، ولا تقل شيئًا يشعرك بالندم عليه حين تهدأ.

فالعلاقة العزيزة لا تُقاس بطول المدة، بل برقيّ التخاطب فيها.

والقلوب الطيبة لا تُجيد القطيعة، لكنها تتألم بصمت حين يُساء فهمها.

 

اللهم ألّف بين قلوبنا، واغرس فينا لطف الكلمة، ونقاء النية، وحُسن الظن. اجعلنا ممن إذا اختلفوا، لم يظلموا، وإذا عاتبوا، لم يجرحوا، وإذا غضبوا، لم ينسوا الحب الذي كان. واجعلنا ممن يزرعون الجمال في العلاقات كما يزرعون الزهر في الطرقات… صامتًا لكنه يبث عبقًا لا يُنسى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Related posts

التقاعد المبكر في عالم متغير: فرص وتحديات

الزواج بين الواقع والتوقعات: لماذا تفشل قصص الحب بعد الزواج؟

ريشة عالمية بإيادي عربية ..رؤيه فنيه لإبراز جمال بلدنا