الرئيسية » الصبر يتطلّب التأني والثقة لأن الثمار الطيبة تستحق الانتظار

الصبر يتطلّب التأني والثقة لأن الثمار الطيبة تستحق الانتظار

by وفاء عبد السلام
0 comments

 

بقلم / نولا رأفت

القوة في الصبر، حين تقاتل بصمت وتبتسم رغم الوجع، هي قوة داخلية عظيمة تتطلب التأني والهدوء النفسي على أملٍ ويقينٍ بأن كل الأمور ستصبح أفضل، لأن الثمار الطيبة تستحق الانتظار وتستحق المعافرة. فالصبر ليس استسلامًا أبدًا، بل هو تدريب وتأهيل على ضبط النفس، واستثمار الوقت بحكمةٍ وتعقّل.

الصبر ليس ضعفًا كما يظنه البعض، وليس استسلامًا أو عجزًا، بل هو أعلى درجات القوة الإنسانية. أن تصبر لا يعني أن تتنازل عن حقك، بل أن تختار التوقيت الصحيح للمواجهة. أن تكتم ألمك لا خوفًا، بل وعيًا بأن الصخب لا يغيّر شيئًا، وأن النضج هو أن تنتصر دون أن تُحدث ضجيجًا.

الصبر معركة لا يراها أحد

الصبر لا يُقاس بعدد الأيام، بل بمدى الصراع الذي تخوضه داخلك كل يوم لتبدو بخير. أن تستيقظ رغم الإرهاق، وتبتسم رغم الخيبة، وتواصل الطريق رغم الخسارة — تلك بطولة لا تراها العيون.
الصبر هو صراع داخلي بين قلبٍ يريد أن ينهار، وعقلٍ يقول: تماسك، ما زال في الغد أمل.

الصبر لا يعني السكوت

الصبر ليس أن تبتلع الإهانة أو تتقبل الظلم، بل أن تملك وعيًا كافيًا لتعرف متى تتحدث ومتى تنتظر.
الصبر الواعي لا يقتل الكرامة، بل يحفظها من الانفعال. فليس كل ردّ فعل انتصارًا، ولا كل صمت ضعفًا؛ أحيانًا يكون الصبر أقوى من أي كلمة.

الصبر امتحان للحكمة

كل تجربة مؤلمة تمرّ بك تحمل رسالة خفية. ربما تُعلّمك أن تثق بقدرة الزمن على الشفاء، أو أن تدرك أن بعض الطرق تُغلق لأنك تستحق طريقًا أفضل.
الصبر ليس انتظارًا سلبيًا، بل هو إيمان بأن لكل وجعٍ نهاية، ولكل ضياعٍ حكمة، ولكل تأخيرٍ توقيتًا إلهيًا لا يخطئ.

الصبر في العلاقات والحياة

ما أروع العبارات الدلالية لمعاني الصبر، مثل: على قدر الصبر يأتي الجبر، وخلف الصبر أشياء جميلة، فاصبر.
ويُقال: الصبر عند المصيبة يُسمى إيمانًا، وإذا كان الصبر مرًّا فعاقبته حلوة.
فهو يدفع الإنسان إلى المقاومة وإثبات الذات.

في زمن السرعة، أصبح الصبر عملة نادرة؛ نريد النتائج فورًا، والعلاقات المثالية دون جهد، والحياة دون تعب.
لكن ما يُبنى بسرعة ينهار بسرعة. الصبر هو ما يمنح الأشياء قيمتها، والوقت هو ما يمنحها معناها. فكل شيء جميل يحتاج إلى وقتٍ كي يزهر.

في النهاية…

القوة ليست في أن تكسر الجدار، بل في أن تظل واقفًا أمامه حتى ينهار وحده.
القوة في أن تظل مؤمنًا رغم الخيبات، وأن تزرع الأمل في قلبٍ موجوع، وأن تقول الحمد لله وأنت لا ترى سوى العتمة.

فالصبر لا يصنع المعجزات فقط… بل يصنع الإنسان نفسه.
الصبر والثقة فضيلتان مترابطتان تُعزّزان القوة الداخلية لتحمّل صعوبات الحياة.
الصبر هو القدرة على مواجهة الشدائد دون شكوى أو يأس.

ومن أجمل ما كُتب عن الصبر: إنما الصبر صبران، صبرٌ على ما تحب وصبرٌ على ما تكره.
فحياتنا كأمواج البحر بين مدٍّ وجزر، بين فرحٍ وحزن، فتمسّك بقارب الصبر، فكل الأوجاع ستنتهي حين يأذن لها ربك.
فقط مزيدًا من الصبر…
فإذا استطعت الصبر، فقد أنجزت نصف مشكلات الحياة، ومن أتقن الصبر الجميل جاءه كل ما كان يظنه مستحيلًا.

You may also like

Leave a Comment

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00