حققت المملكة العربية السعودية إنجازًا لافتًا في قطاع السياحة، بعد أن سجلت وزارة السياحة نموًا ملحوظًا بنسبة 32% في أعداد تراخيص خدمات السفر والسياحة المُصدرة في مختلف مناطق المملكة خلال عام 2024، مقارنةً بعام 2023، حيث ارتفع عدد التراخيص ليصل إلى 2,853 ترخيصًا مع نهاية العام، وهو ما يعكس حيوية المشهد السياحي وتطور البيئة الاستثمارية في هذا القطاع الواعد.
ووفقًا للتقارير الرسمية الصادرة عن وزارة السياحة، احتلت منطقة الرياض صدارة المناطق السعودية من حيث عدد تراخيص خدمات السفر والسياحة، حيث بلغ إجمالي التراخيص الصادرة بها 955 ترخيصًا، ما يرسخ مكانة العاصمة كمركز أعمال وسياحة متطور يجذب المستثمرين والمشغلين في هذا المجال.
السعودية تسجل قفزة 32٪ في تراخيص السفر والسياحة خلال 2024
وجاءت منطقة مكة المكرمة في المرتبة الثانية بعدد تراخيص بلغ 792 ترخيصًا، وهو رقم يعكس حيوية قطاع السياحة الدينية والترفيهية في المنطقة، خاصة مع استضافة مكة لملايين الزوار سنويًا لأداء مناسك الحج والعمرة، إلى جانب تطور البنية التحتية السياحية الحديثة.
كما سجلت المنطقة الشرقية حضورًا قويًا بحصولها على 472 ترخيصًا، تلتها منطقة المدينة المنورة بـ191 ترخيصًا، ثم منطقة القصيم التي سجلت 116 ترخيصًا، مما يدل على تنامي الطلب والاستثمار في خدمات السفر والسياحة ليس فقط في المدن الكبرى، بل في مختلف مناطق المملكة.
ويأتي هذا النمو انسجامًا مع جهود وزارة السياحة السعودية في تطوير بيئة تنظيمية فعالة ومحفزة للاستثمار في قطاع السياحة، حيث ينص نظام السياحة على أن نشاط خدمات السفر والسياحة يشمل تقديم وتنظيم كافة الخدمات المتعلقة بالسفر والترفيه والسياحة داخل المملكة وخارجها.
وتتضمن هذه الخدمات بيع وتنسيق الرحلات السياحية، وتوفير تذاكر السفر، وتسويق البرامج السياحية للشركات المرخصة، إلى جانب تقديم خدمات استخراج التأشيرات السياحية وتسهيل إجراءات السفر، وترتيب خدمات الأنشطة السياحية والإقامة في مرافق الضيافة عبر الحجز المباشر أو الإلكتروني.
كما يعرّف النظام مكتب خدمات السفر والسياحة بأنه المكان أو المنصة الرقمية التي يزاول من خلالها المرخص له نشاطه، وهو ما يواكب التحولات الرقمية التي يشهدها القطاع حول العالم، حيث لم تعد المكاتب التقليدية وحدها قادرة على تلبية احتياجات المسافرين في ظل تزايد الاعتماد على التطبيقات والمنصات الرقمية.
وفي تعليقه على هذا التطور، أوضح المتحدث الرسمي لوزارة السياحة، محمد الرساسمة، أن الارتفاع المتزايد في عدد التراخيص الممنوحة خلال 2024 يأتي نتيجة مباشرة للاستراتيجية الشاملة التي تنتهجها الوزارة لتمكين المشغلين في قطاع السفر والسياحة، وتسهيل الإجراءات التنظيمية المرتبطة بالحصول على التراخيص اللازمة.
وأكد الرساسمة أن الوزارة تبذل جهودًا حثيثة لرفع جودة الخدمات السياحية المقدمة داخل المملكة، في ظل الطفرة الواضحة في أعداد السياح سواء من داخل السعودية أو خارجها، وهو ما يحفز بشكل مباشر قطاع الأعمال السياحية على تطوير خدماته، والالتزام بالمعايير العالمية التي تضمن تجربة سياحية آمنة ومميزة للزوار.
وأشار الرساسمة إلى أن أحد أهم العوامل التي أسهمت في تعزيز الثقة بين الوزارة ومشغلي الخدمات السياحية هو إطلاق حملة “ضيوفنا أولوية”، التي تهدف إلى تعزيز التزام كافة مقدمي خدمات السفر والسياحة باشتراطات الجودة والمتطلبات التي حددها نظام السياحة السعودي ولوائحه التنفيذية.
وتهدف الحملة إلى رفع الوعي لدى المستثمرين والعاملين في قطاع السياحة، وتحفيزهم على تبني أفضل الممارسات العالمية، بما يتماشى مع تطلعات المملكة إلى تحويل السياحة إلى رافد اقتصادي أساسي ضمن رؤية السعودية 2030، التي تضع قطاع السياحة كأحد محركات التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل الوطني.
وتأتي هذه المؤشرات الإيجابية في وقت تواصل فيه المملكة تحقيق قفزات نوعية في مجال السياحة، مدفوعة بمشروعات ضخمة مثل “نيوم”، و”القدية”، و”العلا”، وموسم الرياض، إلى جانب حملات الترويج العالمية التي أسهمت في وضع المملكة على خريطة السياحة العالمية كوجهة ثقافية وترفيهية متكاملة.
كما تبرز الأرقام الصادرة عن وزارة السياحة أن السوق السعودي بات بيئة خصبة للابتكار والتنافسية في تقديم الخدمات، خاصة مع تسهيل إجراءات الترخيص عبر بوابة إلكترونية متكاملة، تتيح للمستثمرين والمهتمين بالدخول لهذا القطاع بدء النشاط بأقل وقت وجهد، ما يعكس سعي الوزارة لتحويل السعودية إلى مركز جذب سياحي عالمي.
ومع استمرار نمو أعداد السياح، واستحداث المزيد من الفرص الاستثمارية، يبدو أن قطاع السفر والسياحة في المملكة ماضٍ في ترسيخ مكانته كأحد أعمدة الاقتصاد السعودي خلال السنوات المقبلة، بما يتماشى مع طموحات رؤية 2030 في الوصول إلى أكثر من 150 مليون زيارة سياحية سنويًا بحلول نهاية العقد.