السعودية تضيء سماء الفيزياء: أولمبياد آسيوي بمشاركة 30 دولة
في خطوة جديدة تؤكد حضور المملكة العربية السعودية المتنامي في المشهد العلمي الدولي، تستعد مدينة الظهران لاحتضان فعاليات النسخة الـ25 من أولمبياد الفيزياء الآسيوي لعام 2025 (APhO)، خلال الفترة من 4 إلى 12 مايو المقبل، بمشاركة 240 طالبًا وطالبة من 30 دولة آسيوية، يمثلون نخبة من ألمع العقول الشابة في مجال الفيزياء.
كتب: هاني سليم
حدث علمي دولي لأول مرة في السعودية
لأول مرة في تاريخ المسابقة، تحظى المملكة بشرف استضافة هذا المحفل العلمي رفيع المستوى، الذي يُعد من بين أبرز المنافسات الدولية المخصصة لطلبة المرحلة الثانوية الموهوبين في الفيزياء. ويأتي تنظيم هذه النسخة تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الدؤوب في دعم التعليم النوعي والابتكار.
يتشارك في تنظيم الفعالية ثلاث جهات وطنية بارزة هي: وزارة التعليم، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فيما تتولى شركة أرامكو السعودية الرعاية الحصرية للحدث، في تأكيد على الشراكة المثمرة بين القطاعين العام والخاص لدعم التميز العلمي.
من إندونيسيا إلى الظهران: رحلة تطور الأولمبياد
تعود بدايات أولمبياد الفيزياء الآسيوي إلى عام 1999، حيث أُقيمت النسخة الأولى في إندونيسيا بمشاركة 12 دولة فقط. ومنذ ذلك الحين، تطور الحدث ليُصبح منصة عالمية للموهوبين في القارة الآسيوية، ويجمع نخبة من الطلبة الذين برزوا في الأولمبيادات الدولية للفيزياء.
الترشيح للمشاركة في هذا الأولمبياد لا يتم عشوائيًا، بل يخضع لآلية دقيقة تعتمد على نتائج الطلبة التراكمية في مراحل التدريب النظري والعملي المكثف، حيث يتم اختيار الفريق المشارك بناءً على أدائه في المرحلة الرابعة من التدريب، التي تتضمن اختبارات دقيقة تحاكي مستوى التحدي المتوقع في الأولمبياد.
المملكة والتميز العلمي: مشاركة وإنجازات
دخلت المملكة غمار هذه المنافسة الدولية لأول مرة في عام 2012، ومنذ ذلك الحين تمكنت من حصد 16 جائزة دولية مرموقة، ضمن رصيدها الإجمالي البالغ 854 جائزة من مختلف الأولمبيادات العلمية الإقليمية والدولية. هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة استراتيجية وطنية واضحة لرعاية الموهوبين وتعزيز التعليم التخصصي في مجالات STEM.
ويُعد هذا التراكم النوعي في الجوائز والشراكات العلمية تتويجًا لجهود مؤسسات تعليمية مثل “موهبة”، التي تعمل على اكتشاف ورعاية وتطوير قدرات الطلبة السعوديين من مراحل مبكرة، من خلال برامج تأهيلية ومنافسات تدريبية متقدمة.
تصريحات رسمية: السعودية شريك موثوق في تنظيم المحافل العلمية
وفي تصريح له بهذه المناسبة، أكد رئيس اللجنة التنظيمية للأولمبياد الدكتور بدر المجرذي أن استضافة المملكة لهذا الحدث العلمي الكبير تعكس مكانتها العالمية المتنامية في ميدان العلوم، مشيرًا إلى أن هذا النجاح لا يأتي فقط من القدرات اللوجستية، بل من الإيمان العميق بقيمة الإنسان والمعرفة، والدور المحوري للموهبة في بناء المستقبل.
وأضاف أن تنظيم الأولمبياد في رحاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن — إحدى أعرق المؤسسات الأكاديمية في المنطقة — يعكس الاحترافية والتكامل بين المؤسسات التعليمية والحكومية والخاصة، في مشهد يعزز من ثقة المنظمات الدولية بالمملكة كوجهة مثالية للمناسبات العلمية الكبرى.
الاستمرارية في استضافة الفعاليات العالمية
لم تكن هذه هي التجربة الأولى للمملكة في تنظيم منافسات علمية على هذا المستوى؛ ففي يوليو 2024، استضافت الرياض النسخة الـ56 من أولمبياد الكيمياء الدولي، بمشاركة 333 طالبًا وطالبة من 90 دولة تمثل مختلف قارات العالم. وقد حظي ذلك الحدث بإشادات واسعة من الوفود والمنظمات الدولية، في دلالة على مكانة السعودية الصاعدة كوجهة علمية عالمية.
رؤية السعودية 2030: العلم في صميم التحول الوطني
تأتي هذه الاستضافات في إطار رؤية المملكة 2030، التي تُولي أهمية بالغة لتطوير رأس المال البشري، ودعم التحول نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والتقنية. وتسعى المملكة من خلال هذه الفعاليات إلى بناء قاعدة علمية صلبة، وإلهام جيل جديد من العلماء والباحثين، وتمكينهم من المنافسة على الساحة العالمية.
فأولمبياد الفيزياء الآسيوي ليس مجرد مسابقة، بل هو مختبر فكري وميداني يُعدّ الطلبة لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، ويعزز ثقافة البحث والتجريب والتفكير النقدي، وهي مهارات باتت ضرورة في العصر الحديث.
